يديعوت أحرونوت ــ عوزي أراد
إيران أوّلاً: التركيز على مواجهة أحمدي نجاد قبل الدستور والتسوية

عام 2008 قد يكون منعطفاً حاسماً لكل ما يتعلق بتسلّح إيران النووي. الولايات المتحدة تدخل في وضع تطالب فيه، مع بريطانيا وفرنسا، باستخدام القوة ضد النشاطات الإيرانية النووية. بالإضافة إلى ذلك، في الآونة الأخيرة تتكاثر في الولايات المتحدة الأصوات التي تؤيّد العملية العسكرية على إيران بسبب دورها في العراق، التي تعدّه واشنطن مبرراً لمهاجمة أهداف «للحرس الثوري»، قد تكون حافزاً ومسرّعاً لعملية عسكرية أوسع نطاقاً.في المقابل، من الممكن أن تدّعي إيران، خلال أشهر، أنها قد استكملت تركيب البنية التحتية المطلوبة لإنتاج المواد النووية، وأن تقرّ الوكالة الدولية للطاقة بأن المسألة قد أصبحت حقيقة ثابتة. إذا حدث ذلك، ستتزايد الأصوات التي تدّعي بأن مطلب الامتناع عن إنتاج المواد المستنفدة قد أصبح مفارقة زمنية متقادمة. وسيكون هناك من يضيف أن من المحتمل أن تكون إيران قد حصلت على المواد المستنفدة من جهة خارجية.
كل هؤلاء سيقولون إنه يتوجّب التسليم والقبول بقدرة إيران النووية، وأن العقوبات الحالية قد أصبحت بلا داعٍ، بعدما «فرّ الحصان من الحظيرةأي طرف سيتغلب على الآخر في هذا الجدل. الذين يُسلّمون بالقنبلة النووية الإيرانية أم المتكيّفون؟ لا أحد يعرف. في الآونة الأخيرة، فُهم من أقوال الرئيس الأميركي جورج بوش أن قضية التهديد الإيراني ستنتقل إلى خلَفه في البيت الأبيض، وكما نُقل أيضاً، يتحفظ وزيرا خارجيته ودفاعه على عملية عسكرية الآن.
في ظل كل هذه الأمور، من الواضح أن هناك حاجة الآن إلى تطوّع حثيث جداً من قبل إسرائيل للتأثير على مجريات الأمور. من الجيّد أن وزارة الخارجية تقوم بحشد كل طاقاتها للارتقاء إلى مستوى هذه المسألة، سياسياً ودبلوماسياً، وأن الجيش الإسرائيلي موجود في فترة تعزيز قدراته.
ورغم الحاجة إلى الوحدة وتركيز الطاقات تجاه المسألة الأساسية، تُطرح على جدول الأعمال الوطني مسائل مبدّدة للوقت والموارد السياسية، مثل المراهنة على طرح الدستور على الطاولة هذه السنة. لماذا الاستعجال في مثل هذه المرحلة الحساسة، حيث يعتقد أن الاختلاف على القضايا الدستورية قد يشرذم الطاقات؟. والأسوأ من ذلك، أنه يتبين من خلال مساعي بلورة دستور للبلاد، يكون مقبولاً لمواطني إسرائيل العرب، أن صياغات تتبلور من شأنها أن تقلّل من طابع كون إسرائيل وطناً قومياً للشعب اليهودي.
كذلك فإن التركيز الاضطراري على قضايا التسوية الدائمة مع الفلسطينيين يتسبب بدفع ثمن لا بأس به، ويشرذم الجهود الوطنية، ويزيد من نقاط الاختلاف الشعبية. كما يتبين أن أبو مازن «الضعيف»، قد ينتزع منّا صياغات تنازلية تضعف من المبادىء الأساسية لدينا، وتقبل بخطوط حزيران 1967، بدلاً من «حدود قابلة للدفاع»، كما التزم بوش لشارون.
التركيز المكثف على هذه المسائل في هذه الفترة التي يكتسب فيها التهديد الإيراني المزيد من النماء والتعاظم، سيزيد من الفرقة، وبذلك يصبّ في مصلحة أحمدي نجاد الساعي إلى إزالة الدولة اليهودية عن الخريطة.
يجب أن نأمل أن تتعقّل حكومة إسرائيل، وأن تنجح في التركيز على مواجهة المسألة الأكثر حساسية من المسائل كلها، وهي مواجهة التهديد الإيراني. وإذا تطلّب الأمر تحركات خارج هذه المسألة أيضاً، فمن المحظور أن تقف عند حدود الأوراق والصياغات والكلمات. يجب أن تتركز الجهود على العمل المرهق والبنّاء لإقامة الأجهزة الحيوية بالنسبة لإسرائيل: تعزيز قوة الجيش ودعم الاقتصاد وتطوير التربية والتعليم. بذلك سيُنصب سدّ آخر أمام آمال أحمدي نجاد وأمام التهديد الإيراني المقبل.