strong>محمد بدير
تراكمت أمس المؤشرات الدالة على أن تل أبيب تُجهّز جبهتها الداخلية للجولة المقبلة من المواجهة، أبرزها إعلان الجيش الإسرائيلي نيّته البدء بإعداد الإسرائيليين
لمواجهة الحرب وتعرضهم لتساقط الصواريخ

كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن «قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي تعتزم البدء خلال الأيام القليلة المقبلة بحملة تهدف الى إعداد الإسرائيليين لمواجهة احتمال اندلاع حرب في المنطقة، وتعرض الجبهة الداخلية للقصف بالصواريخ»، مشيرةً الى أنه من ضمن الإجراءات المنوي اتخاذها «تجهيز مكان محمي (في المنازل) وإعادة توزيع الكمامات الواقية من الأسلحة غير التقليدية».
وأشارت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين وصفتهم بالرفيعي المستوى، إلى أنه «لم يجرِ رفع درجة الاستنفار أو الإنذار بقرب وقوع حرب»، وأن «الحملة التي تقوم بها الجبهة الداخلية (في الجيش الإسرائيلي) تأتي في إطار التهديدات الأميركية بتوجيه ضربة الى ايران، وفي أعقاب الجولة التي يقوم بها رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت الى عدد من الدول الأوروبية لإقناعها بضرورة فرض المزيد من العقوبات على ايران والوقوف عن قرب على موقفها اذا ما وجهت ضربة عسكرية لإحباط المشروع النووي الإيراني».
وقالت الصحيفة إن «حملة الجبهة الداخلية تهدف الى إعداد السكان الإسرائيليين لمواجهة إمكان تعرض اسرائيل للصواريخ، من خلال اختيار مجال محميّ (في المنازل) وتجهيزه بما يتناسب وزيادة الوعي لدى السكان في ما يتعلق بالمسؤولية الشخصية والعائلية»، مشيرة الى «إقامة مركز معلومات لتقديم الشروحات بواسطة الهاتف او عبر موقع إلكتروني أنشئ حديثاً، يشمل الكثير من المعلومات والإجابات عن تساؤلات محتملة».
وتابعت الصحيفة، نقلاً عن مصادر في الجيش الاسرائيلي، أنه طُلب أخيراً من السلطات المحلية والبلديات توصية السكان «بالتزود بالنايلون والأشرطة اللاصقة والمواد التموينية، وخصوصاً المعلّبة منها، إضافة الى التزود بجهاز راديو وبطاريات ومعدات لإطفاء الحرائق وحقيبة إسعافات أوليّة». لكن جرى التشديد، بحسب الصحيفة، على أن تجهيز الغرف الآمنة غير مقرر في المرحلة الحالية، شرط أن يجري إعداد ما يلزم لتجهيز هذه الغرف عند الحاجة، مشيرة الى أن الجيش الإسرائيلي طلب من السكان أيضاً «عدم الدخول في ضغط نفسي لأن عملية إعداد المواطنين للحرب تتعلق بمواجهة كل السيناريوهات المحتملة، رغم عدم وجود معلومات تشير الى حرب وشيكة».
وكانت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي قد ذكرت مطلع الشهر الجاري أنه تم إرجاء توزيع نشرة توجيهية على السكان في حال تعرضهم لهجوم بصواريخ غير تقليدية خشية إثارة قلقهم وخصوصاً في ظل التوتر مع دمشق، بعدما أكدت اسرائيل في الثاني من تشرين الأول أنها شنت في بداية أيلول غارة جوية على موقع عسكري في سوريا.
وتُذكّر حملة المناورات التي يعد الجيش لها على صعيد الجبهة الداخلية بحملة مماثلة حصلت عشية حرب الخليج الأولى عام 1991. وقد تلقى المستوطنون والسلطات المحلية في حينه أوامر للتزود بالمعدات المذكورة نفسها وإغلاق منافذ المباني بواسطة النايلون خشية تعرض اسرائيل لصواريخ عراقية تحمل رؤوساً كيميائية او بيولوجية. وقد خصصت قيادة الجبهة الداخلية آنذاك حصصاً مدرسية للطلاب وبرامج تلفزيونية على مدار الساعة توضح كيفية استعمال الأجهزة، واختيار الزاوية الملائمة اثناء الحرب، وما الذي يمكن فعله إذا أصيب المواطن بغاز الخردل أو غاز الأعصاب.
وأكد الجيش الإسرائيلي هذه التحضيرات من دون الدخول في تفاصيل الحملة التي لن تطلق إلا بقرار من الأوساط السياسية. وقال متحدث باسم الجيش إنه «في إطار الدروس التي استخلصناها من الحرب الثانية على لبنان، وضع الدفاع المدني نهجاً جديداً يتمحور حول حملة توعية ليكون السكان مستعدين مسبقاً لمواجهة أي حالة طارئة».
وقال مسؤولون في قيادة الجبهة الداخلية إن استطلاعات رأي جرت أخيراً أظهرت أن الجمهور في إسرائيل ليس مستعداً بما فيه الكفاية لاحتمال نشوب حرب.
ولفتت «يديعوت أحرونوت» إلى أنه في أعقاب حرب لبنان الثانية أقامت الحكومة الإسرائيلية «سلطة طوارئ وطنية» تابعة لوزارة الدفاع.
كذلك جرى ترميم الملاجئ لكن 40 في المئة من السكان يفتقرون لحماية مناسبة من هجمات صاروخية قد تتعرض لها إسرائيل.
ولم تتخذ السلطات الإسرائيلية حتى الآن قراراً بخصوص منطقة خليج حيفا الذي يعج بالمصانع الكيميائية الكبيرة والخطيرة، وبينها مصافي النفط وما إذا كان سيتم تحصين هذه المنطقة أو إخلاؤها من المواد الخطيرة.
وأشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن الحملة الراهنة طالت مطار بن غوريون الدولي، حيث قالت صحيفة «معاريف» إن سلطات المطار الدولي الرئيسي في إسرائيل تلقت أخيراً طلباً بإعداد خطة طوارئ تحاكي شن هجوم صاروخي عليه. ومن بين المناورات التي تم تنفيذها في المطار أمس عمليات إجلاء عشرات آلاف المسافرين وكيفية توجيه الطائرات التي هي في طريقها إلى إسرائيل نحو تركيا أو قبرص في ظل الهجوم وكيفية استخدام المدرجات في حال تعرضها للإصابة.
وفي سياق متصل، أفادت صحيفة «يديعوت احرونوت» أن وزير الدفاع ايهود باراك قرر إعادة توزيع الأقنعة الواقية على الإسرائيليين، خلافاً لتوصية كانت لجنة رسمية قد تقدمت بها في وقت سابق تقضي بجمعها من البيوت وإعادة تخزينها في مستودعات خاصة. وأوضحت الصحيفة أن قرار باراك اللافت مرتبط بحالة التوتر السائدة مع سوريا، مشيرة إلى أن وزير الدفاع يعتقد أن توصيات «لجنة ليفني»، التي تألّفت في أعقاب غزو العراق عام 2003، كانت «صحيحة لفترة مختلفة، حيث احتمالات الحرب فيها ضئيلة». وأضافت إن باراك يرى أنه «في أوقات الطوارئ لن يكون هناك متسع من الوقت لدى الأذرع الأمنية المعنية لتوزيع الكمامات مجدداً، ولذلك على المواطنين الاحتفاظ بها في بيوتهم».