حيفا ــ فراس خطيب
طوت إسرائيل أمس سنتها العبرية، التي كانت شاهدة على إخفاقات كثيرة لأطقمها السياسية والعسكرية، أبرزها استقالة رئيس الأركان دان حالوتس في أعقاب فشل العدوان على لبنان، في وقت لا يزال فيه الجيش يجهد لتحسين صورته. كما كان العام شاهداً على نهاية تراجيدية لـ«قصة نجاح» وزير الدفاع السابق رئيس حزب «العمل» عامير بيرتس، وتدنٍّ غير مسبوق في شعبية رئيس الحكومة إيهود أولمرت، في ظل تصاعد حدّة التوتّر مع سوريا.
كان العدوان على لبنان، رغم انقضائه في السنة العبرية ما قبل الماضية، حاضراً في أفق الأحداث السياسية، فلم يبق من أولمرت وبيرتس وحالوتس، «ثالوث العدوان»، إلا أولمرت، وفي أفقه تقرير «فينوغراد» سيصدر مستقبلاً، رغم ما يلفه من معمعة، ليبشّر، حسبما يراه المعلقون، بانتخابات برلمانية جديدة تكون السادسة منذ عام 1996.
هناك من رأى أن أولمرت «رجل السنة العبرية المنتهية»، ليس نتيجة «قيادته الفذة»، بل لـ«قدرته على الصمود» في وجه الانتقادات والشعبية المتدنية التي لم يشهدها رئيس حكومة من قبله.
كانت السنة العبرية المقضية من أصعب السنوات على أولمرت، نتيجة ما خلّفه العدوان على لبنان: شعبية متدنية إلى حد الحضيض، ولائحة اتهام حول قضايا فساد مالي، وحرب طاحنة مع مراقب الدولة القاضي المتقاعد ميخا لندنشتراوس، وخلاف مع موظفين كبار في المؤسسات الحكومية، واعتراف موظفين كبار في مكتب رئيس الوزراء بأنَّ وضعه «ميؤوس منه»، وتحقيق مع مقربيه بتهم فساد مالي.
لم يلتفت أحد من المعلقين السياسيين إلى «قدرته على القيادة». كلّهم مدحوه على «قدرته على الصمود في وجه الفضائح». وكتب يوفال كارني في «يديعوت أحرونوت» «إذا كانت هناك معجزات في السياسة، فإنَّ أولمرت خير مثال على هذه المعجزات».
وشهدت السنة العبرية الماضية أيضاً نهاية تراجيدية لعامير بيرتس في أعقاب الفشل الأكبر في «حرب لبنان الثانية». ماطل في تحمّل المسؤولية. حاول عبثاً أن يثبت أنَّ «إسرائيل ربحت الحرب». لكنَّ هذا لم يسعفه. تحوّل بيرتس من قصة «نجاح» إلى قصة معاكسة تماماً.
هذا الرجل، اليهودي الشرقي المغربي، اكتسح مؤسسات الحزب الأكثر «أشكنازية» في إسرائيل (العمل) وأطاح كبير «نسور الحزب»، شمعون بيريز، قبل أن يحقق نجاحاً في الائتلاف الحكومي من حيث الحصول على حقائب وزارية، من ضمنها حقيبة الدفاع، التي كانت أساس القضاء عليه.
كان الفشل الإسرائيلي في لبنان هو فشل بيرتس الشخصي. عاد ليكون عضو كنيست عادياً لا يلتفت إليه أحد. وزوجته، أحلاما بيرتس، ستسرق منه الآن ما بقي من أضواء، حيث تواردت أنباء عن أنها سترشح نفسها لرئاسة بلدية سديروت.
في هذا الوقت، عاد نجوم سياسيون قدماء إلى الساحة السياسية والعسكرية الإسرائيلية. أتت بهم حاجة الإسرائيليين إلى «إنسان مع رؤية عسكرية» لاستعادة «هيبة الردع». هكذا عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك إلى الحلبة السياسية، بعدما أمضى سنوات في سوق الأعمال الحرة، بنى خلالها ثروة بالملايين.
في مقابل عودة باراك إلى رئاسة حزب «العمل» ووزارة الدفاع، ازدادت قوة رئيس حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو، الذي استطاع أن يضع وزير الخارجية السابق سيلفان شالوم جانباً. على الأقل في هذه المرحلة.
خرج الجيش الإسرائيلي من العدوان على لبنان منهكاً ومتعباً. حرب كشفت عن آفاقات وعاهات موجودة في هذا الجسم العسكري الكبير. وحاول الجيش الإسرائيلي العمل على صعيدين: التخلص مما كان في حرب لبنان والنهوض بعد الإخفاقات. وقد شهد العام الماضي استقالات في الجيش الإسرائيلي على كل المستويات. بدأت بقائد المنطقة الشمالية أودي آدم، وتلاه كل من الضابطين غال هيرش وايرز تسوكرمان وانتهت باستقالة رأس الحربة دان حالوتس.
ديوان الرئاسة الإسرائيلي، الهادئ عادة من قلّة صلاحيات الرئيس، عاش في «السنة العبرية الماضية»، ضجة إعلامية، بعدما تورّط الرئيس السابق موشيه كتساف بقضايا تحرشات جنسية واغتصاب احتلت الصحف والتلفزيونات على مدى أشهر، انكشفت من خلالها تفاصيل جعلت من ديوان الرئاسة أقلّ احتراماً.
خرج كتساف من ديوان الرئاسة ليخلفه شمعون بيريز بعد فوزه على رؤوبين ريفلين وكوليت افيطال في الانتخابات. تحول بيريز من «الخاسر الأزلي» إلى «الرابح الأكبر»، بعدما كان فائزاً في الاستطلاعات فقط، وخسر أكثر من عشر معارك انتخابية.