هآرتس ــ الوف بن
بعد سبع سنوات من القمة الفاشلة في كامب ديفيد وست سنوات ونصف ستة من وقف المفاوضات في طابا، تعود إسرائيل إلى التحاور مع الفلسطينيين على تسوية سياسية. يدشن لقاء رئيس الوزراء ايهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس في أريحا اليوم الحوار على الدولة الفلسطينية المستقبلية.
مؤتمر واشنطن، الذي سيُعقد في بداية تشرين الثاني، يجعل الإطار والجدول الزمني هدفاً للمساومة بين الطرفين. وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس كلفتهما بواجبات في زيارتها الأسبوع الماضي: الوصول إلى صيغة سياسية متّفق عليها حتى مؤتمر واشنطن، ومواصلة المبادرات الطيبة والخطوات البانية للثقة في هذه الأثناء.
الزمن الطويل، الذي مرّ منذ تجميد محادثات السلام في بداية 2001، لم يشوّش الإحساس بالفشل ولم يضعف مخاوف الإسرائيليين والأميركيين من نتائج المخاطرة حيال الفلسطينيين. من بين قدامى المفاوضين في الجانب الإسرائيلي، بقي في السلطة الرئيس شمعون بيريز ووزير الدفاع ايهود باراك. وليس مصادفة أن كليهما أكثر شكاً من أولمرت ومن وزيرة الخارجية تسيبي لفني في تقدير فرص المسيرة المتجددة.
بيريز يعتقد أن غزة ضائعة بعد سيطرة «حماس»، وأن كل تسوية في الضفة يجب أن تتضمن الأردن أيضاً. أما باراك فيروّج للواقعية، ويوضح أن لا فرق مبدئياً بين «حماس» و«فتح». كلتاهما تريدان الشيء ذاته، ولا تختلفان إلا في طريقة العمل. الوزير حاييم رامون، الذي راكم آلاف الساعات من المحادثات مع الفلسطينيين، يقف في الوسط مع الانطواء الجزئي، لكنه يعطي فرصة للحوار.
في الآونة الأخيرة انشغلوا في القدس بخفض مستوى التوقعات، وبدأ ذلك في زيارة رايس. فقد سمع مضيفوها منها لهجة جديدة: بدل «أفق سياسي»، يتحدث الأميركيون الآن عن «المسائل الأساسية». في محادثاتها المغلقة اهتمت رايس بقدر أكبر بخطوات عملية على الأرض مثل إعادة بناء جهاز الأمن الفلسطيني، وتحدثت بعبارات أقل حسية عن المراحل التالية، التي يفترض أن تنشأ فيها الدولة الفلسطينية. كما أن رايس لم تكن واثقة بأن السعودية ستشارك في مؤتمر واشنطن مثلما يريد اولمرت.
وفي مكتب رئيس الوزراء حرصوا على التشديد: لا ينبغي قول «اتفاق مبادئ» بل «مبادئ متّفق عليها». للتعبيرين المدلول نفسه، إلا أن الأخير أقل إثارة للخوف. وحتى في الصيغة «المخفّفة» ستتعيّن المساومة مع الفلسطينيين على كل كلمة، لكن النتيجة ستظهر أقلّ إلزاماً وتتطلّب مفاوضات أقل تعقيداً من توقيع وثيقة مشتركة ومفصلة. «لا تبنوا توقعات في السماء»، حذرت مصادر مكتب المراسلين السياسيين.
وفي كل الأحوال، رايس سمعت هذا الأسبوع في القدس وفي رام الله عزفاً مختلفاً عن زياراتها السابقة. حتى لو كانت تعابير أولمرت مختلفة، فقد وافق على تبني الفكرة التي سبق لرايس وليفني أن طرحتاها قبل سنة، حين دعتا إلى الحديث مع المعتدلين الفلسطينيين عن التسوية السياسية. أولمرت يدعو إلى «مبادئ» كي يشدد على أن التنفيذ بعيد وموضع شك. في الجهة الأخرى وجدت رايس سلام فياض، الذي يعدّ في واشنطن الزعيم الفلسطيني الأكثر مصداقية. وأكثر من أي حدث آخر، أعطى تعيين فياض للأميركيين، الذين خاب أملهم من عباس غير مرة، الأمل في أن شيئاً إيجابياً تغيّر لدى الفلسطينيين.
حتى المؤتمر في واشنطن، ستمر المسيرة بمراحل عديدة. أولمرت وعباس سيعينان طواقم لمحادثات تفصيلية، رايس ستعود الى المنطقة على الأقل مرة أخرى. أما ليفني فستلتقي في الأمم المتحدة مع نظرائها العرب، الذين قد يوافقون على أن يظهروا معها علناً. وحسب التجربة، فإن المساومة الحقيقية لن تجري إلا في الساعات الأخيرة، حين يكون اولمرت وعباس في طريقهما إلى واشنطن.