strong>محمد بدير
دعـــوة إسرائيليـــة إلى إدارة بـــوش لمساعـــدة سوريـــا على التخلّـــص من «عنـــاق الـــدب» الإيـــراني

شُغلت وسائل الإعلام العبرية أمس بتقارير غير رسمية تحدثت عن «اقتناع الرئيس السوري بشار الأسد بوجوب جرّ إسرائيل الى حرب استنزاف» استغلالاً لهشاشة جبهتها الداخلية من جهة، واستباقاً لاحتمال شنها حرباً ضد دمشق في القريب من جهة أخرى، في وقت دعا فيه مسؤولون إسرائيليون الولايات المتحدة إلى تليين موقفها من النظام السوري بحجة أن يسعى إلى التخلص من «عناق الدب» الذي تمارسه عليه طهران.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن التقارير الجديدة مصدرها «محافل سورية ولبنانية» شاركت في لقاء «مثير للاهتمام» عقد في عاصمة أوروبية، برعاية وزارة خارجية تلك الدولة، وحضره مندوبون إسرائيليون رسميون، بينهم أعضاء كنيست، إضافة إلى شخصيات أكاديمية.
وبحسب الصحيفة نفسها، فإن «المحافل السورية واللبنانية» التي شاركت في المؤتمر، والتي يقيم بعضها «علاقات شخصية» بالأسد، قالت خلال اللقاء للمندوبين الإسرائيليين إن المعسكر المؤيد لإيران في سوريا نجح في إقناع الرئيس السوري بالمبادرة إلى شن حرب في الجولان. وأوضحت هذه المحافل أن السوريين يعتقدون أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية «هشة»، ولذلك يمكن استدراج تل أبيب إلى حرب استنزاف، وخاصة أن التقدير السائد في دمشق يرى أن «رد إسرائيل على عمليات مقاومة في الجولان سيكون محدوداً». ووفقاً لهذه المحافل، فإن السوريين يعتقدون أن إسرائيل لن تسمح لنفسها بإسقاط نظام الأسد خشية أن يحل مكانه نظام أكثر تطرفاً، رغم أنهم مقتنعون بأن «هناك فرصة لأن تهاجم اسرائيل سوريا في أيلول المقبل، بموازاة قرار الرئيس (الأميركي جورج) بوش مواصلة الطريق في العراق».
وأشارت «يديعوت» إلى أن الأحاديث التي جرت في هذا الشأن في اللقاء عززت «الخوف الكبير في إسرائيل من احتمال حصول سوء فهم بين دمشق وتل أبيب يؤدي إلى مواجهة بينهما، برغم أن أياً من الطرفين غير معني بذلك». ولفتت الصحيفة إلى رسائل التهدئة التي تبادلها الجانبان في الآونة الأخيرة والتي تشدد على «أن وجهتهما ليست نحو الحرب... حتى إن السوريين قرروا إلغاء مناورات الصيف هذا العام».
إلا أن إلغاء المناورات لا يلغي الانشغال السوري بالجبهة مع إسرائيل، بحسب الصحيفة التي أوضحت أن الضيوف اللبنانيين والسوريين في اللقاء قدّموا أدلة تشير إلى تنامي هذا الانشغال، بينها تقارير تحدثت عن صدور تعليمات إلى العمال السوريين بعدم السفر إلى لبنان والبقاء في سوريا بوصفهم جزءاً من التشكيل الاحتياطي في الجيش السوري. كذلك فإن «النظام السوري يقوم بحملة إعلامية حثيثة ضد الاحتلال الإسرائيلي ويقوم بمنح مخصصات مالية لعائلات الأسرى الدروز في الجولان، كما تمت المصادقة على إصدار صحيفة جديدة في سوريا تحمل اسم «الجولان»، وعلّقت لافتات كبيرة في الشوارع السورية موضوعها الجولان وإنشاء جمعية لتشجيع النشاطات المتعلقة بالجولان».
وفي السياق، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر سياسية إسرائيلية تقديرها أن سوريا تخشى من أن تكون العلاقات بينها وبين إيران بمثابة «عناق دب» إيراني يضر بالمصالح السورية. وقالت المصادر إن السوريين يوثّقون علاقاتهم بإيران لأن هذا هو أفضل شيء لديهم في هذه اللحظة، إلا أن «سوريا تحاذر التحول إلى تابعة لإيران، رغم أنها ترى فيها عمقاً أمنياً لها».
واستشهدت المصادر الإسرائيلية على صحة ادعاءاتها في شأن المخاوف السورية باختلاف اللهجة في التصريحات التي أدلى بها كل من الأسد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال زيارته إلى دمشق الشهر الماضي؛ «فخلافاً لأحمدي نجاد، الذي تحدث بشكل حازم عن صيف حار وعن هزيمة لأعداء المنطقة، فإن الرئيس السوري بشار الأسد حافظ على لهجة منضبطة وامتنع عن التصعيد اللفظي، حيث امتنع في المؤتمر الصحافي المشترك مع ضيفه الإيراني عن إطلاق تصريحات تصادمية وحافظ على مسافة (من الرئيس الإيراني) في لغة جسده».
وتابع المسؤولون الإسرائيليون أنه «كلما استمر التهديد الأميركي لسوريا، تعزّزت الأصوات في دمشق التي تدعو إلى التوجه لمقاومة عنيفة ضد إسرائيل، وعندها ستصل اللحظة التي لن تتمكن فيها سوريا من الخلاص من الحلف مع إيران، لكننا لسنا هناك بعد».
وقالت «هآرتس» إن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أنه إذا غيّرت الولايات المتحدة سياستها الداعية إلى عزل سوريا وقيادة نظامها فإن دمشق قد «تغيّر الاتجاه»، في إشارة إلى احتمال ابتعادها عن طهران. «لكن بينما تقيم الولايات المتحدة علاقة بالمعارضة السورية في الخارج، التي تضمّ أيضاً الإخوان المسلمين، الحركة المحظورة النشاط في سوريا، فإن التقديرات في اسرائيل ترى أن البدائل المحتملة لنظام الأسد لن تكون بالضرورة أفضل».
كذلك، تشير التقديرات الإسرائيلية، بحسب «هآرتس»، إلى أن سوريا تخشى هجوماً إسرائيلياً محتملاً، قد يكون ضد قافلة سيارات تحمل أسلحة لحزب الله أو هجوماً هدفه تصفية زعيم فلسطيني مثل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل المقيم في دمشق.
إلى ذلك، تطرق المسؤولون الإسرائيلييون، في تصريحاتهم إلى «هآرتس»، إلى ما ورد في خطاب الأسد أمام مجلس الشعب في شأن تجديد عملية السلام بين الدولتين ومطالبته بتعهد خطي إسرائيلي لانسحاب إلى حدود 1967.
وعقّب المسؤولون على ذلك بالقول إن رسالة الأسد في خطابه ليست بالضرورة «غير منطقية»، وخصوصاً أن إسرائيل أبدت في الماضي استعداداً للانسحاب إلى هذه الحدود. كما نوّه المسؤولون أنفسهم بأقوال الأسد عن أن «رسم الحدود بين الدولتين بشكل نهائي سيتم بواسطة مندوبي كلتا الدولتين»، وأشاروا إلى أنّ ذلك يعكس ليونة ما، وخاصةً أن «لا أحد يعرف مسار الحدود في حينه».

تشير التقديرات الإسرائيلية، بحسب «هآرتس»، إلى أن سوريا تخشى هجوماً إسرائيلياً محتملاً، قد يكون ضد قافلة سيارات تحمل أسلحة لحزب الله أو هجوماً هدفه تصفية زعيم فلسطيني مثل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل المقيم في دمشق