strong>محمد بدير
رئيس الأركان السابق تجاهل قبل 12 تموز تحذيرات من القيادة الشمالية تؤكّد «حتمية» حصول عملية أسر

كشفت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أمس بعض مضامين التقرير الجزئي الذي ستنشره لجنة فينوغراد الاثنين المقبل، مشيرة إلى أنه سيتضمّن انتقادات قاسية لرئيس الوزراء ايهود اولمرت، بسبب سوء تقديره في شن العدوان على لبنان الصيف الماضي، ولوزير الدفاع عامير بيرتس لكونه كان يفتقر الى المعرفة والخبرة ولم يحاول التعويض عنهما، ولرئيس الاركان دان حالوتس الذي استخف بتهديد صواريخ الكاتيوشا.
وأشارت القناة إلى انه بالرغم من قساوة التقرير، لم يدع أولمرت وبيرتس الى الاستقالة من منصبيهما. وستتركز الانتقاد لأولمرت، بحسب القناة، لأنه «اساء التقدير عندما اتخذ قراراً بشن الحرب على حزب الله وعمل بشكل متهوّر، ولم يكن هو من أدار الحرب بل قاده الجيش إلى ذلك».
وسيتضمن التقرير الاشارة الى أن اولمرت «لم يطلب من الجيش بدائل قبل اتخاذه القرار، ولم يوجه الاسئلة عن المراحل التالية من العملية والتي كان يُتوقع ان يسألها».
بدوره، سيكون لبيرتس، بحسب القناة نفسها، نصيبه من الانتقاد القاسي أيضاً، ذلك أن التقرير سيتضمّن الإشارة إلى «فقدانه الخبرة المطلوبة»، وأنه «لم يحاول، مع ذلك، التعويض عن افتقاده للمعرفة، وعمل على جمع مستشارين خاصين من حوله ولم يسع للحصول على المعلومات».
وذكرت القناة أن اللجنة رأت أن تولّي شخصية مدنبة وزارة الدفاع ليس امراً مرفوضاً من أساسه.
وتركّز تقرير اللجنة على اداء حالوتس خاصة، إذ يشير الى انه «استخفّ بتهديد صواريخ الكاتيوشا ورأى فيها ظاهرة تصاحب ايام القتال». ورأى التقرير أن حالوتس «فرض قراراته على الحكومة، وأسكت الآراء داخل هيئة اركان الجيش التي لم يرد ان تُسمع». وبالتالي تحوّلت الحكومة، بحسب التقرير، من الناحية العملية إلى ختم مطاطي للمصادقة على مقترحات الجيش.
في هذا الوقت، كشفت الصحافة الإسرائيلية أمس فصلاً جديداً من فصول العدوان على لبنان، تتمحور أحداثه حول إعراض حالوتس عن تحذيرات وجهتها قيادة المنطقة الشمالية له في شأن حتمية إقدام المقاومة على تنفيذ عملية أسر، قبل ثلاثة أسابيع من حصولها في 12 تموز الماضي.
ونقلت صحيفة «معاريف» حديثاً بين حالوتس وقائد المنطقة الشمالية المستقيل، الجنرال أودي آدم، وقائد فرقة الجليل المستقيل أيضاً العميد غال هيرش في 21 حزيران 2006.
واشتكى هيرش، بحسب الصحيفة، من أن تقليصات الموازنة أدت إلى وضع «ليس فيه بطارية مدفعية واحدة قادرة على إطلاق النار في القطاع الغربي (من الحدود مع لبنان)، إضافة إلى وجود نقص في العديد اللازم لإجراء الدوريات الحدودية». وأضاف أن «الوضع خطير جداً»، قائلاً: «لا أستطيع الاستمرار بهذا النهج. الفرقة هيكل عظمي من دون لحم، ومن دون تعزيز القوات، لن يكون بمقدوري منع عملية الخطف. لدي جبهة طولها 15 كيلومتراً، ولا يمكنني الإبقاء على حالة الاستنفار في وضع كهذا».
وانضم آدم إلى النقاش ليحذر قائده قائلاً إن «عملية الخطف ستحصل، والسؤال هو فقط ماذا سنفعل بعد ذلك». فيجيب حالوتس، بحسب الصحيفة نفسها، بالتشديد على وجوب منع حصول العملية، ويضيف «أنا أتفهم المشكلة، إلا أن البطانية قصيرة، ولدينا مشاكل في جبهات أخرى، وفي نهاية المطاف أنا المسؤول».
ينتهي مشهد الحدث هنا، إلا أن «معاريف»، وفي سياق التدليل على مستوى اللامبالاة التي كان يتعاطى بها حالوتس، تنقل عنه ملاحظة قالها في نهاية عام 2005 خلال عرض شعبة الاستخبارات العسكرية تقديرها لعام 2006، والذي تحدث عن إمكان اشتعال الجبهة مع لبنان في أعقاب عملية أسر ينفذها حزب الله؛ فقد علق حالوتس بالقول إن «التقدير الذي عُرض أكثر سوداوية مما ينبغي».
بيد أن استخفاف حالوتس بتحذيرات ضباطه، ليس العنصر الوحيد في الفصل الجديد حول إخفاقات العدوان. فللاستخبارات حصتها أيضاً، إذ ذكرت «معاريف» في تحقيق حول الحرب نشرته أمس، أن المشكلة الاستخباراتية الخطيرة في التعاطي مع التحذير الاستراتيجي بشأن عملية الأسر تكمن في البعد التكتيكي. إذ لم تتم ترجمة هذا التحذير إلى إنذار ميداني محدد، «برغم أنه في صبيحة 12 تموز، انتشر عشرات العناصر من حزب الله على جانبي الحدود وانتظروا الفريسة في موقع الأسر. لا أحد سمع، ولا أحد رأى».
ورأت الصحيفة أن السبب وراء هذا التقصير يكمن في أن شعبة الاستخبارات «وظّفت القدر الأكبر من مواردها في محاولات حل لغز النيات المضمرة لقادة العدو، فيما حرصت بقدر أقل على قيام ضباطها برفع المنظار لرؤية ماذا يحصل على الجانب الآخر من الحدود. بالإضافة إلى أن تخصيص معظم الوسائل الاستخبارية للقتال في المناطق الفلسطينية أدى إلى إهمال الشمال».
وكانت «معاريف» قد كشفت أول من أمس عن ورود معلومات استخبارية إلى جيش الاحتلال تشير إلى إعداد المقاومة لتنفيذ عملية أسر، إلا أن نقل الضابط المسؤول عن تقويمها إلى قطاع غزة في حينه، أدى إلى إهمالها وعدم إيصالها إلى المستوى الميداني.
وقالت صحيفة «هآرتس» أمس، إن هذه القضية تثير، منذ فترة، سجالات حادة داخل الجيش. وأشارت إلى أن التحقيقات العسكرية أظهرت أن أكثر من 30 معلومة وردت إلى جهات معنية داخل المؤسسة العسكرية تفيد بأرجحية حصول عملية الأسر. ويدور الخلاف، بحسب الصحيفة، حول أهمية هذه المعلومات، إذ تعتبر شعبة الاستخبارات العسكرية أنها لم تكن «ذات صلة». غير أن ضباط الاستخبارات في قيادة المنطقة الشمالية يؤكدون، في المقابل، أنها كانت كافية على الأقل لإعلان حالة «الانتظام»، وهو مستوى أدنى من التأهّب.


strong>تقليصات الموازنة أدت إلى وضع ليس فيه بطارية مدفعية واحدة قادرة على إطلاق النار في القطاع الغربي (من الحدود مع لبنان)، إضافة إلى وجود نقص في العديد اللازم لتنفيذ الدوريات الحدودية