يحيى دبوق
تقرير جديد صدر في إسرائيل أمس، يتضمن تحليلاً، من وجهة نظر الدولة العبرية،للواقع المتشكّل في الجنوب اللبناني بعد ستة أشهر على صدور قرار مجلس الأمن 1701


  • اتهمت الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل بالتقاعس في تطبيق بنوده الأساسية

  • أصدر «مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب» الإسرائيلي، أمس، تقريراً جديداً يتناول مجريات وتداعيات العدوان الأخير على لبنان، توصل بموجبه إلى أن تنفيذ القرار 1701 كان جزئياً وغير كامل، وأن الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل لم يفرضا تطبيق بنوده الأساسية، الهادفة إلى تفكيك البنية التحتية العسكرية لحزب الله، وتجريد المنطقة من السلاح، مؤكداً على أن الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان تشغل الحكومة اللبنانية في الدفاع عن نفسها أمام حزب الله، وتحول دون تنفيذ القرار.
    وتناول المركز، الذي تديره شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي بصورة غير مباشرة، عمل الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني، ورأى أن القرار 1701 كان قد حدد ترتيبات أمنية خاصة في هذه المنطقة، تتركز بشكل أساسي على نشر قوات غير مسبوقة من الجيش اللبناني تهدف إلى فرض سلطة الحكومة اللبنانية على المنطقة وإفراغها من أي سلاح آخر غير سلاح الجيش اللبناني نفسه، على أن تؤازره قوة دولية معززة يصل عديدها إلى 15 ألف جندي.
    ولاحظ التقرير أن انتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل المعززة، أوجد واقعاً ميدانياً جديداً في منطقة انتشارهما جنوبي نهر الليطاني، ونتيجة لذلك لم يعد حزب الله القوة الأساسية الوحيدة العاملة فيها، ما أتاح فرض هدوء شبه كامل في المنطقة، باستثناء حادثة وحيدة كان المتسبب بها حزب الله نفسه، في إشارة الى العبوات الناسفة التي تم اكتشافها بالقرب من الخط الأزرق الى جانب قرية مارون الراس.
    ورغم إشارة معدّي التقرير إلى الهدوء السائد على الحدود، وما اعتبروه تراجعاً في المكانة العسكرية لحزب الله في هذه المنطقة (جنوبي الليطاني)، عادوا واستدركوا أن الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل لا يقومان بإنهاء وجود «المنظمات الإرهابية» في تلك المنطقة، وفقاً للتفسير الإسرائيلي للقرار 1701، وذهبوا الى حد اعتبار أنهما لا يضعان عراقيل جوهرية ونوعية أمام مسارات ترميم وتعاظم وبناء قوة حزب الله. وأشاروا الى أن الحزب يواصل تنفيذ نشاطاته العملياتية التقليدية في هذه المنطقة، وفق أساليب عمل تتلاءم مع الواقع الجديد، يمكنه من التعامل مع الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، من دون أية صعوبات عملية.
    وتناول التقرير أيضاً الأوضاع القائمة في منطقة شمالي نهر الليطاني في مرحلة ما بعد الحرب الأخيرة، والمفترض أنها تخرج عن إطار اهتمام اليونيفيل والتفويض المعطى لها من مجلس الأمن الدولي. لكن معدّي التقرير التفّوا على القرار 1701 وحاكموا أداء القوات الدولية والجيش اللبناني في هذه المنطقة، وفقاً للقرار 1559، إضافة الى إقحام اتفاق الطائف في تحليل يخدم القراءة والمصلحة الإسرائيلية، لبعض بنوده. وبناءً على ذلك، رأوا أن على الحكومة اللبنانية العمل على نزع سلاح حزب الله والجهات «الإرهابية» الأخرى في لبنان، وهو ما لم تقدم عليه أساساً، بل لم يسجل لها أنها حاولت ذلك.
    وسجل التقرير أن أحد البنود الأساسية في القرار 1701 لم يجر تنفيذه، وهو المتعلق بإطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى حزب الله، رغم أن القرار نفسه شدد على المعالجة الفورية للأسباب التي أدت الى نشوب الحرب، بما في ذلك الإفراج عن الجنديين الإسرائيليين.
    ومدّ معدّو التقرير اهتمامهم الى الداخل اللبناني وصولاً الى بيروت والبقاع، حيث اعتبروا أن عمليات ترميم البنية التحتية العسكرية لحزب الله في هذه المناطق تتواصل من دون أية عراقيل عملية. وأضافوا أنه لم يتم تنفيذ بنود القرار 1701، المتعلقة بحظر نقل وسائل قتالية لحزب الله، وسجلوا أن عمليات نقل السلاح متواصلة من سوريا الى لبنان عبر الحدود الفاصلة بينهما.
    ويصف التقرير مصادرة الجيش اللبناني لشاحنة محملة بالكاتيوشا تابعة للمقاومة، بأنها حالة شاذة لا تشير الى أنها جزء من سياسة شاملة تنفذها الحكومة اللبنانية.
    واحتلت الأوضاع الداخلية المأزومة في لبنان حيزاً من اهتمام معدّي التقرير، الذين ردّوا منشأها الى تبنّي حزب الله هدف إسقاط حكومة (الرئيس فؤاد) السنيورة، الأمر الذي أوجد صعوبات أمام تنفيذ القرار 1701 كما يفهمه الإسرائيليون، ودفع الحكومة اللبنانية، التي تصارع على البقاء السياسي جرّاء الأزمة السياسية الداخلية، الى الامتناع عن تحدّي مكانة حزب الله في الجنوب اللبناني، كما دفع الجيش اللبناني أيضاً، الى تحريك جزء من قواته من الجنوب باتجاه بيروت وباقي المناطق اللبنانية الأخرى لمواجهة الأزمة، وهو ما اعتبروا أنه سينعكس سلباً على تصميم قوات اليونيفيل في تنفيذ المهمات الموكلة إليها، بمساعدة الجيش اللبناني.
    وفي ما يتعلق بالهدوء السائد على الحدود الجنوبية، رأى التقرير أن حزب الله يمتنع عن القيام أو التسبب بأحداث معينة على طول الحدود ضد الجيش الإسرائيلي، راداً ذلك الى تركيز الحزب على ترميم قدراته وبنيته التحتية العسكرية، التي تضررت بفعل العدوان الأخير، رغم أن تقدير معدّي التقرير يرى أن التقدم الذي يحرزه حزب الله في عملية بناء وترميم القدرة العسكرية، إضافة الى تعزيز ثقته بنفسه وزيادة استعداداته العسكرية، يؤدي الى الحيلولة الكاملة دون تنفيذ القرار 1701.