لم يمر إعلان الكونغرس الأميركي مناقشة لجنة العلاقات الخارجية لمشروع قانون يتعامل مع «الأكراد» و«السنّة» في العراق كـ«بلدين» من دون ردود فعل قوية من القادة العراقيين، وصلت حدّ تهديد السيد مقتدى الصدر (الصورة) باستهداف المصالح الأميركية في العراق.ويفترض أن تكون لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي قد ناقشت في وقت متأخر من مساء أمس مشروع القرار الذي تقدم به عضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري ماك ثوربيري، أمس الأربعاء، «يتعامل مع أكراد وسُنة العراق على أنهما بلدان منفصلان عن الحكومة العراقية».

وينص المشروع على «إمكانية تزويد واشنطن البشمركة والعشائر السنية بالمساعدات بشكل مباشر، كما يشترط على الحكومة العراقية الحصول على هذه المساعدات مقابل إعطاء الأقليات غير الشيعية دوراً في قيادة البلاد في غضون ثلاثة أشهر بعد إقرار القانون وأن تنهي بغداد دعمها لـ»الحشد الشعبي»»، وإذا لم تلتزم بالشروط تجمّد 75 في المئة من المساعدات لبغداد، ويرسل أكثر من 60 في المئة منها مباشرة إلى «الأكراد» و«السنّة».
ينص المشروع على إمكانية تزويد «البشمركة» و«العشائر السنية» بالمساعدات بنحو مباشر

ورفض رئيس الحكومة حيدر العبادي مشروع القانون المقترح لتسليح «البشمركة» و«العشائر السنية» بمعزل عن بغداد.
وقال العبادي، في بيان، إن «التعامل مع الحكومة العراقية كان وما زال واضحاً ضمن احترام السيادة العراقية، وهو ما وضعته الحكومة ضمن ثوابتها وتأكيداتها المستمرة في مباحثاتها مع هذه الدول». وأكد أن «أي تسليح لن يتم إلا عن طريق الحكومة العراقية وفقاً لما تضعه من خطط عسكرية». وبيّن العبادي أن «مشروع القانون المقترح في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي مرفوض ويؤدي إلى مزيد من الانقسامات في المنطقة».
وفي أسرع موقف للخارجية العراقية منذ سنوات، عبّرت عن استنكارها لمشروع القانون المقدم في الكونغرس الاميركي، والذي وصفته بـ«القرار الذي يمس سيادة العراق». وأكدت في بيان أن «أية مساعدة تقدم للعراق في حربه ضد الارهاب لا بد أن تراعي ثوابت العلاقات الدولية المبنية على الاحترام المتبادل لسيادة الدول، وضرورة التعامل مع الحكومة المركزية حصراً».
التصعيد الأهم جاء من قبل زعيم التيار الصدري الذي هدّد باستهداف المصالح الأميركية في العراق في حال إقرار مشروع القانون في الكونغرس الأميركي.
وهدد الصدر أنه في حال «استصدار قرار من مجلس النواب الأميركي فإنه سيرفع التجميد عن الجناح العسكري المتخصص بالجانب الأميركي ليبدأ عملية ضرب مصالح واشنطن داخل وخارج العراق».
وشدد زعيم التيار الصدري على أن «المشروع الأميركي الجديد الذي يقضي بالتعامل مع الكرد والسنّة كـ«دولتين»، بداية لتقسيم العراق بشكل علني»، متّهماً أميركا بـ«إظهار سوء النية ضد العراق».
ودعا الصدر العراقيين إلى «حماية الأرض والطوائف، عبر بيان يرفض المشروع»، معتبراً أن «الشعب ملزم بذلك».
من جهته، رأى رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، عمار الحكيم، أن «القرار من شأنه تعميق الانقسام في المجتمع العراقي ودفعه باتجاه التشظي والتقسيم»، واصفاً مسودة المشروع بـ«الأمر الخطير».
وفي سياق متصل، كشفت مصارد كردية مطلعة لـ«الأخبار» أن رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، سيتوجه خلال الأيام المقبلة إلى الولايات المتحدة الأميركية، للاجتماع بالمسؤولين هناك والتعرف على تفاصيل أكثر بشأن الدعم المقدم له.
أما النائب عن اتحاد القوى «السُني»، فارس طه، فرأى في حديث إلى «الأخبار» أن ما تضمنه مشروع القانون «جاء رداً على التقصير الذي تتعمّده الحكومة العراقية بشأن تسليح العشائر السُنية»، وفيما أكد ترحيب «السُنّة» بفقرة التسليح، أعلن «رفضهم التفاصيل التي تُشير إلى تقسيم العراق».
بدوره وافق النائب عن «التحالف الكردستاني»، أمين بكر، على أن تقصير الحكومة الاتحادية في تسليح الطرفين أحد أسباب القرار الأميركي، قائلاً: «الكرد والسُنّة يطلبون من بغداد السلاح في أكثر من مرة، إلا أنها لم تستجب لهم، ما دفع أميركا إلى تقديم المساعدة».
ويضيف أن «الدعم والتسليح الذي تقدمه أميركا للكرد والسنّة لا يعني أنها تريدهما أن يكونا بلدين منفصلين عن العراق، وإنما المشروع جاء لتقديم الدعم فقط».
السفارة الأميركية في بغداد سارعت إلى تبرير المشروع المقدم ورأت «أنه غير قانوني ولا يعكس سياسة أميركا الخارجية».
وقال المتحدث باسم السفارة، جيفري لوري إن «سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه العراق لم تتغير، ونحن ندعم ونؤيد عراقاً موحداً»، مبيناً أن «الدعم والمساعدات والمعدات العسكرية المقدمة من الحكومة الأميركية يتم تسليمها للحكومة العراقية».
يذكر أن نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، أكد في عدة مناسبات دعمه لخطة تقضي بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق تتمتع بحكم ذاتي: للشيعة والسنّة والأكراد.
واقترح بايدن، في مقال نشر في صحيفة «واشنطن بوست» في آب الماضي، إنشاء «نظام فيدرالي فعال» كوسيلة لتجاوز الانقسامات في العراق.
ورأى أن ذلك «سيؤمن تقاسماً عادلاً للعائدات بين كل الأقاليم ويسمح بإقامة بنى أمنية متمركزة محلياً مثل حرس وطني لحماية السكان في المدن ومنع تمدد تنظيم داعش».
(الأخبار)