علي حيدر
ليفني تعدّ «خطة سلام» لحلّ قضيتَي «اللاجئين اليهود» والفلسطينيين وترسيخ الجدار حدوداً!

حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت الموازنة بين الضغوط الداخلية المطالبة بالرد على إطلاق الصواريخ الفلسطينية، وبين الاعتبارات السياسية التي تفرض عليه عدم الذهاب بعيداً في التصعيد العسكري، خدمة للتقديرات الاستخبارية، التي تتوقع مواجهة داخلية قريبة بين «حماس» و«فتح»، وترى أن أيّ عدوان إسرائيلي واسع من شأنه أن يعيد توحيد البندقية الفلسطينية في مواجهة تل أبيب.
أمام هذين الاعتبارين، استخلص أولمرت نظرية «الرد الموضعي» مع المحافظة على «التهدئة»، التي أعلنت قبل أكثر من شهر.
وأصدر مكتب أولمرت بياناً أعلن فيه أن «الجيش تلقى أوامر لتنفيذ هجمات محددة ضد خلايا الصواريخ، والمحافظة على وقف النار في قطاع غزة»، مشيراً إلى أن إسرائيل «ستعمل مع السلطة الفلسطينية من أجل تنفيذ خطوات فورية لوقف إطلاق صواريخ القسام».
وأشار البيان إلى تزايد عمليات إطلاق الصواريخ خلال الأيام الأخيرة من قبل «مجموعات إرهابية باتجاه التجمعات السكانية في إسرائيل، رغم أنها وافقت على وقف النار وحرصت خلال الشهر الماضي على عدم الرد رغم الخروق».
وقالت المتحدثة باسم أولمرت، ميري إيسين، إن «الهجمات ستستهدف فقط أولئك الذين يستعدّون لإطلاق الصواريخ أو سبق أن أطلقوها. ولن نهاجم مثلاً منزلاً فلسطينياً شارك في إطلاق هذه الصواريخ». وأضافت «إن أكثر من 60 صاروخاً أطلقت منذ تاريخ دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل والمجموعات المسلحة الفلسطينية حيّز التنفيذ، في 6 تشرين الثاني الماضي».
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قولها إن «من واجبنا العمل من أجل وقف إطلاق صواريخ القسام، لكن لا يتوجب الآن تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة».
وقدَّرت مصادر سياسية أن تعليمات أولمرت «ستسمح بخفض نسبة الإصابات في السكان المدنيين في سديروت وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة».
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس قد اتصل بأولمرت في أعقاب سقوط الصواريخ على مستوطنة سديروت ليل الثلاثاء ــ الأربعاء، وأدت إلى إصابة مستوطنين اثنين بجروح خطيرة، وأبلغه أنه «من غير الممكن الاستمرار بسياسة ضبط النفس، وأنه من الممنوع السماح للجهاد الإسلامي الاحتفال، وينبغي العمل ضد مطلقي الصواريخ».
واستغلت أحزاب المعارضة الإسرائيلية سقوط الصواريخ لمهاجمة حكومة أولمرت، فرأى حزب «الليكود» أن «توجيهات الحكومة للجيش بالامتناع عن ضرب مطلقي صواريخ القسام، حتى في الوقت الذي يُطلقونها، هي توجيهات سائبة شجعت المنظمات الإرهابية على تصعيد عملياتها الصاروخية».
وطالب رئيس الحزب، بنيامين نتانياهو، الحكومة بوقف «سياسة ضبط النفس»، واحتلال المناطق التي يتم إطلاق الصواريخ منها. كما طالب بإعادة احتلال محور صلاح الدين (فيلادلفي)، على الحدود بين قطاع غزة ومصر، من أجل «منع تواصل تهريب الوسائل القتالية إلى القطاع».
ورأت «كتلة الاتحاد القومي» (المفدال) اليمينية أن «أطفال سديروت يواصلون دفع ثمن غرور أولمرت وحرج بيرتس والأوهام التي يسوقها (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن، بدمائهم». ورأت أن الأجدى بأولمرت «العودة الى أعماله العقارية وألا يواصل المخاطرة بمواطني دولة إسرائيل».
من جهة ثانية، رأت ليفني أنه يمكن إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين رغم إطلاق النار بين الجانبين. وألمحت، في مقابلة مع صحيفة «هآرتس»، إلى وجود خطة سياسية ستعمل على دفعها، لكنها رفضت الإفصاح عن تفاصيلها.
إلا أن ليفني أشارت إلى إن «الرؤيا هي وجود دولة إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي وتمنح حلاً لقضية اللاجئين اليهود، وإلى جانبها دولة فلسطينية تكون الوطن القومي للشعب الفلسطيني وتمنح حلاً كاملاً متكاملاً لقضية اللاجئين الفلسطينيين».
وأضافت ليفني «أنا لا أتحدث عن رؤيا فحسب، وإنما عن خطة سياسية عملية تشمل حلاً واسعاً». ورأت أنه يمكن «تجاوز» المرحلة الأولى من خطة «خريطة الطريق»، إلا أنها رأت أن العودة إلى هذه المرحلة ستتم بعد التوصل إلى اتفاقات حول طبيعة حل الدولتين.
وقالت ليفني إن «خريطة الطريق تنص على أن تقام في المرحلة الثانية دولة فلسطينية بحدود مؤقتة ورموز سيادة، وأعتقد أنه من خلال محادثات مع الفلسطينيين سأتمكن من التوصل إلى تفاصيل بهذا الخصوص، وأعتقد أنه يمكنني إجراء حوار مع أبو مازن لاستيضاح مدى إمكان تحقيق رؤيا الدولتين». وأكدت ليفني نية الحكومة التخلي عن «أرض إسرائيل» والفصل بين نهر الأردن والبحر المتوسط، لكنها رأت أن الخط الذي سيتم بموجبه «تقسيم البلاد» هو الجدار العازل في الضفة الغربية، وبذلك «ستحصل الحكومة على تأييد الجمهور (في إسرائيل) لإخلاء عشرات آلاف المستوطنين شرقي الجدار».