محمد بدير
في وقت جهد فيه إيهود أولمرت، لإجهاض المبادرة السياسية التي تعمل وزيرة خارجيته، تسيبي ليفني، على بلورتها لاختراق الجمود على الجبهة الفلسطينية، أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية أنه وافق على اقتراح محمود عباس فتح «قنوات خلفية» لبحث مبادئ التوصل إلى اتفاق سلام دائم بين الجانبين

نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قولها إنه رد بالايجاب على دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى اجراء مثل تلك المحادثات بين ممثلين للطرفين. إلا أن المتحدثة باسم أولمرت، ميري آيزن، رفضت تأكيد أو نفي هذه الأنباء بالقول إنه ليس لديها أي تعليق أو علم بذلك.
وكان عباس قد اقترح هذه الفكرة خلال اجتماعه مع أولمرت السبت الماضي، وروج لها صراحة خلال مؤتمر صحافي عقده في القاهرة في وقت سابق من الاسبوع الجاري قائلاً إنه يمكن مشاركة طرف أو جميع أطراف اللجنة الرباعية المعنية بالسلام في الشرق الاوسط في هذه المحادثات. وتأتي خطوة أولمرت في ظل تجاذبات سياسية أحدثتها المبادرة التي أعلنت عنها وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، وخلفت توتراً في العلاقات بينها وبين أولمرت؛ فبعد نفيه العلم بوجود مبادرة كهذه، تحول أولمرت، بعد الإعلان عن تفاصيلها، إلى رفضها. وقال مسؤولون في مكتب رئاسة الوزراء إن «إيهود أولمرت وحده من يدير المفاوضات مع الفلسطينيين»، مشددين على أنه لا نية للتنازل عن مطلب «تفكيك التنظيمات الإرهابية»، في إشارة إلى استعداد ليفني، في مبادرتها، إلى القفز فوق المرحلة الأولى من «خريطة الطريق» التي تنص على هذا المطلب قبل حصول أي تقدم سياسي.
إلا أن ليفني جددت طرح الأفكار التي تقوم مبادرتها عليها، معتبرة أن «منح البديل للمعتدلين على الساحة الفلسطينية، يعدّ جزءاً من الكفاح ضد الإرهاب». وقالت ليفني، في حفل اجتماعي في إحدى بلدات وسط إسرائيل، إن «التنازل عن جزء من الأرض يهدف إلى ضمان الطابع اليهودي والديموقراطي لإسرائيل».
وتطرقت ليفني إلى الموضوع السوري فرأت أن «الوضع معقد، وسيكون هناك حاجة إلى مواصلة التصدي للإرهاب، وفي موازاة ذلك، ثمة واجب علينا هو درس الفرص واستغلالها».
وجاء الرد الأعنف على خطة وزيرة الخارجية من جانب نائب رئيس الوزراء وزير المواصلات شاؤول موفاز الذي هاجم الخطة من دون أن يذكر اسم صاحبتها، معتبراً إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين تحت النار أمراً غير مسؤول. وقال موفاز، في حوار مع طلاب ثانويين في إحدى المدارس، إن «الموقف الرسمي لدولة إسرائيل والخطة القائمة اليوم هي خريطة الطريق، والتي تتحدث عن خطة مرحلية مع الفلسطينيين. وكل محاولة لتجاوز خريطة الطريق والقفز إلى مراحل متقدمة، سيمثّل مساً بالأمن القومي لإسرائيل، وبأمن سكانها، ومن شأنها أن تدفع إسرائيل إلى طريق مسدود لسنوات طويلة».
وشدد موفاز على وجوب المطالبة «أولاً بوقف الإرهاب ثم التباحث في شأن دولة فلسطينية بحدود مؤقتة». وأضاف «كان هذا هو الموقف الحازم للحكومة السابقة، وكل مسار آخر سيكون بمثابة عمل غير مسؤول، غير مدروس، ويؤدي إلى تصدع في المصالح القومية والأمنية لإسرائيل، ويمكن أن يفسر ضعفاً من إسرائيل أمام دول أخرى».
وتطرق موفاز للمرة الأولى إلى الصليات الصاروخية التي تطلقها المقاومة الفلسطينية باتجاه جنوب إسرائيل، فعبّر عن موقف أكثر تشدداً من رئيس الوزراء ووزير الدفاع، قائلاً «يجب أن تكون السياسة ضد الصواريخ حازمة وقاطعة، وليس فقط ضد من يثبّت منصات الإطلاق ومن يشغّلها، بل ضد كل سلسلة النشطاء، مع التركيز على القادة. يجب أن يكون العمل صلباً وحازماً ومتواصلاً لأنه في نهاية الأمر سيأتي بالنتائج». كما أعرب وزير الدفاع السابق عن معارضته لإطلاق أسرى فلسطينيين «ما دمنا لا نعلم ما هو جدول المواعيد ومتى سيعاد الجندي جلعاد شاليط».
وفي سياق متصل، قالت صحيفة «معاريف» إن وزير الدفاع، عامير بيرتس، يعمل على بلورة أفكار «إبداعية» لكسر الجمود بين سوريا وإسرائيل وصولاً إلى تعزيز فرص استئناف المفاوضات بينهما. وبحسب الصحيفة، فإن بيرتس طرح أفكاره على زعماء أوروبيين، بينهم رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، وأجرى عدداً من النقاشات المغلقة في مكتبه حول الموضوع نفسه.
وقالت «معاريف» إن بيرتس أثار في محادثات أجراها مع زعيم أوروبي كبير إمكان إجراء «مساومة» مع سوريا تتضمن تنازلاً أوروبياً أيضاً. وأضافت الصحيفة أن فكرة بيرتس تقضي بأن تلمّح أوروبا لدمشق بأن التحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري لن يؤدي إلى خطوات حاسمة ضد سوريا، وفي مقابل ذلك تلتزم سوريا إغلاق حدودها مع لبنان والعراق وتكف عن دعم «المنظمات الإرهابية». وبموازاة ذلك، تستأنف إسرائيل المفاوضات مع دمشق على أساس التفاهمات السابقة بين الدولتين.
وأشارت الصحيفة إلى أن خطوات بيرتس غير معروفة وغير منسقة مع أولمرت. وفيما رفض مكتب الأخير التعليق على الخبر، نقلت «معاريف» عن مسؤولين مقربين منه قولهم إنه لو صح، فإنه أمر خطير جداً بوصفه نشاطاً سياسياً مستقلاًّ من دون صلاحية أو تصريح من رئيس الوزراء.