strong>مهدي السيد
«هآرتس» لا تخشى على لبنان من الغرق في أتون حرب أهلية

دعت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس إلى ضرورة تقديم المساعدة للحكومة اللبنانية من دون التدخل المباشر في شؤون لبنان، بينما رأت «يديعوت أحرونوت» أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يخوض مغامرة دموية بهدف السيطرة على السلطة. واتهمت «هتسوفيه» إيران بإثارة الأزمة اللبنانية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن هذه الأزمة تخدم إسرائيل لأنها تُجنبها هجمات حزب الله.
وقالت «هآرتس»، في افتتاحيتها، إن «مقتل وزير الصناعة اللبناني، بيار الجميل، يضع معادلة القوى الهشة اللبنانية من جديد أمام امتحان صعب، لأننا نتحدث من جديد عن جريمة قتل سياسي، إلا أن التخوف هو من احتمال أن تكون كل عملية قتل اضافية ستُقرب لبنان أكثر فأكثر من تجدد الحرب الأهلية التي ستخرج عن نطاق السيطرة».
وأشارت «هآرتس» إلى أن «جريمة القتل وقعت في وقت كانت حكومة فؤاد السنيورة في وضع ستفقد فيه سيطرتها على الاحتفاظ بصلاحياتها، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى نشوء فراغ سياسي، كالموجود حالياً في مناطق السلطة الفلسطينية وفي العراق».
وبحسب «هآرتس»، فإن «هذين النموذجين المثيرين للقلق يُظهران بوضوح أنه لا وجود لفراغ سياسي حقيقي، وأنه في حال وجوده تملأه جهات وقوى متطرفة وإرهابية».
ومع ذلك، تشير «هآرتس» إلى أن لبنان ليس مثل العراق والسلطة الفلسطينية، فهو «يشكل نموذجاً جيداً للمحاكاة، حيث إن ردود الفعل على مقتل الجميل، التي تحاول بكل قوتها منع حدوث ردود فعل عنيفة، لا تدل على مدى الخوف من تردي الوضع إلى الحرب الأهلية فقط، بل إلى التطلع إلى منعها ومنع حدوثها بكل ثمن».
وبالنسبة للموقف الذي يتعين على إسرائيل اتخاذه تجاه التطورات على الساحة اللبنانية، قالت «هآرتس» إنه «لا يمكن لإسرائيل إظهار عدم الاهتمام وعدم القلق، إزاء ما يحدث في لبنان وإزاء هذه التطورات فيه، ولا سيما أن هذه التطورات يمكنها إحداث تغييرات سياسية في دولة مجاورة، ومن ثم إعادة تأجيج بؤرة حرب أخرى معها. ولذلك من الأفضل إقامة جدار فاصل وعال ومغلق ما بين الاهتمام المقلق بما يجري في لبنان والتدخل في شؤونه الداخلية».
ومع ذلك، أضافت «هآرتس»: «هذه لحظة حاسمة، حيث إن من واجب إسرائيل تقديم المساعدة للبنان لكي تهدئ من أعصابه وتوتره. وتتمثل المساعدة في وقف الطلعات الجوية الدورية في الأجواء اللبنانية، والإعلان عن استعدادها للتباحث في موضوع الانسحاب من مزارع شبعا، بل ربما أيضا الإعلان عن الاستعداد للتباحث حتى مع الرئيس بشار الأسد في المسيرة السياسية والتسوية التي يمكن أن تشكل دعماً وإسهاماً في تقليل وخفض احتمالية اندلاع المزيد من التطورات السلبية في لبنان».
أما غاي باخور، فرأى من جهته، في «يديعوت أحرونوت»، أن نصر الله «يُنفذ انطلاقاً مُضاداً للتاريخ، وأنه لا يريد فقط إسقاط حكومة فؤاد السنيورة، بل جعل لبنان دولة شيعية، دولة شريعة إسلامية، وأن يرفع بذلك مكانة أبناء طائفته من أسفل المجتمع إلى أعلاه».
وأضاف باخور إن ما يقوم به نصر الله هو «كفاح مغامر، لأنه إذا فشل، فإن الطوائف كلها في لبنان، لكن الشيعة خاصة، ستدفع ثمناً دموياً فظيعاً». وأضاف: «إن نصر الله يبدو مستعداً لهذا التحدي، ومن أجل ذلك، ينوي في القريب أن يركب دوامة تفضي به إلى الأعالي وهدفه رئاسة لبنان، أو إنها ستضعه في مكان صحيح».
بدوره، رأى حجاي هوربمان في صحيفة «هتسوفيه» اليمينية أن «الأزمة نشبت في لبنان، لكن الأيادي التي سببتها موجودة في طهران، عبر دمشق». وأضاف: أنه «كما الحرب الأخيرة مع إسرائيل، فإن توقيت الأزمة الحالية في لبنان يخدم أولاً مصالح الدولتين: إيران، التي يوشك مجلس الأمن على إجراء نقاش لاتخاذ قرار بالعقوبات ضدها؛ وسوريا التي تحاول منع اتخاذ قرار بتشكيل المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس (الراحل رفيق) الحريري».
ويرى هوبرمان أن «ثمة أمراً واحداً ربما من شأنه تشجيع الجمهور الإسرائيلي، وهو أنه خلافاً للأزمة السابقة، يبدو أنه حزب الله سيسعى في الأزمة الحالية إلى عدم المس بإسرائيل، بهدف تجنب تدخلها في العملية التي يقوم من خلالها بأخذ قسم جوهري من السلطة في لبنان عبر استخدام العنف».