يحيى دبوق
حالوتس: أسقطنا معادلة جديدة حاول الفلسطينيون فرضها بين الضفة والقطاع

لم يتفق المسؤولون الاسرائيليون على تقويم واحد لوقف اطلاق النار المعلن من الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وتعددت الآراء والتصريحات بشأنه، بين متفائل حذر ومهدد مشكك، فيما رأى الجيش الاسرائيلي ان وقف اطلاق النار هش ويخدم المصلحة الفلسطينية.
فقد ابدت امس وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني تفاؤلاً حذراً من وقف اطلاق النار، ورأت أن «الصراع الاسرائيلي ــ الفلسطيني ليس أم كل الصراعات، بل هو ابن الكراهية».
وأضافت ليفني، خلال كلمة ألقتها في مؤتمر اقتصادي شارك فيه وزراء خارجية عرب في العاصمة الفنلندية هلسنكي، ان «على اصوات المعتدلين الذين يؤمنون بالتعايش الحقيقي في المنطقة ان تكون اكثر وضوحاً وارتفاعاً، وعلى اعمالهم أن تكون اكثر شجاعة واكثر حزماً، وصولاً الى اختفاء الدمار واليأس الذي خلفته الضغينة».
وقالت ليفني إن «رئيس حكومة إسرائيل عرض أفقاً سياسياً ورؤيا يمكن تحقيقها إذا اتخذت القرارات السليمة تجاهها، ونأمل أن تعمل الحكومة الفلسطينية على نبذ الارهاب حقيقة، وعلى بنية سليمة، وأن تعترف بأن الحل هو في دولتين «اسرائيلية وفلسطينية»، مشددة على انها «تؤمن بالحوار المباشر الذي يتيح لكل طرف الاعتراف بشرعية الطرف الآخر، وأن يعرض احتياجاته ومصالحه بصراحة وحرية».
وفيما اعتُبر إشارة إلى التوجه السياسي المقبل الذي ستسلكه اسرائيل في المرحلة المقبلة قبالة الفلسطينيين، حثت ليفني، في كلمتها وزراء خارجية الدول الاوروبية المشاركين في المؤتمر، على «مواصلة التمسك بأن تعترف كل حكومة فلسطينية بإسرائيل، وأن تنبذ الإرهاب، فهي الطريقة الوحيدة لتعزيز الجهات المعتدلة وإيجاد ظروف مناسبة للعملية السياسية»، مشيرة الى أن «لدينا جميعاً هدفاً مشتركاً للتأكد من أن المسألة لا تتعلق بدولة إرهاب، فالإرهاب هو آخر شيء تحتاج إليه شعوب المنطقة التي تعيش فيها».
ولم تنس ليفني استغلال الفرصة لتكرار مهاجمتها إيران، وقالت ان «هناك قوى في المنطقة تعارض مبدئياً العملية السلمية، وبالنسبة لهذه القوى، لا يعدّ التطرف تكتيكاً بل عقيدة». وأضافت أن «ايران ووكلاءها يستمرون في العمل والتسبب في عدم استقرار المنطقة، وعلينا التوحد والوقوف امام اعدائنا المشتركين».
أما وزير الدفاع الاسرائيلي عامير بيرتس، فجدد من جهته تهديده للفلسطينيين بأن اسرائيل ستردّ بشدة في حال إقدام الفلسطينيين على اطلاق صواريخ «القسام» على الاراضي الاسرائيلية. وقال، خلال جولة له على طول جدار الفصل المحيط بالقدس الشرقية، ان «هناك فصائل متطرفة تريد جر المنطقة الى تصعيد جديد، الا أننا نمنح فرصة للجهات التي قررت وقف النار للتعامل معها، لكن إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فيجب دراسة كيفية الرد وبقسوة»، مشدداً على أن اسرائيل لا يمكنها أن توافق على «وضع يستمر فيه احد ما في اطلاق (صواريخ) باتجاه منطقة تقع تحت سيادة دولة اسرائيل».
وأضاف بيرتس، لإذاعة الجيش الاسرائيلي امس، أن وقف النار لا يسري على الضفة الغربية، مشدداً على أن «التفاهمات الأساسية (مع الفلسطينيين) تتعلق فقط بوقف النار في قطاع غزة، وعندما نصل الى تفاهمات ما في موضوع وقف النشاطات الإرهابية التي تنفذ هنا (الضفة الغربية)، فسندرس الطريقة التي ستعمل قوات الجيش الاسرائيلي وفقاً لها». وتابع أن «اسرائيل ستواصل حربها على الارهاب» (في الضفة)، لكنه طالب السلطة الفلسطينية بالحزم مع مطلقي صواريخ «القسام»، مشيراً إلى أن «على من التزم وقف النار ان يعرف كيف يفرضه وأن يواجه اي خرق بردّ شديد».
وألمح رئيس اركان الجيش الاسرائيلي دان حالوتس، من جهته، الى عدم رضا الجيش على قرار وقف النار في قطاع غزة، كاشفاً امام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست امس، أن قرار الحكومة الإسرائيلية بالتوصل الى هذا الاتفاق، اتخذ بعد «مشاورات جزئية» مع قيادة الجيش.
وقال حالوتس إن الفلسطينيين حاولوا بعد وقف إطلاق النار «فرض معادلة جديدة» يجري بموجبها الرد بإطلاق صواريخ «قسام» من قطاع غزة على كل عملية عسكرية ينفذها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، مشدداً على أن «الجيش كسر هذه المعادلة عبر عمليات نفذها في الضفة، واحتفظ لنفسه بمطلق الحرية» بتنفيذ مثل هذه العمليات.
وتأتي تصريحات حالوتس بالتساوق مع تحذيرات لقادة الاجهزة الامنية الاسرائيلية خلال الاشهر الاخيرة، رأت أن وقف النار يخدم الجانب الفلسطيني لا الجيش الاسرائيلي.
ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» امس، أن انتقادات قاسية وُجهت داخل الجيش إلى اتفاق وقف اطلاق النار، ووصفه عدد كبير من الضباط بأنه «هش ويستهدف خدمة المصالح الفلسطينية».
وشكك امس وزير الزراعة من حزب كديما، زئيف بويم، في صمود وقف اطلاق النار في قطاع غزة، محذراً من أن خرقه سيجرّ الى عملية واسعة في قطاع غزة تهدف الى منع تحويل القطاع الى جنوب لبنان. مع ذلك شدد على «وجوب ضبط النفس ازاء اطلاق صواريخ القسام، اقله لمدة 48 ساعة».
وهاجم وزراء حزب الليكود وقف النار واعتبروه فشلاً سياسياً وعسكرياً لإسرائيل. وقال عضو الكنيست يؤبال شتاينتس ان «اعلان الجيش أن وقف النار لا يعالج مشكلة تعاظم حماس، يشير الى انه فشل سياسي وعسكري كبير»، مشدداً على «اننا امام صفقة اسرائيلية ــ فلسطينية، تعطي اسرائيل بموجبها ضوءاً أخضر لاستمرار تهريب السلاح وبناء التهديد الصاروخي من غزة باتجاه اسرائيل، في مقابل هدوء مؤقت في سديروت».
إلى ذلك، كشفت جهات عسكرية اسرائيلية أن تعليمات فتح النار جرى تغييرها خلال الـ24 ساعة الاخيرة، في اعقاب اطلاق صواريخ «قسام» باتجاه سديروت. ووفقاً لهذه التعليمات الجديدة، اصبح من المسموح فتح النار باتجاه مجموعة «مخربين» تمثّل «تهديداً مباشراً» لإسرائيل.



التفاهمات الاساسية
(مع الفلسطينيين) تتعلق فقط بوقف اطلاق النار في قطاع غزة، وعندما نصل الى تفاهمات ما في موضوع وقف النشاطات الارهابية التي تنفذ هنا (الضفة الغربية)، فسندرس الطريقة التي ستعمل قوات الجيش الاسرائيلي وفقا لها