يحيى دبوق
قصور في العمل يزعزع صورة «الجيش الذي لا يقهر». استنتاجات يمكن استخلاصها من النتائج الأولية للتحقيق في فشل العدوان على لبنان. ومع ذلك،
يصر قائد الأركان على عدم إقالة قادة المعارك، بحجة أن وقف ترقياتهم يكفي لمعاقبتهم على إخفاقاتهم


نشرت صحيفة «هآرتس» أمس النتائج الأولية للتحقيق الذي يجريه جيش الاحتلال الإسرائيلي مع الفرق والوحدات التي شاركت في العدوان على لبنان، والبحث عن مكامن الخلل المسبب للإخفاق والفشل في تحقيق المهمات الموكلة إليها.
ويتبين من خلال معطيات التحقيق، الذي شارك في جزء منه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس، ان هناك اتهامات وانتقادات لأداء قادة الفرق والوحدات، إضافة إلى قصور عملياتي نابع من التردد واعطاء أوامر غير واضحة وتجاهل للتحذيرات، إضافة إلى سلسلة من الأخطاء الأخرى التي يسميها التحقيق بـ«القاتلة».
وينقل المراسل العسكري لـ«هآرتس»، عاموس هرئيل، عن مصادر في الجيش الإسرائيلي قولها ان «حالوتس لا يزال يدرس الإجراءات التي ينوي اتخاذها في حق الضباط أصحاب العلاقة (في الخلل)»، مضيفاً ان «التقدير السائد في الجيش هو عدم إقدام حالوتس على إقالة قادة الفرق، إنما سيعمل على حرمانهم من الترقية خلال مداولات الترقيات نهاية الشهر الجاري».
ويوضح هرئيل ان نتائج التحقيق ستعرض مطلع الاسبوع المقبل امام منتدى خاص يضم ضباطاً رفيعي المستوى في الجيش الإسرائيلي.
وفي ما يلي النتائج والمعطيات الأولية التي توصل إليها التحقيق إلى الآن، حسبما عرضتها صحيفة «هآرتس»:
• فرقة «تسوكرمان»: وهي فرقة احتياط مدرعة قاتلت في القطاع الشرقي (في جنوب لبنان) وتحديداً في الاسبوع الأخير من الحرب، بقيادة العميد ايريز تسوكرمان، وقد شارك رئيس الاركان حالوتس في التحقيق الذي طال أداء الفرقة.
تبين ان هناك انتقادات وصفت بأنها قاتلة وجّهها ضباط الاحتياط في الفرقة إلى أدائها. ومن بين ما أثير في التحقيق: أخطاء خطيرة في أداء القيادة، وإعطاء أوامر غير واضحة وتغيير دائم في المهمات. وعني التحقيق في دراسة أداء لواء المدرعات في الفرقة الذي واجه صعوبة في اتمام المهمات الموكلة إليه في مرجعيون، إذ سجل التحقيق ان إحدى الكتائب كانت قد انسحبت تحت النار، فيما جرى استبدال قائد كتيبة بقائد آخر بعد إبداء الأول تردداً، إضافة إلى إلغاء متكرر لعمليات احتلال بلدة الخيام.
• فرقة آيزنبرغ: وهي فرقة احتياط نخبوية قادها العميد ايال ايزنبرغ. انشغل التحقيق بشكل موسع في الحادثة التي قتل فيها تسعة من جنود الاحتياط جراء صاروخ مضاد للدروع في قرية دبل. وقد شارك رئيس الاركان أيضاً في التحقيق مع الفرقة.
انتقد التحقيق قرار قائد اللواء (في الفرقة) العميد داني كاتس، جراء عدم توجهه إلى المكان (حيث قتل الجنود التسعة)، على رغم انه كان موجوداً في منزل آخر في القرية نفسها وعلى بعد 150 متراً. وتعرض قائد كتيبة أيضاً (في الفرقة نفسها) لانتقادات لتجاهله تحذيرات الجنود بضرورة الانتقال إلى منزل آخر أقل انكشافاً.
ومن بين الأخطاء التي بُحثت أيضاً: التأخير في اتخاذ القرار في ما يتعلق بطريقة إخلاء الجرحى، حملاً على الأيدي وليس عبر المروحيات.
أثيرت في التحقيق أيضاً مآخذ على تعاون سلاح الجو في نقل قوات الفرقة جواً، وعلى قرار سحب كتيبة احتياط (تابعة للفرقة) كانت موجودة داخل المروحيات بعد إسقاط مروحية «اليسعور». وانتقد الضباط ما اعتبروه تردداً لدى أيزنبرغ، إلا أن نبرة الانتقاد بشكل عام، حتى من جانب حالوتس، كانت أقل حدة من انتقاد الفرقة 162.
• فرقة تسور (162): يركّز جنرال الاحتياط موشيه عبري سوكينيك الذي يدير التحقيق على الأداء المختل وعدم إدارة المعارك بحسب الأصول المعتمدة. الفرقة يقودها العميد غاي تسور، والتحقيق معها يقترب من نهايته. وجهت أيضاً انتقادات إلى التنسيق الذي شابه خلل بين لواء المدرعات النظامي ولواء الناحل، اللذين قاتلا في معركة السلوقي وفي قرية الغندورية المجاورة.
• فرقة هيرش (91): يتعلق التحقيق مع هذه الفرقة التي يقودها العميد غال هيرش بالمعارك في مارون الراس وبنت جبيل ومحاور تقدّم لوائي الاحتياط «اسكندروني» و«كرميلي» وسقوط عدد كبير من الإصابات في هذه الأماكن. ويظهر التحقيق انه، إلى جانب الأخطاء، قامت الفرقة، وخاصة لواء المظليين، بقتل العشرات من عناصر حزب الله في المعارك.
يظهر من التحقيق أيضاً ان هناك خلافاً بين هيئة الاركان وقيادة المنطقة الشمالية يتعلق بتسلسل الاحداث في معركتي مارون الراس وبنت جبيل، فبينما تعتبر هيئة الاركان ان التورط في مارون الراس هو نتيجة للمعركة التي خاضتها وحدة «ماغلان» قبل يوم من ذلك في المحمية الطبيعية التابعة لحزب الله في جبل شاكيد المجاور، يرى ضباط في قيادة المنطقة انه لا توجد علاقة بين الأمرين، ويتهمون هيئة الأركان بأنها أصرت في شكل زائد على احتلال بنت جبيل، وهو ما أدى إلى وقوع خسائر كبيرة في (لواء) غولاني (ثمانية قتلى).
• عملية الخطف: المآخذ الرئيسية على منطقة عمل الفرقة 91 تتعلق بعملية الخطف التي أدت إلى اندلاع الحرب، ويبدو ان هناك فجوة بين أداء الفرقة قبل الخطف وبين الأحداث في يوم الخطف نفسه، حيث تكشّفت مشاكل في تشغيل الدبابة التي أرسلت لمطاردة الخاطفين التي قتل فيها أربعة جنود هم طاقم الدبابة، علماً انه اتضح ان ضباطاً حذّروا من إرسال الدبابة من دون مرافقة جرافة لها. وتبين أيضاً وجود خلل في الاتصالات بين الفرقة وقيادة المنطقة الشمالية خلال الحادثة، وتقريباً لم تستخدم المدفعية في منطقة الخطف بعد العملية، لأن منظومة المدفعية في المنطقة كانت قد خُفّفت.


قائد فرقة الجليل في الجيش الإسرائيلي العميد غيل هيرش، التحق في صفوف الجيش الإسرائيلي عام 1982، وخدم في لواء المظليين ووحدة النخبة التابعة لسلاح الجو. ارتبط اسم هيرش بإخفاق الجيش الإسرائيلي في مدينة بنت جبيل، وتسببت تصريحاته وتبجحه بالكثير من الإحراج للجيش الإسرائيلي، وذلك بعدما أعلن، مرتين، أن المدينة قد سقطت بيد الإسرائيليين.