مهدي السيد
تتوالى الهزات الارتدادية داخل صفوف الجيش الإسرائيلي الناجمة عن زلزال الفشل الذي مُني به خلال عدوانه على لبنان،
لتكشف التحقيقات الداخلية مزيداً من الحقائق عن المعارك التي دارت، والمعلومات التي سُرّبت


اظهرت النتائج الأولية للتحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي بشأن الأداء العسكري لفرقة الجليل، خلال العدوان على لبنان، لا سيما ما يتعلق منها بمحاولة احتلال مدينة بنت جبيل، كذب الادعاءات الإسرائيلية باحتلال هذه المدينة من جهة، وفشل القوات الإسرائيلية في تحقيق المهمات التي أوكلت بها من جهة ثانية.
كما تبيّن أيضاً أن التحقيقات انزلقت من المستوى العملاني إلى مستوى له علاقة بعامل الثقة داخل صفوف الجيش الإسرائيلي وبين مستوياته القيادية، من خلال التحقيق الشامل الذي يجري مع مئات الضباط بتهمة تسريب معلومات إلى وسائل الإعلام وتعريض أمن الجنود وحياتهم للخطر، الأمر الذي اثار انتقادات شديدة من عدد كبير من الضباط. وكان لافتاً إعلان الرئيس السابق لقسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية العميد يوسي كوبرفسر، عدم صحة كلام وزير الدفاع عمير بيرتس حين نفى وجود ملف خاص بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مؤكداً وجود هذا الملف، وإن كانت المشكلة تكمن في عدم القدرة على معرفة مكان وجوده دائماً.
ونقل مناحيم راهط في «معاريف» عن كوبرفسر قوله «لا أعرف ما الذي قصده وزير الدفاع. وأنا لن أدخل في تفاصيل ماهية الملفات الموجودة وعمّن وأين. لكن لدينا ملفات لكل من يجب أن يكون له ملف. ولدينا ملف عن نصر الله. لكن السؤال إذا كنا نملك معلومات تسمح لنا بمعرفة مكان وجوده في كل لحظة، هو مشكلة أُخرى. فنصر الله لا يقف في كل لحظة ويصرخ: أنا هنا، أطلقوا النار علي».
وبالنسبة لنتائج التحقيق بشأن العدوان الإسرائيلي على بنت جبيل، أشار فليكس فريش، في «معاريف»، إلى أن كبار ضباط الجيش الإسرائيلي فتحوا، وطوال سبع ساعات، أحد الجراح الأشد إيلاماً للحرب في لبنان. وأوضح أن اللواء احتياط، يورام يئير، قدم أمامهم خلاصات التحقيق بشأن ما حصل في فرقة الجليل، وعلى رأسها أحداث مدينة بنت جبيل. ولم يتركز الانتقاد في التحقيق على القرار المبدئي باحتلال المدينة، بل على نشاط القوات على الأرض، وعلى رأسها قائد الفرقة العميد غال هيرش.
وبحسب ما نقله فريش عن جهات شاركت في التحقيق، فقد انزلق الحديث أحياناً إلى توجيه عبارات شخصية قاسية وإلى انتقادات خرجت عن الحدود المهنية، مضيفاً أن يئير ركز انتقاده على العميد هيرش، ولا سيما على قوله في 25 تموز بأن قواته تسيطر على بنت جبيل، حيث قُتل بعد يوم على هذا التصريح 8 جنود من لواء غولاني. وأكّد التحقيق حقيقة فشل الجيش الإسرائيلي في احتلال المدينة من خلال ما ورد فيه لجهة «أن الجيش الإسرائيلي دخل إلى بنت جبيل وانسحب منها مرات عديدة، بما يثير الالتباس، الأمر الذي جعله يخسر في كل مرة ميزة التواصل والاستمرارية. وفي نهاية الأمر، وحتى اليوم الأخير من الحرب، واصلت القوات الإسرائيلية اشتباكاتها مع المقاتلين ولم تنجح في حسم المعركة في المدينة».
وطاولت الانتقادات، بالإضافة إلى هيرش، قائد لواء المظليين العقيد حجاي مردخاي، وقائد لواء غولاني العقيد تمير يدعي. فلواء المظليين الذي كان من المفترض به احتلال التلة الغربية لبنت جبيل ولم ينجح في ذلك بالوقت المحدد، وبذلك، عندما اندلعت المعركة مع غولاني، لم يتمكن المظليون من المساعدة.
إلى جانب التحقيقات العملانية التي يجريها الجيش، هناك تحقيقات أيضاً ذات طابع إعلامي تتمثل في ملاحقة الضباط الذين سرّبوا معلومات إلى وسائل الإعلام. وبحسب «معاريف»، فقد أعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الشرطة العسكرية وشعبة أمن المعلومات بدأتا التحقيق مع الضباط الذين تحدثوا هاتفياً مع صحافيين خلال الحرب، وتسببوا، بحسب أقوال الناطق العسكري، بالمسّ بأمن القوات وتعريض حياة الناس للخطر.
وتجدر الإشارة إلى فتح تحقيق في هذا المجال بعدما درس المدعي العام العسكري الرئيسي معطيات عن تحقيق واسع أجرته شعبة أمن المعلومات مع مئات الضباط. وقد بدأ التحقيق بأمر من رئيس الأركان دان حالوتس، وتبين أن نحو 450 ضابطاً تحدثوا مع صحافيين.
وبحسب «معاريف»، فإن الحجة التي يقدمها الجيش ليبرر حملة الصيد التي يشنّها على ضباطه، تفيد بأن معلومات سرية سُربت إلى وسائل الإعلام خلال الحرب، كان من شأنها تعريض أمن قوات الجيش للخطر.
وكشفت الصحيفة أن ضباطاً كثراً وجّهوا انتقادات إلى قرار رئيس الأركان دان حالوتس، معتبرين أن هذا الأمر يمسّ بقوة مستوى الثقة الذي لا يزال موجوداً في قيادة المؤسسة العسكرية، بينما قال ضباط آخرون إن فشل الجيش الإسرائيلي في الحرب لم يحصل طبعاً جرّاء محادثات الضباط مع صحافيين عبر الهاتف، وإنه من الأفضل للجيش الإسرائيلي التركيز على الأسباب الرئيسية لنتائج حرب لبنان.