يحيى دبوق
تل أبيب «قلقة» من حصول الجيش اللبناني على صواريخ مضادة للطائرات

سعت الحكومة الإسرائيلية أمس إلى احتواء التهديدات الفرنسية باستهداف الطائرات الإسرائيلية في الأجواء، فحصلت على «توضيح» من باريس يفيد بأن الموقف الفرنسي مجرد «زوبعة في فنجان»، وهو ما أعطى حرية تصريحات للمسؤولين الإسرائيليين الذين أصروا على الخروق الجوية للأجواء اللبنانية، وهددوا باستهداف قوات اليونيفيل إذا تعرضت الطائرات الإسرائيلية لإطلاق نار.
وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن اتصالات على مستويات رفيعة جرت بين إسرائيل وفرنسا في نهاية الأسبوع الماضي، بهدف تهدئة الخواطر بعد التصريحات الفرنسية. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن «الفرنسيين سارعوا إلى الإيضاح لنظرائهم الإسرائيليين أنهم ليس في نيتهم فتح النار على طائرات اسرائيلية، وأن وزيرة الدفاع ميشيل آليو ماري قصدت أن القوات ستدافع عن نفسها فقط في حالة تعرضها للهجوم».
وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أن «إسرائيل وفرنسا سوّتا الخلاف على الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق لبنان»، من دون أن توضح الاساس الذي بنيت عليه التسوية، إلا أنها نقلت عن «مصادر سياسية اسرائيلية» قولها إن «الخشية من قيام القوات الفرنسية بالتعرض للطائرات الاسرائيلية قد ازيلت عن جدول الاعمال».
وكشفت «معاريف» أنه «في أعقاب العاصفة التي أحدثتها التصريحات الفرنسية، قدمت فرنسا توضيحات إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية في القدس تفيد بأن قوة اليونيفيل لن تطلق النار باتجاه الطائرات الإسرائيلية، إلا إذا قامت هذه الطائرات بالمبادرة إلى شن هجمات على أهداف تابعة للقوة الدولية في لبنان».
ونقلت «معاريف» عن مصادر امنية إسرائيلية تهديدات مبطنة تحمل تأويلات، ويمكن استخدامها في أكثر من اتجاه في السجال الحاصل. وقالت المصادر إن «الجيش الإسرائيلي سيقصف مواقع للقوات الدولية في لبنان إذا تعرضت طائراته الحربية في أجواء لبنان لنيران مضادة للطيران». وأضافت أنه «رغم قلق المؤسسة العسكرية في إسرائيل من الأصوات المهددة التي تُسمع في فرنسا، فقد أكدت محافل أمنية إسرائيلية على تكرار اختراق الأجواء اللبنانية».
ولكن ليس واضحاً، بحسب «معاريف»، كيف سترد الطائرات الإسرائيلية إذا حاولت قوات اليونيفيل اطلاق صواريخ عليها، رغم انها نقلت عن مصادر أمنية تقديرها أن «من الصعب رؤية وضع تُطلق فيه قوة فرنسية النار علينا؛ لكن في جميع الأحوال، فإن وقف الطلعات الجوية في هذه الأثناء غير مطروح أبداً على بساط البحث».
إلى ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس، في جلسة الحكومة الأسبوعية أمس، إن «الجيش الاسرائيلي ليس في وارد ايقاف طلعاته الجوية (فوق لبنان) ما دامت عمليات تهريب السلاح من سوريا الى حزب الله متواصلة، وما دام لبنان وحزب الله لا يطبقان القرار 1701».
وأشارت صحيفة «هآرتس» أيضاً إلى أن «إسرائيل ستواصل اختراق الأجواء اللبنانية ما لم يفرض حظر على تزويد حزب الله السلاح»، وهو ما اكدته أيضاً مصادر سياسية رفيعة المستوى لصحيفة «يديعوت أحرونوت».
وقالت المصادر نفسها إن «اسرائيل لن توقف طلعاتها الاستخباراتية ما لم يطبق القرار 1701، وما دامت الحدود السورية اللبنانية منفلتة تماماً لتهريب السلاح»، مشيرة إلى أن «اسرائيل ردت اقتراحات اميركية وفرنسية بأن توفر لها المعلومات الاستخبارية من خلال الاقمار الاصطناعية، في مقابل وقف الطلعات الجوية».
واوضحت مصادر امنية لصحيفة «يديعوت» ان «تحليق الطائرات الإسرائيلية كان بهدف جمع معلومات استخبارية والتقاط الصور، ولا نية لدينا لوقف هذه الطلعات».
وكانت الأيام الأخيرة قد شهدت توتراً بين اسرائيل وفرنسا على خلفية الطلب الفرنسي بوقف «الطلعات الاستخبارية لسلاح الجو الإسرائيلي» في سماء لبنان، وتصريح قائد قوة اليونيفيل الجنرال الفرنسي آلان بلليغريني بأن طلعات سلاح الجو الإسرائيلي فوق لبنان خرق للقرار 1701، وأنه يحتمل أن تضطر فرنسا إلى استخدام «الوسائل المعدة للدفاع عن النفس». كما انضمت وزيرة الدفاع الفرنسية ميشال أليو ماري الى الانتقاد الموجه لإسرائيل ووصفت الطلعات الجوية بأنها «خروق لوقف اطلاق النار جانب اسرائيل وهي خروق خطيرة جداً ويجب أن تتوقف لمصلحة جميع الاطراف».
ورغم تأكيد محافل أمنية إسرائيلية لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن اسرائيل لا تتعاطى مع هذه الاقوال كتهديد حقيقي، إلا أن الضغط الكبير الممارس على اسرائيل من جانب دول اوروبا ومن الامم المتحدة لوقف الطلعات فوراً، بحسب الصحيفة، بدأ يعطي مؤشراته.
وذكرت الصحيفة «أن المسؤولين الإسرائيليين يقولون علناً إنهم لن يوقفوا الطلعات ما دام تهريب السلاح يتواصل من سوريا (الى حزب الله)، ولكن في المداولات الداخلية يجري النظر في الامر بجدية، وتُعقد مداولات حثيثة هدفها فحص موضوع تقييد الطلعات أو وقفها تماماً».
ورجحت «يديعوت» أن تتخذ القيادة السياسية في اسرائيل قراراً بهذا الشأن في الايام القليلة المقبلة، علماً بأن التقارير الإعلامية المختلفة تؤكد أن التعليمات المعطاة للجيش الاسرائيلي تتعلق بمواصلة الطلعات الجوية كالمعتاد فوق سماء لبنان، سواء الطلعات التي تقوم بها الطائرات الحربية أو طائرات الاستطلاع من دون طيار.
في سياق آخر، أشارت «يديعوت» أيضاً إلى وجود «قلق إسرائيلي من إمكان تزوّد الجيش اللبناني بصواريخ مضادة للطائرات من طراز استر 15، بعدما تقدّم لبنان بطلب للحصول عليها من فرنسا وايطاليا». ومرد القلق، بحسب الصحيفة، «الخشية من وصول هذه الاسلحة في نهاية المطاف الى حزب الله وتهديدها لطائرات سلاح الجو الإسرائيلي».