strong>“حرب الجنرالات” لا تزال مستعرة: لقد أصبنا بخطيئة الغرورمحمد بدير

تتوالى فصول حرب الجنرالات في إسرائيل، رغم انتهاء العدوان على لبنان، لتكشف، في كل يوم تقريباً، عن جديد في الجبهات المستعرة بين كبار قادة الجيش، الحاليين والسابقين، من تراشق الاتهامات وتقاذف المسؤوليات، إلى حد بدا معه أن الأمور لن تقف عند حد.
في مقابل ذلك، وعلى وقع معلومات تكشفت حول تجاهل الاستخبارات العسكرية مؤشرات كانت بحوزتها تدل على تحضيرات المقاومة لتنفيذ عملية أسر، تتواصل حلقات اعتراف ضباط الجيش بأوجه القصور والخلل التي واجهوها خلال المعارك وتسببت بالفشل الذي أفضت إليه نتائج الحرب.
فقد انضم القائد السابق لسلاح البر، الجنرال يفتاح رون طال، إلى جوقة حملة الأسواط ضد قيادة العدوان على لبنان، واصفاً نتائج الحرب بأنها كانت "فشلاً من بلاد الفشل". وانتقد طال، خلال مشاركته في تظاهرة إسرائيلية تطالب باستعادة الجنديين المخطوفين في لبنان، إدارة الجيش للحرب، معتبراً أنه كان عليه "تجنيد الاحتياط والدخول الى لبنان بطريقة مرتبة ومبرمجة". وقال طال "إن الجيش دخل الحرب بشعور أنه يستطيع إنهاء القضية من الهواء ومع سلاح الجو. وهذه هي خطيئة التهور". وطالب طال، الذي يتردد اسمه كأحد المرشحين لخلافة قائد المنطقة الشمالية المستقيل أودي آدم، بتأليف "لجنة تحقيق رسمية"، مشيراً، إلى أنّ "الطريقة الوحيدة لفحص ما جرى تأتي عن طريق لجنة تحقيق رسمية وهذه اللجنة ستقوم قريباً".
في السياق نفسه، نشرت صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، مقابلة مع جنرال رفيع في الجيش هاجم فيها إدارة الجنرالات للحرب ووصل إلى حد اعتبار "تعيين حالوتس قائداً للأركان خطأ منذ البداية". وقال الجنرال، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إن "إسرائيل لم تنتصر في هذه الحرب". وتساءل غامزاً من قناة حالوتس "لا أفهم ماذا يعني الانتصار بمراكمة النقاط. هل نحن في مباراة رياضية؟ الحرب إما خسارة وإما انتصار. انتهت حربنا مع حزب الله إلى جعلنا أكثر قرباً من الحرب المقبلة مع الدول العربية". أضاف "نحن في مأزق قيادي معقد. للأسف، هذا ليس الجيش الذي أعرفه. الجيش غارق في التكنولوجيا، ونسي الاستثمار في تثقيف وتربية الضباط وتدريب الوحدات".
ووصف الجنرال، الذي وصفته الصحيفة بأنه "من أفضل من مروا على الجيش الإسرائيلي"، ما يجري في أروقة الجيش الإسرائيلي "بالتكبر الفاحش"، وقال "لقد أصبنا بخطيئة الغرور. كان هناك ظهور لأحد قادة الألوية في الجيش على شاشات التلفزيون في اليوم نفسه الذي قتل فيه ستة جنود اسرائيليون. فبدلاً من أن يكون مع المقاتلين اختار أن يكون على شاشة التلفزيون. هل هذا ما نريد نقله للناس أثناء الحرب والقتال؟". وانتقد، في السياق نفسه، تصريحات قائد سلاح الجو الإسرائيلي التي وصف من خلالها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأنه "رئيس عصابة". وقال "لقد هزني مستوى العنجهية الموجودة في مثل هذه التصريحات". وحول الرد على عملية أسر الجنديين، قال: "الرد كان سريعاً وليس مخططاً. إذا أرادوا حرباً شاملة فلا يمكن الخروج إليها خلال ساعتين"، مشيراً الى أن "رئيس الوزراء وقائد الأركان خططا لحملة عسكرية تأتي رداً على عملية حزب الله وعندما لم يجنيا ثماراً من الحملة تحولت الحملة الى حرب واسعة".
من جهة أخرى، كشفت صحيفة "هآرتس" أمس أن فحصاً داخلياً أجراه الجيش الإسرائيلي حول عملية أسر الجنديين بيّن أن شعبة الاستخبارات العسكرية "تجاهلت مؤشرات تدل على تحضيرات يقوم بها حزب الله لتنفيذ عملية أسر". وبحسب التقرير الذي توصلت إليه نتائج التحقيق، فإنّ "الكشف المبكر عن هذه المعلومات كان يمكن أن يمكّن الجيش من إحباط عملية الاختطاف"، إلا أنه "لم يتم تحليل هذه المعلومات ولا فهمها ولا تعميمها في صفوف القوات الميدانية". ورفضت مصادر في الاستخبارات العسكرية الكشف عن ماهية المعلومات التي توافرت قبل عملية الأسر، في حين تحدثت مصادر عسكرية أخرى، وفقاً لـ"هآرتس"، عن وجود "أخطاء سابقة"، من بينها أخطاء لدى وحدة الجمع المركزية في الاستخبارات، الوحدة 8200، تسببت بالحؤول دون حصول إنذارات مبكرة عند القوات في الميدان. ورفض المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي تأكيد هذه المعلومات بحجة أن التحقيقات مستمرة في شعبة الاستخبارات العسكرية وفي قيادة المنطقة الشمالية.
وعلى صعيد الخلل الاستخباري أيضاً، انتقد ضابط كبير في سلاح الجو الإسرائيلي عمل الاستخبارات الإسرائيلية قبل العدوان على لبنان معتبراً أنه "لو كان في يد الجيش معلومات كاملة عما يجري في القطاع القريب من الحدود الشمالية في الجنوب اللبناني لكان من الممكن الاستعداد أكثر وإعطاء حلول للتهديد الصاروخي عن طريق البر والبحر".
وأشار الضابط إلى أن على إسرائيل "استخلاص العبر من الحرب وخاصة في ما يتعلق بالصواريخ القصيرة المدى. وعلى استخلاصات العبر هذه أن تكون ذات صلة بما يجري في الضفة الغربية أيضاً".
واعترف الضابط بوجود "فجوة بين جودة أجهزة الجمع المعلوماتي الموجودة لدى سلاح البر وتلك الموجودة لدى سلاح الجو". وأشار إلى أن "الصور الجوية التي كانت بأيدي سلاح الطيران كانت حديثة في حين استخدم قادة الألوية خرائط تعود إلى عامي 2000 و 2002، ولا تشمل الأبنية التي استجدت في القرى منذ ذلك الوقت"، الأمر الذي "زاد الصعوبات أمام ضباط الوحدات البرية في التنسيق بشكل دقيق عندما كانت هناك حاجة إلى تنفيذ تغطية نارية جوية من أجل إخلاء القوات".