حيفا ــ فراس خطيب
لم تمر أربعة أيام على عودة وفد «التجمع الوطني الديموقراطي» من زيارة «التضامن والتواصل» في بيروت ودمشق، حتى استدعي أعضاؤه جميعاً إلى التحقيق في قسم «الجرائم الدولية» التابع للشرطة الإسرائيلية. وسيُحقق مع رئيس الحزب النائب عزمي بشارة غداً الخميس في مدينة بيتح تكفا المجاورة لتل أبيب.
كما استدعي النائب جمال زحالقة والنائب السابق محمد حسن كنعان للتحقيق معهما اليوم الأربعاء، وسيُحقَّق مع النائب واصل طه الاثنين المقبل، بعدما حققت الشرطة أول من أمس مع النائب السابق محمد ميعاريورأى بشارة، في حديث لـ «الأخبار»، أنَّ مثل هذه التحقيقات والمحاكمات تأتي في سياق إسرائيلي لـ «وضع الفلسطينيين في الداخل وقادتهم في موقع الاتهام والدفاع عن النفس»، مشيراً إلى أنه بدأ يعتقد أن «هذا النهج مبرمج ومدروس».
وقال بشارة إن استدعاءه للتحقيق «كان متوقعاً»، مبيناً أنه يواجه «منذ ست سنوات دعاوى ومحاكمات وتحقيقات في إسرائيل، وهذا ليس جديداً».
وتشن السلطات الإسرائيلية هجوماً مكثفاً على الزيارة، تساندها وسائل الإعلام العبرية قاطبة، التي لم توفر فرصة للهجوم على أعضاء الوفد المتواصلين مع سوريا ولبنان، منتقدين «التوقيت غير الملائم، من دون مراعاة الوضعية السياسية (الإخفاق الإسرائيلي) التي تمخضت عن حرب لبنان الثانية».
في المقابل، فنَّد بشارة هذه الادعاءات، ورأى أن «التوقيت هو أساس هذه الزيارة»، قائلاً: «إذا لم نتضامن مع لبنان اليوم وفي هذه الظروف الحتمية فمتى سنتضامن معه؟ هل علينا انتظار الحرب المقبلة؟ لو كان باستطاعتنا أن نسافر إلى هناك أثناء الحرب وأن نكون مع إخواننا لكنا فعلنا، ولكن هذا تعذر. ولذا، قمنا بالزيارة مباشرة بعد الحرب، وخصوصاً أننا نعرف أنَّ العدوان الإسرائيلي على لبنان لم ينته، العدوان مستمر ولكن بأساليب أخرى».
وتابع بشارة: «التواصل هو أمر طبيعي، ولكن من غير الطبيعي القبول بالتحديدات والتقيدات الإسرائيلية في نوع العلاقة التي ترغبها إسرائيل بيننا وبين الشعوب العربية والمجتمعات العربية والدول العربية على حد سواء».
ويوضح بشارة أن إسرائيل «تريد من الفلسطينيين في الداخل أن يكونوا مواطنين صغاراً ورعايا لا يتدخلون في السياسية، ولا يوجد لديهم أفق واسع وأن يتركوا السياسة للإسرائيليين»، مشيراً إلى أنَّ «اليسار واليمين الإسرائيليين على حد سواء يجن جنونهما عندما يتمتع العرب بعلاقات مع رؤساء دول وصنّاع قرار في أوروبا والعالم العربي من دون دخولهما تحت الوصاية الإسرائيلية».
الموقف يبدو واضحاً، وبشارة لا يجد مشكلة بأن «يتحدث عن انطباعاته من الزيارة» إذا سألته الحكومة الإسرائيلية، ولكنّه يعلم تماماً بأن «إسرائيل لن تسأل، بل ستستمر في التحريض». بالنسبة إليه القضية محسومة «أي تواصل تحت الوصاية الإسرائيلية هو تطبيع حتى إحلال سلام شامل وعادل وعاجل مع نيل الشعب الفلسطيني حقه الكامل». وأضاف: «لا نقبل أن يقرر لنا وزير الداخلية الإسرائيلي، المعروف بمواقفه اليمينية العنصرية مع من نتواصل ومع من لا نتواصل».
وحول الاتهامات الاسرائيلية بأنَّ هذه الزيارة «تعمّق أزمة الفلسطينيين في الداخل»، قال بشارة: «عندما وقف والد الشهيدين في الناصرة وقال إنه لا يحمّل المقاومة اللبنانية المسؤولية قالوا إن هذا يزيد أزمة الفلسطينيين في الداخل، وعندما ندافع عن حقنا، وعندما نتظاهر وعندما نتصدى لهدم بيت يقولون الشيء نفسه. يريدون أن يكونوا أوصياء علينا، وان نتصرف بوصاية منهم».
وكانت وحدة التحقيق قد حققت مع النائب السابق محمد ميعاري متهمة أياه بـ «زيارة دولة عدوة». وقال ميعاري لـ «الأخبار»: «قلت لهم إني لا أعتبر سوريا دولة عدوة. أنا لي أقارب في سوريا. أبناء عمي كلهم هناك منذ العام 1948. كيف لي أن اعتبر أبناء عمي أعداء لي؟! القانون الذي يمنع التواصل هو العدو وهو العنصري».