هآرتس ــ يسرائيل هرئيل
حرب الاستقلال أُعطيت اسماً، وكان لها هدف، والهدف كان متطابقاً مع الاسم. أما حرب سيناء في الخمسينيات وحرب سلامة الجليل فقد كانت لهما أهداف استراتيجية محددة سلفاً. أما حرب حزيران فلم يطلق عليها اسم رسمي ولو بعد حين. إحدى النتائج المترتبة على ذلك كانت: استمرار الجدل حتى يومنا هذا ــ المتسبب في الانقسام والتفسخات ــ حول أهداف تلك الحرب. إسرائيل، كما تبين منذئذ، تحفل بالشعارات، إلا أنها تفتقر إلى الأهداف المحددة بالنسبة إلى هويتها وحدودها. حاول الجيش الإسرائيلي، في المقابل، إيجاد اسم «لحرب الإرهاب» التي اندلعت بعد، ولكن لم يكن من الغريب أن يتبنى الجمهور الاسم الذي أطلقه العدو على هذه الحرب: الانتفاضة. وهذا أحد الأسباب فقط من وراء عدم التغلب على الإرهاب، رغم أن إسرائيل كانت قريبة من ذلك. فك الارتباط أنقذ حماس من الهزيمة العسكرية، مثلما أدت اتفاقية أوسلو إلى إنقاذ عرفات وفتح.
حرب لبنان الأخيرة أيضاً، التي حددت لها أهداف بما في ذلك إطلاق سراح الجنديين المخطوفين، لا تملك اسماً. غياب الاسم ليس صدفة. بدلاً من الالتصاق بالهدف الحقيقي البعيد المدى مع التمسك بالهدف على الصعيد العسكري، تغيرت الأهداف وتبدلت في كل يوم وفقاً لمجريات الحرب. وهكذا أيضاً ولد الهدف الذي أعلن عنه إيهود أولمرت عندما كان لا يزال يعتقد بأن إسرائيل تواصل التقدم نحو الانتصار، دفع خطة الانطواء إلى الأمام. لم تعد إسرائيل، منذ حرب حزيران، تسعى إلى تحقيق أهداف وطنية عليا لأنها ببساطة لم تتفرغ لتحديد هذه الأهداف لنفسها. لا غرابة، إذ إن الجميع يناشدون أولمرت تبني «أجندة جديدة» بعد تجميده لخطة الانطواء، لأن أحداً لا يفكر حتى بمطالبته بالسير نحو الهدف الاستراتيجي. وعندما تغيب الرؤية ويصبح كل شيء حافلاً بالمناورات والبالونات والصرعات الإعلامية الهادفة للحفاظ على البقاء السياسي، تكون النتائج التي حصلنا عليها في لبنان طبيعية.
لقد أقسمنا ونذرنا النذور في السابق بألا يتكرر الوضع الذي فوجئنا به في حرب يوم الغفران، ولكننا تنكرنا لنذورنا في مواجهة الفلسطينيين وحزب الله. في السنة الأخيرة أيضاً، ورغم أن كل الأجراس قد قرعت وكل الأضواء الحمراء قد أُشعلت، إلا أننا لم نرد على تحرشات حسن نصر الله، ومنحنا حماس فك الارتباط، الأمر الذي أوصلها إلى سدة الحكم بعد ذلك، وكثف عمليات القصف على تجمعات النقب وأدى إلى اختطاف جلعاد شاليط.
لم نتعلم شيئاً ولم ننس شيئاً، كما تشير أوهام أوسلو والفرار من لبنان والجدار وفك الارتباط. لهذه الأمور كلها، يتوجب علينا أن نلطم صدورنا في يوم الغفران، وأن نعبر عن الندم من الاستخفاف والوقاحة والتوبة الكاذبة، وأن نبتهل غلى الله قائلين: «غفرانك يا رب وعفوك، فلتكفِّر عنا ذنوبنا وخطايانا».