strong>«مفاجآت» المقاومة الإسلامية التي «أذهلت» قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال عدوانها الأخير على لبنان لا تزال تشغل الاوساط الإسرائيلية التي تحاول تحليلها واستبيان أسبابها، محملة الجيش والاستخبارات المسؤولية عنها.
محمد بدير

ركز المعلقون في الصحف الإسرائيلية أمس على الصواريخ المضادة للدبابات وعلى صواريخ الكاتيوشا وفشل الاستخبارات الإسرائيلية في تحديد بنك أهداف يتميز بالدقة والشمولية بوصفها المفاجآت التي أدت الدور الأبرز في هزيمة جيش الاحتلال الإسرائيلي في لبنان.
وتوقف زئيف شيف، في «هآرتس»، عند ما رآه مفاجأة الحرب الثانية في لبنان، وهو السلاح المضاد للدروع، والطريقة التي استخدمه فيها حزب الله. وبحسب شيف، إن «هذه بالضبط كانت مفاجأة الجيش الاسرائيلي في حرب يوم الغفران في الجبهة المصرية. وهذا ما حصل أيضاً في الحرب مع حزب الله. كنا نعرف بالصواريخ المضادة للدبابات الحديثة التي يملكها، كما أدركنا أن حزب الله يشكل خلايا مضادة للدبابات، ولكننا لم نفهم معنى الاستخدام المكثف بهذا القدر لهذا السلاح. وكانت النتيجة أن معظم اصابات الجيش الاسرائيلي في الحرب هذه المرة كانت من السلاح المضاد للدبابات».
وأضاف شيف أن «الصواريخ فاجأت دوماً الجيش الاسرائيلي؛ فسلاح البحرية فوجئ هذه المرة بصاروخ شل فعالية البارجة حنيت»، مشيراً إلى أن حزب الله استخدم سبعة صواريخ مختلفة في الحرب، بينها أربعة من الصواريخ اكثر حداثة كلها روسية. وختم شيف بالقول إن «الدروس لم تستخلص حالياً، وعلينا أن نتذكر أن العدو أيضاً يستخلص الدروس».
بدوره، رأى المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، اليكس فيشمان، أن «احدى المفاجآت الكبرى في الحرب لم تكن في نوع الوسائل القتالية التي يمتلكها حزب الله، بل في كميتها؛ ففي الاستخبارات، عرفوا أن لدى حزب الله صواريخ مضادة للدبابات من طراز متطور، ولكنهم فوجئوا بكمية الصواريخ التي أُطلقت. كما فوجئوا ايضاً بعدد صواريخ الكاتيوشا التي أُطلقت».
وأضاف فيشمان أن «تقنية القتال التي طورها حزب الله في جنوب لبنان تظهر في الكتب، إلا أن قيادة المنطقة الشمالية احتاجت إلى فترة زمنية معينة حتى تدرك أن منطق القتال في كل خلية ميدانية هو منطق فرقة كوماندوس: تجري العمليات في منطقة صغيرة، ولكن في كل مكان هناك يد موجهة ومُديرة، في موازاة كل المعركة في جنوب لبنان».
وتحدث فيشمان عن مفجأة الاخفاق الاستخباري، عندما أشار إلى أن «قادة الكتائب التي خرجت الى القتال حصلوا على خرائط جوية كانت قد التقطت في العام 2002، لكن الواقع على الأرض تغير منذ عام 2002 بدرجة كبيرة».
وأوضح فيشمان أن هناك وجهاً آخر من المفاجآت، ليس مادياً ولا تقنياً، بل بشري. وقال إن «سلاح الجو والمدفعية عملا بصورة مكثفة. المدفعية وحدها أطلقت 130 ألف قذيفة خلال العملية. ولكن العدو بقي، بعد كل هذا الضجيج، في الجنوب، واقفاً على قدميه. ما الذي عرفناه حول قدراته الدفاعية؟ هل كانت الاستخبارات قادرة على توفير أهداف للمدفعية تعطي تأثيراً صحيحاً وتضمن ألا يكون اطلاق النار عشوائياً غير مركز؟ والسؤال الأكبر: لماذا بقي العدو في مكانه رغم الهجمات المكثفة؟ لم يكن صمود حزب الله فقط قضية ردع اسرائيلي محطم. هذه ايضاً مشكلة استخبارات».
أما عميت كوهن فقال من جهته، في «معاريف»، إن «الجهات الاستخبارية تدعي انها عرفت جيداً ما يحدث في جنوب لبنان. عرفت بأمر التحصينات وبالأنفاق الطبيعية التي حولت الى مخابئ، وعرفت بوجود الصواريخ المضادة للدبابات وبقدرة حزب الله على الصمود. ولكن رغم كل ذلك، اصيب الجنود، عندما دخلوا الميدان، بالذهول والصدمة».
ويضيف عميت أنهم «في شعبة الاستخبارات العسكرية يقولون انهم حذروا سلفاً من وجود محميات طبيعية، وهي المواقع العسكرية التي اقامها حزب الله. اعدت عمليات مسح استخبارية كبيرة وسرية جداً عن المسألة. ولكن المقاتلين الذين لم يقرأوا المواد السرية بصورة طبيعية توقعوا بينهم وبين أنفسهم وجود خيمة وعدد من الراجمات. غير أنهم، عندما شاهدوا بوابة فولاذية تفتح من الارض لتتكشف عن فتحة تطل على نفق اسمنتي فوجئوا جداً.
ويضيف عميت أن «ثمة نقداً آخر يوجه في المؤسسة الأمنية الى الاستخبارات حول نفاد بنك الاهداف خلال ايام القصف المعدودة. كان الاحساس ان كمية الاهداف لم تلائم قوة النار، اي أن سلاحي الجو والمدفعية كانا يملكان ناراً كثيفة، ولكن لم يكن هناك ما يكفي من الاهداف لتوجيه هذه النار اليها».