strong>تزايد حدة الصراع داخل «العمل» لإطاحة بيرتس
علي حيدر

كثّف المسؤولون الإسرائيليون مواقفهم التي تحرض المجتمع الدولي على الضغط باتجاه تنفيذ المهمات التي لم يفلح جيش الاحتلال في تحقيقها خلال عدوانه على لبنان ضمن إطار القرار 1701، في وقت تزايدت فيه حدة الصراعات داخل حزب العمال في محاولة لإطاحة رئيسه، وزير الدفاع عمير بيرتس.
وأقرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني بأن "لا إسرائيل ولا لبنان يستطيعان نزع سلاح حزب الله من دون مساعدة دولية، وقبل التأكد من عدم حصوله على أسلحة". ورأت أن إسرائيل "دفعت ثمن ضعف موقع (رئيس الوزراء فؤاد) السنيورة" الذي "لا يستطيع أن يفعل الكثير في لبنان" وهو ما يؤكد الحاجة "الى تلك المساعدة (الدولية) ليصبح لبنان طبيعياً ويستطيع أن يعيش في سلام".
وقالت ليفني إن إسرائيل تتوقع ان تضمن القوات الدولية نشر الجيش اللبناني في جميع أنحاء الجنوب، مشيرة إلى أنه "إذا لم يُفرض هذا الحظر على التسليح، وإذا نجحوا في الحصول على أسلحة واستطاعوا إعادة تسليح أنفسهم، فسنواجه المشكلة نفسها مرة أخرى ويمكن أن يؤدي ذلك الى تكرار الموقف"، وعليه، يجب استخدام "كل الوسائل الممكنة لتنفيذ هذا الحظر على الأسلحة". وشددت على أن الحظر على الأسلحة "لم يطبق بعد" وهو ما يطرح "مشكلة كبيرة".
وقالت ليفني إن إسرائيل تولي أهمية كبيرة للقرار 1701، الذي حوَّل القرارات الدولية السابقة التي لم تحترم الى "نوع من خطة عمل"، مشددة على أن إسرائيل تريد أن "ينفذ (القرار) كاملا". ورأت أنه إذا طبّق القرار فإن ذلك «سيصب في مصلحة إسرائيل والأطراف المعتدلة في لبنان والفلسطينيين». إلاّ أنها عادت وربطت ذلك بإعادة الجنديين الإسرائيليين لدى حزب الله، لأن مشكلتهما إذا بقيت بلا حل "فالأمر كله لا يعني الكثير. أمة بأسرها تنتظر عودة الجنديين المخطوفين الى ديارهما".
كما دعت ليفني الى التصدي "للتهديد" الذي تمثله إيران التي تسعى، بنظرها، إلى كسب الوقت من أجل الحصول على القنبلة النووية. ودعت العالم الى "أن يدرك أنه يجب أن يتحرك لكي يتوقف تخصيب اليورانيوم في إيران" كونه يشكّل "أمراً أساسياً للسلام في العالم".
في هذا الوقت، تتصاعد الاعتراضات على وجود عمير بيرتس على رأس حزب العمل، الذي أفادت أوساط فيه أن لا مفر من تغييره كرئيس للحزب.
وتأتي هذه المواقف بعد تدني شعبية بيرتس الى الحضيض في أعقاب فشل الحرب على لبنان وبعدما أظهرت استطلاعات الرأي تراجعاً حاداً في شعبية حزب العمل وخسارته 8 مقاعد. ويحمِّل مسؤولون في «العمل» هذا التراجع في مكانة الحزب الى بيرتس شخصياً. كما يعمل هؤلاء على تقديم موعد الانتخابات التمهيدية المقرر عقدها في أيار عام 2007 من أجل تثمير الوضع الشعبي وتوظيفه في إسقاط بيرتس.
في هذا السياق، رأى مسؤولون في حزب العمل أنه "في الوقت الذي يحظى فيه وزير بنسبة واحد في المئة فقط بجواب نعم رداً على سؤال عما اذا كان ملائماً أم لا ليكون وزيراً للدفاع (في أحد استطلاعات الرأي) فهذه نهاية دعم الجمهور له. ولا يقبل أي حزب أنْ يضع مسؤولاً عليه لا يحظى بتأييد وشعبية من قبل الإسرائيليين، لذا لن يكون هناك مناص من تغيير بيرتس".
وأشارت أوساط حزب العمل أن موافقة بيرتس على استلام حقيبة الدفاع في الحكومة من أجل أن يبني نفسه كقائد إسرائيلي، كانت بمثابة "تدمير ذاتي". ومن المتوقع أن ينشط قبالة بيرتس أعضاء كنيست مقبولون من الجمهور أكثر منه من بينهم: عامي أيالون وافيشاري بروفرمان، اللذان يتوقع أن يرشح أحدهما نفسه لرئاسة حزب العمل.
في المقابل، يحاول بيرتس تحسين وضعه الصعب في حزب العمل والجمهور على حد سواء. وهو يبادر إلى عقد لقاءات كثيرة مع شخصيات بارزة في حزب العمل وأعضاء الكنيست ويعمل أيضاً على منع إجراء انتخابات تمهيدية مبكرة. وكجزء من محاولة ترميم صورته والتقليل من أهمية النتائج السلبية لفشل العدوان، رأى بيرتس أنه "يجب النظر الى نصف الكأس المملوءة في ما يتعلق بالحرب على لبنان". أضاف "كانت هناك مواجهات خرج منها الجنود الإسرائيليون أبطالاً. ودولة إسرائيل اليوم قوية وذكية. وتنظر الى التطورات في سوريا ولبنان بعين مفتوحة».
ورأى بيرتس أنّ من إيجابيات هذه الحرب كشفها "عن حلقات ضعيفة في المجتمع الإسرائيلي. كانت هذه الحرب فرصة لكشف الإخفاقات والسلبيات والتحقيق فيها." أضاف بيرتس إن "مواطني الشمال الذين يسكنون في قبالة الحدود مع لبنان، سيرون قريباً جنوداً لبنانيين على الحدود بدلاً من رجال حزب الله؟ وبهذا سينالون مقابلاً عن الأيام الصعبة التي مروا بها».
إلى ذلك، حمّل وزير البنى التحتية بنيامين بن اليعزر (حزب العمل) رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس المسؤولية عن "نتائج الحرب في لبنان"، مشيراً إلى أنَّ "الحرب لم تُدر كما يجب. وكان الاتكال على سلاح الطيران وحده خطأ. والمخطئ هو من اعتقد بأنَّنا نستطيع إنهاء الحرب بضربة جوية». أضاف بن اليعزر إنَّ المستوى السياسي "أخطأ هو أيضاً عندما قبل توصيات المستوى العسكري".
وقال بن اليعزر، الذي كان ممن أيدوا اجتياحاً برياً للجنوب اللبناني منذ بداية الحرب، "كان علينا الذهاب الى حملة برية واسعة. كان مهماً الوصول الى نهر الليطاني ثمّ احتلال الطريق إلى إسرائيل. وأظنّ أننا، لو كنا ذهبنا في هذا الاتجاه منذ اليوم الأول للحرب، لكانت نتائجها مختلفة للغاية. هذا ما قلته منذ البداية". ويعتقد بن اليعزر بأن "رئيس الوزراء الإسرائيلي اتخذ قراراً سليماً عندما أعلن حرباً واسعة".
وقال بن اليعزر، الذي سبق أن أعلن في الماضي عن نيته المنافسة على رئاسة الدولة، إنه يتراجع عن ذلك "في أعقاب القضية التي ارتطبت باسم الرئيس موشيه كتساف" وهو ما أدى بنظره الى "فقدان هذه المؤسسة احترامها وتحولها الى مزبلة".