تبدو المحاولة الرسمية المصرية لإمرار صفقة الطائرات الخاصة بالرئاسة واضحة للمواطنين، الذين أشغلوا في قضية إقامة وزير التموين في فندق «5 نجوم» لمدة 30 شهراً، ما سيتبعه تحرك برلماني قد يوصل إلى إقالة الحكومة، مرفقاً بعناوين أخرى كإمرار زيادات الأسعار والضرائب من أجل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي. لكن المحصلة أن ما تريده الرئاسة تفعله، فيما الحكومة والبرلمان والإعلام والناس مشغول بعضهم ببعضهم الآخر.والقضية الأساسية هي شراء أربع طائرات «فالكون 7» من أجل استخدامها لنقل كبار الشخصيات بتكلفة 390 مليون يورو، ولكن النائب مصطفى بكري، المقرب من النظام، سرّب قضية أخرى تتعلق بوزير التموين، خالد حنفي، الذي يتعرض لانتقادات حادة، بعد سلسلة قضايا، آخرها إقامته في القاهرة بالقرب من وزارته في فندق «سميراميس» منذ 31 شهراً، علماً أنّ مسقط رأسه في الإسكندرية. وكشف بكري عن أن تكلفة إقامة حنفي وصلت إلى سبعة ملايين جنيه، فيما يقول الوزير إنها أقل من ذلك. وفي كل الأحوال، فإن التكلفة الفعلية التي يتحدث عنها الأخير تزيد على راتبه بنحو ألف دولار، ما دفعه إلى القول إن مصدر أمواله «مدخرات شخصية».
سرقت قضية وزير عمرها 3 سنوات الأضواء من صفقة طائرات الرئاسة

فعلياً، لا تبدو قضية الوزير حنفي جدية، فالرجل الذي تورط من قبل في علاقة مع وسيط الرشوة في قضية فساد وزارة الزراعة، التي أطاحت حكومة إبراهيم محلب العام الماضي، هو من المحسوبين على النظام. كذلك، لم تعترض الأجهزة الرقابية على إقامته، خاصة أن الحراسة تلازمه من الفندق، فضلاً عن أن مقر إقامة أي وزير، معروف لجميع الجهات الحكومية، ومن السهل على أي جهة رقابية معرفة أن تكلفة الليلة في الفندق، التي تصل إلى نحو 150 دولاراً، لا تناسب دخل الوزير الذي لا يتجاوز 3500 دولار شهرياً وفق القانون.
وفيما يقود بكري، العضو في «ائتلاف دعم مصر»، حملة لإقالة حنفي، نادت أصوات أخرى بإقالة الحكومة، كذلك دعا بعض النواب الوزير المذكور إلى التبرع لصندوق «تحيا مصر» بفائض مدخراته بدلاً من إنفاقها على «الإقامة في الفنادق الفارهة»! كذلك تحدث آخرون عن تمويل الوزير من نسيبه رجل الأعمال أحمد الوكيل، وهي أيضاً شبهة أخرى.
بين هذه الآراء، سرقت قضية حنفي، التي عمرها ثلاث سنوات، الأضواء عن صفقة الطائرات الرئاسية. ولا يزال الغموض يحيط بالجهة الرسمية التي وقعت الصفقة، فيما البرلمان لا يتحرك بجدية للاستفسار، رغم بعض الدعوات غير الرسمية للحدّ من الأخبار المنشورة عن الصفقة المثيرة للجدل، في بلد ستحصل على قرض قيمته 12 مليار دولار من «صندوق النقد» لسدّ عجز الموازنة، وتسعى إلى تلقيص الدعم الحكومي عن الناس كما تستعد لزيادات جديدة في الأسعار.
مصادر رسمية، تحدثت إلى «الأخبار»، عن احتمال لإقالة حكومة شريف إسماعيل بعد إمرار حزمة الإصلاحات المطلوبة من البرلمان خلال أسبوعين على أقصى تقدير، نظراً إلى تزايد الغضب الشعبي. وسيكون البديل بين عدة شخصيات طُرحت أسماؤها أخيراً، من يحظى بقبول في الأوساط السياسية، منهم محلب نفسه، أو أحمد درويش (رئيس الهيئة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس الحالي ووزير التنمية الإدارية الأسبق)، أو اسمين آخرين من وزراء الحكومة الحالية.
وتحدثت تلك المصادر عن «حركة وزارية مقبلة»، لكن سقفها ليس معلوماً حتى الآن، خاصة في ظل التقارير الدورية التي تقدمها الجهات المعنية إلى رئيس الجمهورية وتؤكد ضرورة الاستعانة بوجوه جديدة يمكن أن تتحمل المسؤولية بما يقلل من الانتقادات الموجهة إلى عبد الفتاح السيسي في ظل تناقص شعبيته في الشارع بصورة ملحوظة.