شكلت الحكومة التونسية «خلية أزمة» لمتابعة قضية اختطاف عشرة من موظفي قنصليتها العامة في العاصمة الليبية طرابلس. وقالت الحكومة، في بيان يوم أمس، إنه إثر اقتحام عناصر إحدى الكتائب المسلّحة الليبيّة في طرابلس مقرّ القنصليّة العامّة واختطافها عشرة من موظفي البعثة، «تشكّلت خليّة أزمة تضمّ ممثلين عن رئاسة الجمهوريّة ورئاسة الحكومة ووزارات العدل والداخليّة والخارجيّة»، وذلك «للقيام بكلّ ما يجب للإفراج عن أفراد طاقم البعثة التونسيّة وضمان سلامتهم الجسديّة».
ولم يبيّن البيان مهمات تلك الخلية أو ما ستقوم به، في وقت استنكرت فيه الخارجية التونسية اقتحام مقر قنصليتها العامة، معتبرة إياه «اعتداءً سافراً على السيادة الوطنية التونسية، وانتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية».
وقالت تقارير إعلامية تونسية إن اختطاف الموظفين من القنصلية رد فعل على توقيف القيادي في قوات «فجر ليبيا» وليد القليب، في تونس ــ 18 أيار الماضي ــ وتوجيه تهم إليه تتعلق بقضايا إرهابية، علماً بأن الحديث التونسي لم يذكر بشأن الخاطفين اسم «فجر ليبيا»، الموالية للمؤتمر الوطني العام، بل قال إحدى الكتائب المسلحة.
وكان محمد بالشيخ، وهو السكرتير العام للسفارة التونسية في ليبيا، الذي اختطف في 20 آذار 2014، مقابل المطالبة بإطلاق سراح سجناء يقبعون في السجون التونسية، وذلك قبل اختطاف المستشار الأول للسفير التونسي في طرابلس، العروسي القنطاسي، منتصف نيسان 2014، ولكنه في 19 حزيران 2014 أطلق سراحهما. ولكن لا تزال قضية الصحافيين نذير القطاري وسفيان الشورابي المختطفين منذ أيلول 2014 تثير جدلاً بعد أن أعلنت حكومة طبرق الليبية مقتلهما على يد تنظيم «داعش»، فيما لم تؤكد السلطات التونسية ذلك.
وقد دعت وزارة الخارجية أفراد الجالية التونسية الموجودين في ليبيا إلى ضرورة توخي الحيطة والحذر خلال تنقلاتهم، ومغادرة ليبيا إن اقتضى الأمر ذلك.
في غضون ذلك، قال وزير الداخلية في حكومة «الإنقاذ» الليبية، محمد البرغثي، إن حكومته تستنكر اقتحام القنصيلة التونسية واختطاف موظفين تونسيين وليبيين منها. وأضاف في أثناء زيارته المقر، إن أجهزة الحكومة ــ التي تعادي حكومة المؤقتة في طبرق ــ تعمل على إطلاق سراح المختطفين، وستعمل كذلك على «ملاحقة المسؤول عن هذا العمل المشين والمدان». وأضاف الوزير أن المعطيات الأولية تفيد بأن عملية الاختطاف جرت دون إطلاق نار، وأن ما جمع من شهادات يفيد بأنه لا وجود لجرحى.
ميدانياً، تجددت الاشتباكات بين مجموعة من الكتائب المسلحة و«داعش»، في مدينة درنة شرقي ليبيا، غداة إعلان الأولى الحرب رسمياً على التنظيم، الذي قتل قادة من تلك الكتائب، الثلاثاء الماضي. وقالت مصادر أمنية في بنغازي، إن «المواجهات المسلحة تجددت، في وقت متأخر من مساء الخميس، بين مجلس شورى مجاهدي درنة (بقيادة كتيبة شهداء أبو سليم الإسلامية) وداعش، في أكثر من منطقة في المدينة». وقال مصدر آخر إن تسعة مقاتلين يشتبه في انتمائهم إلى «داعش» قتلوا في هذه الاشتباكات.
كذلك قال سكان في درنة إن سبعة أشخاص قتلوا أمس أثناء مشاركتهم في مظاهرة ضد «داعش»، وذلك بعد احتجاج الغاضبين على توافد أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب على مدينتهم للانضمام إلى التنظيم، فتحركوا في مسيرة باتجاه قاعدته الأساسية هناك، حيث فتح مسلحون النار على الحشد وأصابوا ثلاثين آخرين.
إلى ذلك، دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينيو ليون، أمس، إلى ضرورة إيجاد تسوية سريعة للنزاع في ليبيا، واصفاً الوضع فيها بـ«القاتم». وحذّر ليون من تنامي خطر «داعش» والأعمال الإرهابية التي يرتكبها في ليبيا، قائلاً إن هذا العدو المشترك فاقم الأوضاع في ليبيا، لذا «يجب حث المؤسسات الليبية على ضرورة حشد قواتها ضده».
في الإطار نفسه، وصف وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الوضع في ليبيا بأنه «غير مقبول»، مشيراً إلى أن «التنظيمات الإرهابية (في ليبيا) لا تقل خطورة عن التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق». وهو ما ذهب إليه وزير خارجية الجزائر، رمضان العمامرة، الذي قال إنه مرتاح للجهود المبذولة، وعبّر عن أمله في أن يضغط الاتحاد الأفريقي على الأطراف الليبية للتوصل إلى اتفاق سياسي، مشيراً إلى وجود «أبعاد تتجاوز الأبعاد الليبية، وتعمل على تقويض النظام، فهناك عدة مشكلات مثل الهجرة، والمهربين، والمتطرفين».
(الأخبار، رويترز، الأناضول)