بغداد | تتجلى الخلافات السياسية العراقية هذه الأيام داخل «التحالف الوطني»، لترسم مرحلة جديدة من صراعات المكاسب الجديدة. صحيح أن اللعبة السياسية في العراق اكتسبت تقاليدها من تجارب الآخرين، لكن ظروف بلاد الرافدين لا تشبه البلدان الأخرى، فصراعاتها السياسية تدور على أكثر من محور.

وبعد أن انتهت الكتل السنية من الجدل الدائر بخصوص تولي رئاسة البرلمان، عقب انسحاب زعيم كتلة «متحدون» أسامة النجيفي من سباق الترشح، وإعلان التحالف الكردستاني وصوله إلى توافقات نهائية بشأن المرشح الذي «سيُطرح عقب معرفة مرشح التحالف الوطني»، تمركز الجدل عند «التحالف».
وعلى الرغم من وجود تسريبات تشير إلى اتفاق «جهات التأثير المباشر» (إيران والنجف)، على استبدال نوري المالكي، إلا أن رئيس الوزراء المنتهية ولايته أصرّ الجمعة، في بيان أصدره عقب ساعات من خطاب وكيل المرجع السيستاني، السيد أحمد الصافي، على ترشحه لرئاسة الوزراء مرة ثالثة.
ويبدو أن رئيس الوزراء المنتهية ولايته، يسعى إلى جني المزيد من المكاسب لإعلان تخليه عن رئاسة الوزراء، إلا أن بعض التسريبات تؤكد إبلاغ «جهات التأثير المباشر»، كتلتي «المواطن» و«الأحرار» بقرار استبدال المالكي، وضرورة إبداء مرونة من قبل جميع الكتل للإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة.
وتشير بعض التسريبات من داخل «التحالف الوطني» إلى عزم المالكي على أخذ منصب نائب رئيس الجمهورية استثناءً من «نظام النقاط» المتفق عليه داخل «التحالف»، وهو عملية توزيع النقاط على الكتل بحسب حجمها البرلماني، لتوزيع المناصب والوزارات.

تخلى الجعفري
عن دبلوماسيته وانتقد المالكي لأول مرة عبر وسائل الإعلام
في غضون ذلك، كشفت مصادر أخرى من داخل «التحالف»، عن عزم المالكي على ترشيح نائبه حسين الشهرستاني لمنصب نائب رئيس البرلمان، بهدف السيطرة على القوانين والتشريعات، وفرض «ائتلاف دولة القانون» هيمنته الكاملة على مفاصل الرئاسات الثلاث.
ويرغب المالكي بترشيح طارق نجم بديلاً له، لكونه المفاوض السري للمالكي مع المرجعية الدينية في النجف وأربيل وطهران، والشخصية الشبيهة له، التي قد يسعى من خلالها إلى استنساخ تجربة التبادل الرئاسي في روسيا بين ديميتري مدفيديف وفلاديمير بوتين.
ويعد بيان المالكي يوم الجمعة، مفتاحاً لمرحلة صراع المكاسب بين كتل التحالف الوطني. إذ جاء بعد إصرار كتلتي «الأحرار» و«المواطن» على أسلوب المشاركة في اتخاذ القرار، وتقاسم المناصب في مواقع هرم الدولة، كمكتب القائد العام للقوات المسلحة والأمانة العامة لمجلس الوزراء وإدارة مكتب رئيس الوزراء والهيئات المستقلة، الأمر الذي دعا المالكي إلى التفكير في السيطرة على المفاصل الرئاسية بشكل أكبر من السابق، وتعويض ما يمكن خسارته من مواقع بمناصب أثمن وأعلى.
وفيما لا تريد الكتل الصغيرة خسارة مواقعها، أو الامتداد في الإدارة التنفيذية بشكل أكبر من حجمها، تستعد مكونات التحالف الوطني مجتمعة لمعركة «المناصب» مع الكتل الفائزة الأخرى، على الرغم من رسم الطريق لترشيح مناصب الرؤساء الثلاثة.
العديد من المواقف سجلت بعد بيان المالكي الأخير، فرئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري، تخلى عن دبلوماسيته وانتقد المالكي لأول مرة عبر وسائل الإعلام، وعلى لسان المتحدث باسم تياره «الإصلاح»، ليسمي بيان المالكي أنه «لعب بالنار». وقال أحمد جمال في حديث صحفي، إن «المالكي يلقى معارضة شديدة من قبل مكونات أساسية ومهمة داخل التحالف الوطني، كالمواطن والأحرار»، مبدياً استغرابه من بيان المالكي.
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، من جانبه، أصدر بياناً أكد فيه قناعته بـ«بتقديم مرشح لرئاسة مجلس الوزراء من داخل ائتلاف دولة القانون، باعتبارها الكتلة الأكبر»، داعياً المالكي إلى عدم الإصرار على توليه المنصب مرة أخرى «لإنهاء معاناة العراق». كذلك أبدت كتلة «المواطن» بزعامة السيد عمار الحكيم استغرابها بيانَ المالكي.