ويأتي الموقف الأميركي الأخير بالتزامن مع تحرّكات تقودها المملكة المتحدة نحو الأطراف الموالية للإمارات، بهدف الاستعداد لمعركة في الساحل الغربي لليمن. إلا أن هذه التحرّكات لا تزال تصطدم بتصاعد الرفض في أوساط مسلّحي «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لأبو ظبي، للقتال بالوكالة ضد قوات صنعاء. وأكدت مصادر مطلعة في عدن، لـ«الأخبار»، أن عدداً من القيادات العسكرية التابعة لـ«الانتقالي» رفضت دعوات التحشيد لقتال «أنصار الله»، وذلك خلال لقاء في عدن جمع تلك القيادات بعضو «المجلس الرئاسي»، عبد الرحمن المحرمي، الذي يشغل منصب نائب رئيس «الانتقالي» ويقود «ألوية العمالقة». ويواجه المحرمي صعوبة في تحشيد قواته للاستعداد لمعركة محتملة، كون هذه القوات سلفية، ولن يكون سهلاً على أفرادها المشاركة في القتال ضد قوات صنعاء على خلفية موقفها المساند للشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة.
الرياض أبلغت واشنطن معارضتها لأي توجّه نحو تفجير الأوضاع الداخلية في اليمن
وفي السياق عينه، جدّدت السعودية دعمها لمسار السلام؛ وأكد سفير المملكة لدى اليمن، محمد آل جابر، خلال لقائه المبعوث الفرنسي الخاص إلى القرن الأفريقي، فريدريك كلافييه، في الرياض، استمرار جهود بلاده الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن. وتزامن ذلك مع تلقي حكومة عدن تحذيرات من عدة دول، أبرزها روسيا، من مغبّة تفجير حرب برية بالوكالة وتقويض مسار السلام. كما أن عدداً من سفراء دول الاتحاد الأوروبي الذين زاروا عدن مطلع الشهر الجاري، أبلغوا تلك الحكومة تمسّك الاتحاد بمسار السلام، وعبروا عن دعمهم للانخراط البناء في جهود المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، للتوصل إلى تسوية سياسية عادلة وشاملة في اليمن، رغم التعقيدات الناتجة من عمليات قوات صنعاء في البحر الأحمر. يُذكر أن غروندبرغ حذر، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، من عودة الحرب إلى اليمن، مؤكداً تمسّك الأمم المتحدة بالتقدم المحرز في عملية السلام، وداعياً المجتمع الدولي إلى الدفع بالأطراف اليمنية إلى تنفيذ التدابير التي تمّ التوصل إليها، والتي تشمل وقف إطلاق النار، ومباشرة تنفيذ إجراءات لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، والانخراط في الترتيبات الخاصة باستئناف عملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة.
وعلى أي حال، يرى مراقبون في الموقف الأميركي الأخير، انعكاساً لإخفاق تحالف «حارس الازدهار» في تأمين الملاحة الإسرائيلية، وفشل العمليات الجوية التي شنها الطيران الأميركي والبريطاني على مناطق واقعة تحت سيطرة صنعاء، في إضعاف قدرات اليمن العسكرية، فضلاً عن ارتفاع كلفة العمليات العسكرية البحرية والجوية التي تنفّذها الولايات المتحدة. وكان قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريلا، قد اعترف بفشل قواته في حماية الملاحة الإسرائيلية، وارتفاع مستوى التهديدات اليمنية لبوارج ومدمرات البحرية الأميركية في البحر الأحمر، وذلك خلال جلسة استماع جرت في مجلس الشيوخ، خلصت فيها لجنة القوات المسلّحة إلى صعوبة المعركة في البحر الأحمر وارتفاع كلفتها، كما جرى خلالها اتهام إدارة الرئيس جو بايدن، بتبديد مخزون الولايات المتحدة الصاروخي الخاص بردع الصين والدفاع عن مصالح الولايات المتحدة في مسارح أخرى، وفي مقدمته صواريخ «توماهوك». ودافع كوريلا، وفقاً للصحافة الأميركية، بأن القيادة المركزية «مهتمة بالدفاع عن جنودنا وبحارتنا وطيارينا ومشاة البحرية الموجودين قرب اليمن»، مشدّداً على أن استخدام الصواريخ الباهظة الثمن، والتي تُراوح قيمة الواحد منها بين مليونين و5 ملايين دولار، أمر ضروري، لردع الطائرات المسيّرة التي تُطلق من اليمن وتهدّد السفن الحربية الأميركية التي تبلغ كلفة الواحدة منها ملياري دولار وعلى متنها 300 بحار أميركي.
وفي ما يتعلق بالتطورات الميدانية، أعلن متحدث باسم جيش العدو الإسرائيلي، ليل الأحد - الإثنين، أن هدفاً جوياً آتياً من البحر الأحمر، سقط في منطقة مفتوحة شمال إيلات وتتم مراقبته من قبل القوات الجوية، مؤكداً أن الهدف الجوي تمكّن من اختراق «الأراضي الإسرائيلية».
كذلك شنّ طيران العدوّ الأميركي - البريطاني أربع غارات على منطقة الفازة في مديرية التحيتا، وغارتين على منطقة الجبانة غرب الحديدة.