القاهرة | أصدر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، مرسوماً بقانون ينصّ على تولّي القوات المسلّحة مسؤولية معاونة أجهزة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين المنشآت العامة والحيوية، على أن تخضع الجرائم التي تقع في نطاقها إلى القضاء العسكري. ويسري مفعول هذا القانون، الذي صدر أمس، على مدى عامين من الآن، مع إلغاء كل حكم يخالفه، وكانت الحكومة المصرية قد أشارت إليه أول من أمس.القرار الأخير يأتي بالتزامن مع ضغط إعلامي من أنصار السيسي الذين يطالبون بـ«ضرب الإرهاب بيد من حديد»، بعد الهجوم الذي استهدف الجنود في الشيخ زويد، كما يضفي الشرعية الدستورية على قرار مجلس الوزراء إحالة بعض القضايا الخاصة بالاعتداء على ممتلكات الدولة على القضاء العسكري، بعد موافقة وزارة العدل.

ويعطي الدستور الحق لرئيس الجمهورية في إصدار القوانين والتشريعات من دون الرجوع إلى أي جهة، خلال المرحلة الحالية، نظراً إلى غياب البرلمان، مع الأخذ في الاعتبار أن موعد الانتخابات التشريعية لم يحدّد حتى الآن، وسط مماطلة غير مسبوقة من اللجنة العليا المشرفة على إجرائها.
وكانت تلك اللجنة قد أخّرت موعد الانتخابات نحو ستة أشهر عن وقتها الذي كان متوقعاً في تموز الماضي، علماً بأن الدستور يعطي الحق للبرلمان في مراجعة جميع التشريعات الصادرة عن الرئيس في غضون أول أسبوعين من انعقاده.
وبموجب القانون الجديد، سيخضع المتظاهرون الذين يعطلون العمل في أي من الهيئات الحكومية (بما فيها شبكات أبراج الكهرباء وحقول الغاز والبترول إضافة إلى السكك الحديدية وشبكات الطرق والجسور)، للقضاء العسكري، كما يشمل بنصّه الطلاب الذين يتظاهرون داخل الحرم الجامعي، وبذلك تتقلّص صلاحيات النائب العام، المستشار هشام بركات، ويقتصر عمل القضاء غير العسكري على النظر في قضايا القتل والسرقة.
كذلك يعطي هذا القانون قوات الجيش إمكانية دخول الجامعات والتصدي للتظاهرات والقبض على الطلاب، فضلاً عن فضّ أي اعتصام في الأماكن الحكومية والعامة بالقوة، وإلقاء القبض على أصحابها وتقديمهم إلى القضاء العسكري.
ولا يمكن نسيان أن التظاهرات الغاضبة على ارتفاع الأسعار ستخضع لهذا القانون، ويصبح أصحابها متهمين أمام القضاء العسكري الذي تتصف جلساته بالسرية والسرعة في الاستماع إلى المتهمين ودفاعهم، إضافة إلى اقتصاره على درجتين من التقاضي أمام الجهات العسكرية وليس ثلاث درجات كما في القضاء المدني، وكان ذلك يتيح للمتهمين استئناف الأحكام والنظر في الدعوى أمام دائرة أخرى ونقض الحكم أمام دائرة ثالثة، قبل أن يصبح نهائياً.
رئيس هيئة القضاء العسكري الأسبق، اللواء سيد هاشم، قال إن القانون الجديد يأتي استكمالاً للقانون الذي أقرّه لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن أعضاء هيئة القضاء العسكري قادرون على معالجة أي قضية يجري إسنادها إليهم خلال المدة الحالية، وخصوصاً أن «هناك عدداً كبيراً من المحققين والقضاة».
وأضاف هاشم لـ«الأخبار» أن القانون متوافق مع الدستور في ما يتعلق بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، «لأن وجود القوات المسلّحة في أي مكان معناه أن هذا المكان أصبح عسكرياً، ونتيجة ذلك يصير أي اعتداء عليه أو محاولة لتخريبه من اختصاص القضاء العسكري النظر فيه». لكن القانون الجديد أثار حالة من الغضب لدى القضاة وأعضاء النيابة، بسبب تقليص صلاحياتهم وتهميش دورهم في وقت كان نادي القضاة، برئاسة المستشار أحمد الزند، قد طالب فيه عدة مرات بضرورة تعديل قانون العقوبات لتحقيق العدالة الناجزة في القضايا المختلفة.
ومن تلك القضايا ما يرتبط بـ«الإرهاب»، لذلك يرى الزند أن القانون في صيغته الحالية يعيق سرعة الفصل في القضايا المختلفة، «وهو ما منع القضاء العادي من الفصل نهائياً في قضية واحدة حتى الآن منذ ثورة 25 يناير».
ومن المتوقع أن يؤدي هذا القانون إلى صدام بين وزير العدل، المستشار محفوظ صابر، من جهة، ونادي القضاة وأعضاء النيابة العامة من جهة أخرى، علماً بأن نادي القضاة سيعقد اجتماعاً مغلقاً لمناقشة القانون بصورة عاجلة من أجل تحديد الموقف النهائي منه، أكان بالاعتراض علناً عليه والمطالبة بإلغائه، أم تمريره من دون اعتراض مراعاة للظروف الراهنة، ولتجنّب الصدام مع مؤسسة الرئاسة.