القاهرة ـــ الأخبار حتى الرئيس المخلوع حسني مبارك بات يشفق على الرئيس الحالي محمد مرسي. تلك هي الخلاصة التي تداولها أمس المصريون بعدما استمعوا إلى تصريحات محامي الرئيس المخلوع، فريد الديب، وهو ينقل عن مبارك قوله إن المصريين يجب أن «يلتفوا» حول الرئيس محمد مرسي، بالتزامن مع عودة الحديث عن إمكان إجراء تبديل حكومي ومحاولة النيابة التنصل من منحها المواطنين حق الضابطية العدلية نتيجة الانتقادات الواسعة التي أثيرت حول القرار وخطورته.

ووفقاً للديب فإن «مبارك حزين ومحبط» بسبب التظاهرات العنيفة التي تشهدها مصر، مؤكداً أن «مرسي الرئيس المنتخب والناس ينبغي أن يلتفوا حوله». لكن الالتفاف حول مرسي، الذي يعد شباب جبهة الإنقاذ لمحاكمة شعبياً إلى جانب مكتب الإرشاد، دونه عقبات كثيرة في ظل تدهور الأوضاع في البلاد واستمرار الاشتباكات التي تركزت أمس في شارع كورنيش النيل، بالقرب من ميدان التحرير، بين الشرطة وعشرات من المحتجين.
وفي خضم هذا الوضع المتأزم، بدا أن الرئاسة المصرية قد اقتنعت بعدم إمكان تحقيق أي خرق سياسي في المشهد ما لم تقدم على استمالة جبهة الإنقاذ ومحاولة تلبية شروطها للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة التي يأتي في مقدمتها تشكيل حكومة جديدة. ضمن هذا السياق، نقلت وكالة أنباء الأناضول عن مصادر رئاسية مطلعة قولها إن الرئاسة المصرية تبدي بوادر مرونة قوية للتراجع عن موقفها المتمسك باستمرار الحكومة الحالية برئاسة هشام قنديل.
وكشف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن هناك دعوة للحوار ستطلقها مؤسسة الرئاسة مع القوى السياسية خلال الأيام القليلة المقبلة لمناقشة الأوضاع الراهنة، تتضمن أجندتها تشكيل حكومة جديدة وأزمة قانون الانتخابات وتعديل الدستور الجديد، وكذلك أزمة النائب العام الذي تطالب قوى معارضة بإقالته.
وجاء تصريح المصدر بعد ساعات من تأكيد مستشار الرئيس أيمن علي، أن اقتراح تولي الرئيس محمد مرسي حكومة مصغرة أمر قابل للمناقشة، وهو نفس ما دعا إليه القيادي في جبهة الإنقاذ عمرو موسى.
في موازاة عودة الحراك السياسي، سعى النائب العام المستشار طلعت عبد الله إلى التنصل من منح الضبطية القضائية للمواطنين. وأكد حدوث لغط في تفسير بيانه أول من أمس بعد أن تضمن «إعلاماً للمواطنين بحقهم القانوني في حال رؤيتهم لأي متهم متلبس بالجريمة، بأن يقوموا بتسليمه لرجال السلطة العامة».
ووفقاً للصحافي المتخصص في الشؤون القضائية، محمد بصل، فإن المادة 37 التي أثير اللغط حولها «تمنح المواطن ضبطية طبيعية أصيلة تتمثل في النداء الشعبي الشهير «امسك حرامي»». وأشار إلى أن المادة 40 في نفس القانون تضبط المادة 37، وبالتالي فالتركيز على المادة 37 دون الإشارة إلى المادة 40 خلق مشكلة وسيخلق أزمات، نظراً إلى الضعف القانوني والوعي القانوني لدى الناس. ورأى أن المشكلة تكمن في «مدى الطفولية وعدم الاحتراف التي يتحلى بها النائب العام ومساعدوه، في اختيار هذا التوقيت المتوتر لإصدار مثل هذه التصريحات».
وأبرز ردود الفعل المنتقد لما صدر عن النائب العام جاءت على لسان جبهة الإنقاذ التي وصفت بيانه بأنه «تمهيد رسمي لإحلال ميليشيات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين وجماعات مرتبطة بها محل جهاز الشرطة». ورأت أن «ما حدث سابقة فريدة؛ إذ لم يحدث في تاريخ العالم الحديث أن شجعت السلطة في أي دولة أو تواطأت على تفكيك مؤسسات هذه الدولة بصورة عمدية، بما فى ذلك السلطات التي أدى فشلها إلى تفكك الدول التي حكمتها».
الانتقاد البارز الثاني كان من الكنيسة المصرية. ورأى الأنبا مرقس رئيس لجنة الإعلام في الكنيسة، أن «هذا الأمر فى منتهى الخطورة، ويعد انقلاباً على دولة القانون»، محذراً من أن «القرار سيؤدي إلى اضطراب أمني شديد وقد يؤدي إلى حرب أهلية».
في المقابل، دافع الأمين العام لحزب النور السلفي، جلال مرة عن تشكيل اللجان الشعبية، مؤكداً أنها من أجل مساعدة الشرطة فىحل بعض المشاكل الأمنية ومحاولة التخفيف عن المواطنين وإشعارهم بالأمان فقط.
وطالب الشرطة بأن تقوم بدورها في حفظ الأمن بالبلاد وألا تتقاعس أو تعاقب الشعب عقاباً جماعياً لوجود انفلات هنا أو هناك، وذلك في اشارة إلى الاضراب الذي تنفذه الشرطة في عدد كبير من المحافظات من أجل تحقيق عدد من مطالبها، وفي مقدمتها اقالة وزير الداخلية محمد إبراهيم.
أما المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، أحمد عارف، فرأى أن «مواجهة بلطجية المخلوع هي فرصة تاريخية لجهاز الشرطة، ليصحح تاريخه مع الشعب المصري». وأكد محامي الجماعة عبد المنعم عبد المقصود أن الجماعة ستطالب وزارة الداخلية رسمياً بتكثيف وجودها أمام المقر العام للإخوان، تحسباً لتعرضه لأي اعتداء، وذلك بالتزامن مع الكشف عن محاولة أحد الشبان التعرض للمرشد، محمد بديع، خلال وجوده مع عائلته في احد المراكز التجارية.
يأتي ذلك فيما فشلت جهود وزير الداخلية لاحتواء الأزمة المتفاقمة مع ضباط وعناصر الأمن المركزي، رغم عقده سلسلة من اللقاءات معهم ومحاولة طمأنتهم إلى أن الشرطة هدفها «خدمة الشعب وحفظ النظام والأمن العام».
وتزامنت هذه التطورات مع نفي العقيد المتحدث العسكرى للقوات المسلحة، أحمد محمد علي، ما تردد من أنباء عن لقاء رئيس الأركان صدقي صبحي بوزير الداخلية. لكن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي التقى بضباط إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع. ونقلت مصادر عسكرية تابعت اللقاء عن السيسي تأكيده أن الجيش قادر على حماية مصر وشعبها ومواجهة الصعاب مهما كانت.
في هذه الأثناء، دشنت حركات شبابية مصرية أمس جبهة معارضة جديدة باسم «التكتل الثوري الوطني». ويضم التكتل «حركة 6 أبريل» و«اتحاد شباب الثورة» و«ائتلاف ثوار مصر» وحزب «العدل» و«جبهة الشباب الليبرالي» وآخرين بهدف «استكمال الثورة وتحقيق أهدافها وإيصال صوت الشباب».