تونس | تحيي تونس اليوم الذكرى الثالثة عشرة لوفاة الزعيم الحبيب بورقيبة، بافتتاح الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي متحف أبو «الاستقلال» في مدينة المنستير التي ارتبط اسمها بمؤسس الجمهورية. وفي موقف يؤكد حدة التجاذب السياسي في تونس، كان الحدث الأبرز أمس، إعلان عائلة الزعيم الراحل مقاطعة زيارة الرئيس المرزوقي ورفض دعوته. كذلك أعلنت مجموعة من قادة الحركة الدستورية المعروفين بعلاقتهم الخاصة بالزعيم، رفضهم دعوة الرئيس إلى حضور الاحتفال الرسمي الذي سيُفتتح خلاله متحف الزعيم في القصر الرئاسي سابقاً «سقانص».
رفض البورقيبيون لزيارة الرئيس كان متوقعاً بعد استغلال المرزوقي لكل فرصة يمكنه فيها التهجم على الزعيم، حتى تنكر المرزوقي لدور الزعيم التاريخي في خطبه الرسمية في الأعياد الوطنية، مثل الجمهورية وعيد الاستقلال، وهو ما عدّه البورقيبيون تنكّراً للحقيقة والتاريخ؛ لأن بورقيبة كان صاحب الدور الأبرز في إعلان النظام الجمهوري وتصفية النظام الملكي الذي كان يحكم تونس إلى سنة ١٩٥٧، وكان أيضاً زعيم معركة الاستقلال.
كذلك لا يغفر أنصار بورقيبة أيضاً للرئيس حديثه المتواتر عن أنه اول رئيس جمهوري، ما يعني إنكار جمهورية بورقيبة، واعتباره أيضاً أن تاريخ البلاد لم يكن إلا خراباً قبل ثورة كانون الثاني ٢٠١١، فضلاً عن تجاهله لنضالات الدستوريين من أجل الاستقلال ومبالغته في النفخ في صورة الشق الدستوري الذي انشق عن قيادة الزعيم والمعروفين باليوسفيين وتكريمه لقادة الانقلاب الفاشل سنة ١٩٦٢ الذي كان يستهدف الزعيم بورقيبة وحياته.
ويرى عدد من المتابعين لتطورات المشهد السياسي في تونس أن مواقف الرئيس المؤقت من بورقيبة تعود إلى ثأر شخصي؛ إذ إن والد المرزوقي كان من أنصار أحد أبرز قادة الحركة الوطنية التونسية صالح بن يوسف، وقد التجأ إلى المغرب وعاش في حماية ملك المغرب المرحوم الحسن الثاني ولم يزر تونس إلا بعد انقلاب الجنرال زين العابدين بن علي الذي أنهى حكم «المجاهد الأكبر».
ويعتقد عدد من المحللين السياسيين أن الرئيس المرزوقي أخطأ عندما هاجم إرث بورقيبة وتعامل معه بمنطق «الثأر الشخصي»، لا كرئيس دولة؛ إذ يؤكد في كل مقالاته أنه منتصر للجمهورية المدنية، وهو النموذج الذي أسسه بورقيبة، وقد بقيت التجربة منقوصة من الديموقراطية التي يسعى التونسيون اليوم إلى بنائها بكثير من العوائق والتعثر. وكان بإمكان المرزوقي أن يؤدي دوراً أكبر في هذا الاتجاه لو لم يقبل بدور صغير في سلطة يقودها الإسلاميون ورضي فيها بمنصب رئيس دون صلاحيات.
ويرى آخرون أن المرزوقي كشخصية حقوقية بارزة فوّت على نفسه إمكانية أن يكون «مانديلا» تونس عندما لجأ إلى خطاب الحقد والثأر والاجتثاث، وهي النبرة التي ميزت خطابه قبل الانتخابات. وكان بإمكانه أن يجعل من أنصار بورقيبة أنصاراً له، وخاصة أن عدداً كبيراً منهم رفض التعامل مع الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ولم يتورط في نظامه، لا من قريب ولا من بعيد. لكن رهان الرئيس على التحالف مع حركة النهضة الإسلامية، وعدم التمييز بين الذين خدموا الدولة من الدستوريين وبين الذين تورطوا في الفساد والاستبداد، كان وراء هذا الخلط الذي سيؤثر بلا شك على حظوظه في الانتخابات القادمة بعد أن تغيرت موازين القوى في الشارع وتغيرت النظرة لإرث بورقيبة ودولته.
من جهة أخرى، أذنت النيابة العامة في تونس بالإفراج عن الشيخ السلفي التونسي عماد بن صالح بتهمة تزوير جوازات سفر لمقاتلين متطرفين. وقال المتحدث الإعلامي باسم وزارة العدل لوكالة «فرانس برس» أمس إن «النيابة العمومية أذنت مساء أمس (الخميس) بالإفراج عن عماد بن صالح لعدم وجود تتبعات قضائية ضده في تونس».
وكانت «شرطة الحدود والأجانب» في مطار قرطاج الدولي قد أوقفت عماد بن صالح المعروف في تونس باسم ابو عبد الله التونسي للتحقيق معه عقب ترحيله من مصر الخميس.