أماطت وثائق سرية أميركية كُشف عنها أخيراً اللثام عن الطريقة التي حصلت فيها إسرائيل على «الكعكة الصفراء» لتشغيل مفاعلها النووي في ديمونا مطلع ستينيات القرن الماضي، متجاوزةً بذلك قيوداً فرضت عليها لضمان الطابع المدني لبرنامجها النووي، ومخالفةً لتعهدات كانت قد قدمتها لواشنطن بهذا الشأن. وتسلط الوثائق الاثنتان والأربعون التي كانت موجودة في أرشيف الأمن القومي التابع لجامعة جورج واشنطن الضوء على فصول من قصة تطوير المشروع النووي الإسرائيلي، وخصوصاً في ما يتعلق بكيفية انكشاف أمر صفقة إسرائيلية أرجنتينية لأجهزة المخابرات الغربية اشترت تل أبيب بموجبها بين 80 و 100 طن من مسحوق اليورانيوم الذي يستخدم في إنتاج وقود نووي. وتروي الوثائق التي نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أول من أمس، فحواها مع عدد من الصور السرية كيف سعت إسرائيل إلى حل معضلة تزويد مفاعلها بالوقود النووي بعدما تمنعت فرنسا، المساهم الأول في بناء المفاعل، عن القيام بذلك في أعقاب حصول تحولات في سياستها الشرق أوسطية.
وكانت إسرائيل قد شرعت في بناء المفاعل النووي في ديمونا عام 1958، زاعمة أن المشروع الذي يجري بناؤه هو عبارة عن مصنع للنسيج. وفي نهاية عام 1960، أقرّت تل أبيب أمام الأميركيين رسمياً أنها تبني مفاعل نووياً للأبحاث بقوة 24 ميغاوات «لأغراض البحث العلمي ولتلبية الاحتياجات الصناعية والزراعية والطبية».
وكان الفرنسيون قد وافقوا في البداية على نقل وقود نووي إلى إسرائيل ضمن شروط متسامحة قد تتيح إمكانية استخدامه لأغراض عسكرية، غير أن تغييراً في السياسة الفرنسية الإقليمية أجراه شارل ديغول أدى إلى فرض قيودٍ صارمة على هذا الأمر، الأمر الذي لم يرحْ تل أبيب، التي كانت تسعى إلى التفلت من أية رقابة جدية حول كيفية استخدامها لليورانيوم. وفي ضوء ذلك، قامت تل أبيب بمحاولات لاستخراج اليورانيوم من الفوسفات، إلا أن الكلفة المرتفعة لذلك دفعتها إلى البحث عن مصادر بديلة وجاهزة، وكانت جنوب أفريقيا والأرجنتين وبلجيكا من بين هذه المصادر.
ووفقاً للوثائق، أعدت الاستخبارات الكندية في آذار 1964 تقريراً سرياً جاء فيه أن «إسرائيل تمتلك كل المقومات الأساسية للشروع في مشروع». وأوضح التقرير، الذي استند إلى صور ميدانية عن المفاعل، أنّه من اللحظة التي يجتاز فيها المفاعل نقطة التشغيل الحرجة، سيكون قادراً على إنتاج ما يكفي من البلوتونيوم لتصنيع قنبلة نووية واحدة خلال عام. وقاد التقرير، الذي أُشركت كل من بريطانيا والولايات المتحدة في سرّه، نحو تقديرات ترجح حصول إسرائيل على اليورانيوم من الأرجنتين. ووسط ارتفاع منسوب القلق من عسكرة البرنامج النووي الإسرائيلي، قررت واشنطن التثبت من صحة التقرير الكندي، فأوعزت إلى سفارتها في بوينس آيرس بفحص الأمر، فجاء الجواب إيجابياً.
وتتضمن إحدى الوثائق رسالة مصنفة من وزارة الخارجية الأميركية إلى السفارة البريطانية في تل أبيب تتناول الصفقة الإسرائيلية الأرجنتينية، وتفيد بأن إسرائيل ستحصل على نحو 80 طناً من الكعكة الصفراء على مدى 33 شهراً. ووفقاً للرسالة، فإن «معنى هذا الأمر هو أن إسرائيل سيكون لديها مورد غير محدود وغير خاضع للرقابة من اليورانيوم، وبناءً على ذلك، سيكون لديهم (الإسرائيليين) ما يكفي من البلوتونيوم لإنتاج السلاح النووي خلال عشرين شهراً».
وتتحدث وثيقة أخرى للخارجية الأميركية عن إرسال «الدفعة الأخيرة (من اليورانيوم الأرجنتيني) حصرياً إلى ديمونا»، مشيرةً إلى أن «هذه الكمية أكبر بكثير من المطلوب لتشغيل منشأة نووية بحثية فقط».
وأوجد هذا الكشف الاستخباري حرجاً لدى الإدارة الأميركية، التي كانت قد تبلغت من إسرائيل أنّ مفاعل ديمونا مخصص للأغراض البحثية المدنية. بل إن الرئيس الأميركي في حينه، جون كينيدي، كان قد حصل على موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي، دافيد بن غوريون، لقيام فريق من العلماء الأميركيين بزيارة للمفاعل للتثبت من طابعه المدني.
وفي كانون الثاني 1964، أجرى الفريق الزيارة وخرج بانطباع إيجابي حيال الوجهة المدنية للمفاعل. غير أنه وفقاً للوثائق، علمت الإدارة الأميركية بعد سنوات بأن السلطات الإسرائيلية قامت بـ«ترتيبات خاصة» في حرم المفاعل لم تسمح للزوار الأميركيين بأن يروا ما لا تريد لهم إسرائيل رؤيته.
وبالرغم من ذلك، فإن أيّ إجراء اعتراضي لم يصدر عن الإدارة الأميركية التي سلمت عملياً بالطابع العسكري للبرنامج النووي الإسرائيلي في إطار صفقة ضمنية مع إسرائيل تقضي بأن لا تحرج الأخيرة واشنطن بإعلانها امتلاكها للسلاح النووي، وتكتفي بممارسة سياسة الغموض.
2 تعليق
التعليقات
-
النووي لا يشكل خطراًالموضوع ليس بحاجة إلى وثائق لمعرفة خطر السرطان الاسرائلي على امتنا العربية،وللأسف وثائق ثابتة مئة بالمئة صحيحة مليون بالمئة،وهكذا أمور للأسف العرب نائمون عنها ،كون العرب غير موجودين أصلاً ،فكل هذا الحقد والإعلام الموجه ضد ايران لم نسمعه من قبلهم ضد المشروع الإسرائيلي وخطره على المنطقة برمتها،وآخر غواصات حصلت عليها إسرائيل هي غواصات نووية،هذا يعني ان بإمكانها توجيه ضربة لأي بلد كان،فأم نسمع جهابذة المفكريين وممالك الاعتدال يحذرون أو يستنكرون البرنامج الإسرائيلي النووي،مع انه خطر عليهم،فجل ما يتحوفننا به هو المد الفارسي والخطر الشيعي،فكل واحد منهم هو عميل،والبقية بببغوات تردد عن غباء ما يقولونه ،وإسرائيل تزداد حدوداً وخطراً ،وهم نيام.
-
مثل هذا الكلام هو للسذج فقطمثل هذا الكلام هو للسذج فقط وللفكاهة فاسرائيل وامريكا تصولان وتجولان ومن يفتح فمه عقابه من الحكام العرب الخونة وليس من اسرائيل وهاهي امريكا عندما تريد تجعل ممن يبني مصنع للنسيج او للإدوية مجرما تهمته بناء مفاعل نووي وعندها القدرة على قتل ما تشاء ومن تشاء على بعد الاف من الكليومترات بطائرات بدون طيار كما حصل منذ يومين في باكستان وليس هناك من بكى على الضحايا تأكيدا على المبدأ الازلي شريعة الغاب والبقاء للأقوى