إعلان اسرائيلي فاضح عن بناء وحدات استيطانية اضافية قبل يومين من استئناف المفاوضات مع السلطة بقيادة مارتن انديك غداً، إنما يدل على ثلاث حقائق؛ الأولى تتصل بالتنسيق الاميركي الاسرائيلي، الذي يغطي عمليات الاستيطان بالرغم من المفاوضات. والثانية تتصل بالمقايضة التي وافقت عليها السلطة بين تحرير أسرى ما قبل اتفاق أوسلو، مقابل التراجع عن شرط تجميد البناء الاستيطاني لاستئناف المفاوضات. والثالثة حول المقايضة بين رئيس الحكومة العبرية بنيامين نتنياهو وحزب «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، من أجل منع اهتزاز أو تفكيك الائتلاف الحكومي.
قرار صدر عبر وزارة الاسكان التي أعلنت عن بناء 793 وحدة سكنية في أحياء غيلو، وبسغات زئيف وهارحوما في القدس الشرقية، اضافة الى 394 وحدة سكنية في مستوطنات اريئيل، افرات، معاليه ادوميم وبيتار عيليت. كلام وزير الاسكان أوري أريئيل كان لافتاً. قال إن أي «دولة في العالم لا تقبل املاءات من دول أخرى لتحديد أين من المسموح به ومن غير المسموح به بالبناء»، مؤكداً «أننا سنواصل تسويق وبناء الوحدات السكنية في كل أنحاء البلاد من اجل تلبية حاجات كل سكان دولة اسرائيل». يأتي هذا بعد أسابيع من النقاشات بين حزب البيت «اليهودي»، الذي ينتمي اليه وزير الاسكان، ونتنياهو، بعدما تسبب قرار استئناف المحادثات وتحرير أسرى فلسطينيين بمشكلة سياسية بالنسبة إلى البيت اليهودي. ومن اجل تهدئة اليمين وجمهور الناخبين لهذا الحزب اليميني، جرى الاتفاق على أن يعلن وزير الاسكان تسويق أكثر من 1000 وحدة سكنية في القدس المحتلة والضفة.
وذكرت صحيفة «معاريف»، نقلا عن مسؤول أميركي رفيع، ان خطوات البناء الاستيطانية بالتوازي مع المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، يجري تنسيقها مع الادارة الاميركية. ولفتت الى أن الاميركيين وافقوا على التسليم ببناء مكبوح مقابل تحرير الأسرى الفلسطينيين، لكنها أضافت إن عطاءات البناء الجديدة لوزارة الاسكان ليست فقط في الكتل الاستيطانية بل في بلدات منعزلة نسبيا. وبحسب المسؤول الاميركي، فإن عرض البناء هو جزء من سياسة «العصا والجزرة» التي تسمح بالمحافظة على وحدة ائتلاف الحكومة ومواصلة العملية السياسية.
في المقابل، وصف رئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لبيد، قرار تسويق 1200 وحدة استيطانية، بأنه خطأ مزدوج، واستفزاز لا طائل منه في مقابل الأميركيين ووضع العصي في دواليب محادثات السلام وهو امر غير صحيح وغير مجدٍ للعملية السياسية.
غير أن رئيسة المعارضة وحزب العمل، شيلي يحيموفيتش رأت أن على نتنياهو أن يقرر أي حكومة يترأس، حكومة تسعى إلى اتفاق سياسي، أم حكومة تسعى إلى احباط اي امكان للتوصل الى اتفاق كهذا. ووصفت قرار وزير الاسكان بأنه بمثابة وضع الاصبع في عين الولايات المتحدة واوروبا والفلسطينيين والاغلبية الساحقة من مواطني اسرائيل الذين يتوقون الى السلام.
أما رئيسة حزب «ميرتس» اليساري، زهافا غلآؤون، فرأت أن بيان تسويق الوحدات السكنية، بمثابة عبوة ناسفة زرعتها الحكومة الاسرائيلية وتستهدف اغتيال المفاوضات السياسية. وأشارت إلى انه لن يكون هناك اتفاق مع الفلسطينيين طالما استمرّ البناء، ولن يكون هناك اتفاق سلام لا يرتكز على خطوط عام 67، مع تبادل اراض وتقسيم القدس.
بدوره، دان المفاوض الفلسطيني محمد اشتية الاعلان عن بناء وحدات استيطانية اضافية، مشيراً إلى انه يدل على «عدم جدية» اسرائيل في مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. وقال «بات واضحا ان الحكومة الاسرائيلية معنية فقط بالبناء الاستيطاني غير الشرعي، ضاربة بذلك بعرض الحائط الجهود الأميركية والدولية للعودة إلى المفاوضات».
في سياق متصل، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن رئيس الحكومة الإسرائيلية وجه رسالة خاصة إلى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حمل فيها على رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مشيراً إلى أن «التحريض والسلام لا يسيران معا. وبدلا من تعليم الجيل التالي من الفلسطينيين، والعيش بسلام مع اسرائيل، فان تعليم الكراهية يسممهم ضدها، ويضع البنية التحتية لمواصلة العنف والارهاب». وتطرق نتنياهو في رسالته الى ما قاله أبو مازن بالتوازي مع بدء المحادثات في واشنطن، وجاء على لسانه أنه «لن يكون هناك وجود حتى ولو اسرائيلياً واحداً في الدولة الفلسطينية المستقبلية». وأشار تحديداً الى النجم الفلسطيني محمد عساف، الذي غنى خلالها اغنية «يا طير» التراثية، التي تتحدث عن القرى الفلسطينية المحتلة، خلال زيارة فريق برشلونة الى فلسطين.
وبالتزامن مع مناقشة اللجنة الوزارية، برئاسة وزير الدفاع موشيه يعلون، بسبب مرض نتنياهو، لتحديد هوية الدفعة الاولى من الأسرى الفلسطينيين الذي سيُطلَق سراحهم يوم غد، ويبلغ عددهم 26 أسيراً من أصل 104 من المقرر تحريرهم على ثلاث دفعات، أنهت محكمة العدل العليا مناقشة الاستئناف الذي جرى تقديمه ضد قرار تحرير الأسرى الفلسطينيين، بحضور مندوبين عن العائلات الثكلى، تخلله نقاش عاصف في قاعة المحكمة. واكد ممثلو النيابة العامة انه ما من توجه بتحرير معتقلين من فلسطينيين الـ48، كما ان تحرير الأسرى لن يجري على نحو أوتوماتيكي بل بموازاة التقدم في المفاوضات.
في غضون ذلك، يفترض ان يعقد اللقاء الاول بين طاقمي المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، يوم الاربعاء المقبل في القدس المحتلة، حيث سيشارك ايضا المبعوث الاميركي مارتين انديك، الذي وصل الى تل ابيب أول من أمس. ويرتقب أن يلحق به الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، نهاية الأسبوع الحالي.
من جهة ثانية، رأت وزيرة القضاء تسيبي ليفني، خلال لقائها مع نظيرها الالماني غيدو فيسترفيله، ان هذا اللقاء فرصة للقول إن الحدود ستحدد في المفاوضات لا وفق تحديد الاتحاد كما رأينا قبل أسابيع، وأن على الاتحاد الاوروبي انتظار نتائج المحادثات، وعبرت عن أملها بإمكان النقاش في هذه القضية.