تونس | تحولت محافظة صفاقس، ثانية أكبر المدن التونسية، خلال اليومين الماضيين، وتحديداً الطريق الوطنية «رقم 2»، الرابطة بين تونس العاصمة ومدينة الصخيرة، إلى ساحة مفتوحة تبادلت فيها وحدات الأمن الداخلي والجيش الوطني إطلاق النار بينها وبين مجموعة مسلّحة مكونة من ثلاثة أفراد كانوا على متن سيارة خاصة رفضت التوقف لدورية أمن كانت على مقربة من منطقة بئر علي بن خليفة.
تفاصيل العملية، وفق ما اتفقت عليها المصادر الرسمية، ممثلة بوزير الداخلية علي العريض، والكاتب العام لنقابة الحرس الوطني في صفاقس محمد التونسي، تقول إن سيارة رمادية اللون تحمل رقماً منجمياً عدد 5574 هربت من دورية أمن على مستوى النقطة الكيلومترية 171 من الطريق الوطنية 2 بين العاصمة ومدينة الصخيرة، فتم إعلام الدورية الموالية والمتمركزة ببئر علي بن خليفة لإيقافها. وفي الوقت نفسه، وردت إلى الدورية نفسها معلومة من سائق حافلة للنقل الجهوي تفيد بأنه تعرض للتهديد بسلاح ناري من طرف أحد المسافرين كان يحمل حقيبتين ثم نزل من الحافلة وصعد في نفس السيارة المطلوبة.

ونُصب كمين للسيارة في منطقة الطلاب من بئر علي بن خليفة، لكن الأفراد الذين يستقلونها تمكنوا من تركها ولاذوا بالفرار الى داخل غابة زيتون كثيفة. وقد ضبط عناصر الأمن والجيش رشاشات من نوع «كلاشنكوف» وكميات كبيرة من الذخيرة الحية داخل السيارة. وانطلقت بعدها المواجهة بين القوات الأمنية من جهة وأفراد العصابة من جهة ثانية، بعد إرسال تعزيزات إضافية بوحدات من الجيش الوطني. وبعد ليلة كاملة من التمشيط للغابة وملاحقة المسلحين عثر صباح أمس على جثتين وألقي القبض على الشخص الثالث وحجزت كميات متفرقة من الأسلحة والقنابل اليدوية.
وفي البداية، تضاربت الأقوال حول هوية المسلحين؛ ففي اليوم الأول من الحادثة ذكرت مصادر أمنية أن الأشخاص الثلاثة ملتحون وينتسبون إلى ما يُعرف بتنظيم «القاعدة» ببلاد المغرب، فيما ذكرت مصادر أخرى أن الأشخاص ينتمون إلى عصابات ترويج وتهريب السلاح، وهي التجارة التي باتت رائجة خصوصاً على الحدود التونسية الليبية والجزائرية. وتقول تسريبات إن الأسلحة النارية باتت تباع علناً في الجنوب التونسي وبأثمان بخسة.
وقد تم الكشف عن هويات العناصر الثلاثة وهم، زايد وأمين والهاشمي، وتبين لاحقاً أنهم ينتمون إلى إحدى الخلايا السلفية بمنطقة سيدي بن عون من محافظة سيدي بوزيد بالوسط الغربي، وأكبرهم سناً من مواليد 1978.
وتأتي هذه الحادثة في ظروف أمنية تشهد توتراً شديداً بين وزارة الإشراف وأعوان الأمن؛ فبعد الاعتداءات المتكرّرة عليها واقتحام مقارّ عملها، دخلت قوات الأمن الداخلي في تونس العاصمة في اعتصام مفتوح أمام مقر الحكومة بالقصبة احتجاجاً على عدم توفر قانون يحميها، وأيضاً على تجاهل الوزارة لمطالبها.
بدورها، دعت نقابة أعوان وإطارات أمن رئيس الدولة المؤقت منصف المرزوقي والشخصيات الرسمية كافة أفرادها إلى حمل الشارة الحمراء يومي الجمعة والسبت المقبلين في جميع المقار التابعة للإدارة العامة احتجاجاً على تواصل العمل بقانون عقوبة الإيقاف الشديد الذي يتعارض مع القانون العام ومع مبادئ حقوق الإنسان. وفي المقابل أعلن وزير الداخلية، علي العريض، رفضه التام لأي تحرك لرجال الأمن، موضحاً أن اعتصامهم المفتوح لا يساهم إلا في نشر الرعب لدى المواطنين.