بغداد | «بغداد تحت الحصار لاستضافة القمة العربية»، هذا هو أبسط تعبير يمكن أن يطلق على وصف الأوضاع في العاصمة العراقية بغداد، قبيل ساعات من بدء فعاليات واجتماعات القمة العربية التي تمتد أعمالها بينن 27 و 29 من الشهر الجاري. الإجراءات الأمنية التي تشهدها العراق تدفع الكثيرين، بمن فيهم الأطقم الإعلامية التي ذهبت لتغطية القمة العربية، إلى التفكير ألف مرة قبل النزول إلى الشارع، إذ أصبح السير على الأقدام لمسافات طويلة السمة المميزة في شوارع بغداد، للهروب من عمليات التفتيش المتكررة والكثيرة جداً، التي تتسبب في امتداد طوابير السيارات لمسافات طويلة.

السلطات الأمنية في بغداد أغلقت أكثر من نصف شوارع المدينة ومنعت سير أيّ مركبات فيها، والنصف الآخر من المدينة أصبح السير فيه أشبه بالمستحيل، فكل بضعة أمتار تقف نقاط للتفتيش تتبع أجهزة أمنية مختلفة، تتوزع بين أجهزة الشرطة والجيش ووزارة الداخلية.
وذكرت مصادر أمنية أن نحو 100 ألف عنصر أمني يشاركون في تأمين القمة العربية واجتماعاتها والمشاركين فيها، وأن مئة طائرة هيلوكوبتر تشارك في عملية التأمين تجوب سماء بغداد طوال الـ 24 ساعة. كذلك، ذكر شهود عيان أن طائرات هيلوكوبتر نفذت هبوطاً في أماكن مختلفة بالعاصمة، وهبط منها عناصر أمنيون نفذوا محاكاة للانتشار والتدخل السريع وإنقاذ المصابين وإخلائهم.
ورغم التحذيرات المشددة لأطقم ووسائل الإعلام بعدم السير فرادى أو بدون سيارة، فإن جولة في بعض شوارع بغداد سيراً على الأقدام، وصولاً إلى فندق المنصور اميليا، كفيلة بإظهار حجم المعاناة، إذ إنّ نحو 18 نقطة تستوقف المتجولين، وتتخللها عمليات تفتيش ذاتية، فضلاً عن توجيه لوم شديد لعدم التزام الصحافيين بتعليمات الأمن للحفاظ على أرواحهم.
وخلال الجولة كان يمكن مشاهدة نزر قليل من السيارات الأهلية، والغالبية العظمى منها «تاكسي أجرة»، ويكاد لا يكون هناك أي سيارات خاصة، أما القدر الأكبر من السيارات التي كانت تقطع الشوارع ذهاباً واياباً، فهو سيارات الأجهزة الأمنية والشرطة والجيش.
وأغلقت الكثير من المحال التجارية والمطاعم، إما لتعليمات أمنية، أو هرباً من تضييق الخناق بفعل الخطة الأمنية، أو نظراً لاختفاء كثير من السلع نتيجة توقف حركة المرور، وخاصةً بالنسبة لسيارات النقل، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار كثير من السلع.
وقررت الحكومة العراقية منح سكان بغداد اجازة رسمية من أعمالهم لمدة خمسة ايام من الأحد حتى الخميس، وذلك لتخفيف الضغط على الأجهزة الأمنية، ولامتصاص حالة الغضب لدى المواطنين جراء هذه الإجراءات الأمنية المشددة.
ورغم كل هذه الإجراءات ما زال الهاجس الأمني يقلق الكثيرين سواء من العراقيين الموجودين ببغداد، أو المشاركين في المؤتمر، الذين بدأوا يتوافدون على عاصمة الرشيد بغداد العرب.
وتبدأ اجتماعات القمة العربية الثلاثاء باجتماع وزراء المال والاقتصاد العرب، على أن يعقد يوم الأربعاء مجلس الجامعة العربية اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية، لوضع اللمسات النهائية لجدول أعمال القمة، التي تعقد الخميس، بمشاركة 21 دولة على مستويات مختلفة، بينما تغيب سوريا لتجميد عضويتها.
ويعقد اجتماع وزراء المال والاقتصاد العرب، في فندق عشتار شيراتون، بينما يعقد اجتماع وزراء الخارجية والقمة في القصر الرئاسي، أحد قصور الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بالمنطقة الخضراء، وجرى تحديد نقاط لتجميع الإعلاميين ونقلهم على نحو جماعي إلى حيث انعقاد القمة، والتنبيه عليهم بأنه لن يسمح بدخول أي إعلامي حتى لو كان حاملاً بطاقة المؤتمر إلى المنطقة الخضراء، ما لم يجرِ ذلك على نحو جماعي وبالباصات الخاصة بالمؤتمر.
ومن المقرر حسب مصادر دبلوماسية عربية، أن يتضمن جدول أعمال القمة من بين بنوده، تقرير الأمين العام للجامعة العربية عن العمل العربي المشترك، والقضية الفلسطينية، والأوضاع في سوريا، واليمن، والأوضاع في الصومال، وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.
كذلك يتضمن جدول الأعمال أيضاً النظام الأساسي للبرلمان العربي الدائم، وقضايا التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، وتقويم العمل العربي المشترك، وآليات إعادة هيكلة الجامعة العربية والمنظمات التابعة لها، وقضية الإرهاب وتأثيراتها على دول المنطقة.