بعدما حصل المبعوث الدولي لسوريا، كوفي أنان، على تأييد روسيا لجهوده للوساطة لحل الازمة السورية، لا يزال يواجه مهمة صعبة هذا الاسبوع تتمثل في الحصول على موافقة الصين على تلك الخطة، مع معارضة بكين للتدخل في الدولة الشرق أوسطية المضطربة. وقالت روسيا إن أنان يحظى بدعمها الكامل، وإن مهمته قد تكون الفرصة الاخيرة لتفادي حرب أهلية طويلة ودامية، ولكن الأمر يتطلب مزيداً من الوقت. وأشارت أيضاً إلى أن الدعم الخارجي للمعارضة السورية هو العقبة الرئيسية أمام السلام، في الوقت الذي استعد فيه مسؤولون غربيون لعقد اجتماع لمجموعة «أصدقاء سوريا» بشأن سبل مساعدة المعارضة. وأعلن أنان أن الأزمة في سوريا «لا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمّى»، لكنه لم يحدد مهلة نهائية لحلها. وأضاف في تصريحات للصحافيين في موسكو «من غير العملي طرح جداول وحدود زمنية في الوقت الذي لم نحصل فيه على موافقة الأطراف». وقال «لا يمكن السماح باستمرار هذا إلى أجل غير مسمّى، ومثلما قلت للأطراف على الأرض، لا يمكنهم مقاومة رياح التغيير». ورأى أن «القرار يرجع إلى السوريين في استقالة الأسد». وأضاف «من المهم في هذا الوقت العمل على أن يجلس جميع السوريين إلى طاولة المفاوضات».
من جهته، قال أحمد فوزي، المتحدث باسم أنان، إن سوريا ردّت رسمياً على خطة أنان التي أيّدها مجلس الأمن. وقال المتحدث في بيان «ردّت الحكومة السورية رسمياً على خطة المبعوث الخاص المشترك إلى سوريا المكوّنة من ست نقاط، كما أيّدها مجلس الأمن الدولي. ويدرس السيد أنان الرد وسيرد عليه قريباً جداً». ولم يدل بمزيد من التفاصيل. وتدعو خطة أنان إلى وقف أعمال العنف في سوريا بإشراف الامم المتحدة، بحيث يسحب الرئيس السوري بشار الاسد قواته من المدن المضطربة، ويبدأ بالانتقال إلى نظام ديموقراطي.
وعن زيارة أنان إلى الصين، قال جوشوا ايسنمان، من مجلس السياسة الخارجية الاميركي، المتخصص في شؤون الصين، «من المرجح أن يحصل المبعوث الدولي على فهم أفضل لمدى دعم الصين لخطته، وسيعرف ما يمكن أن يقبله أو يرفضه الصينيون». ويقول محللون إنه بعد تأييد روسيا لخطة أنان، ووصف مدفيديف لها بأنها «الفرصة الاخيرة» لتجنّب حرب أهلية في سوريا، فإن من المرجح أن تواجه الصين مزيداً من الضغط للمساهمة في حل.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، هونغ لي، إن «الصين تقدر وتؤيد جهود الوساطة التي يقوم بها أنان، وتأمل بأن تسمح زيارته بإجراء مناقشات معمقة بشأن التوصل إلى حل سياسي للمسألة السورية». وأعلنت الصين أمس أنها لم تقرر بعد المشاركة في مؤتمر أصدقاء سوريا الثاني المزمع عقده في إسطنبول في الأول من نيسان المقبل. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن هونغ لي قوله إن بلاده تلقت دعوة للمشاركة في المؤتمر الذي سيعقد في تركيا، غير أنها لم تنظر في المشاركة فيه.
والتقى الرئيس الاميركي باراك أوباما نظيره الروسي ديميتري مدفيديف، أمس، في سيول، واتفقا على دعم خطة أنان وانبثاق حكومة «مشروعة» في البلاد. واستغرق اللقاء بين الرئيسين 90 دقيقة على هامش قمة حول الامن النووي في العاصمة الكورية الجنوبية. وهذا اللقاء مثّل الاتصال الأخير المباشر بين أوباما ومدفيديف قبل عودة فلاديمير بوتين إلى الكرملين. وفي ختام اللقاء الثنائي تطرق أوباما باقتضاب، أمام الصحافيين، إلى الخلافات المستمرة بين البلدين بشأن سوريا. لكن البلدين أصبحا متفقين على «دعم جهود كوفي أنان بهدف وقف حمام الدم في سوريا»، كما قال أوباما، موضحاً أن الهدف النهائي هو قيام سلطة «مشروعة» في دمشق. وكان أوباما قد اتفق مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، على هامش القمة في سيول أول من أمس، على تقديم مساعدات طبية ووسائل اتصالات إلى المعارضة السورية، إلا أنهما لم يناقشا تقديم أسلحة إلى قوات المعارضة.
وتحدثت بعض الوسائل الإعلامية عن خطاب مرتقب للرئيس الأسد سيعلن بموجبه نهاية العمليات العسكرية التي بدأت قبل شهرين في عدة مناطق سورية، كذلك من المرتقب أن يتحدث الأسد عن خطة مبعوث الأمم المتحدة كوفي أنان وبنودها، من وقف العنف والحوار والمساعدات الإنسانية، كذلك سيتطرق إلى العلاقات مع موسكو التي وقفت بقوة إلى جانب دمشق، إضافة إلى حديث عن إعلان عفو عن كل من تورط أو حمل السلاح من دون أن تتلطخ يداه بدماء السوريين، وفق حديث الوسائل الإعلامية، إضافة إلى عفو سيشمل المعتقلين. وفيما لم يتضح بعد توقيت هذا الخطاب، لم تشر إلى الأمر وكالة الأنباء الرسمية سانا، التي جرت العادة أن تعلن عن الخطاب قبل يوم من موعده، كذلك ورد نفي غير رسمي للخبر على مواقع التواصل الاجتماعي.
من جهة ثانية، جدد الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي، اندريس فوغ راسموسن، تأكيده أمس أن الحلف لا ينوي التدخل عسكرياً في الأوضاع السورية، لكنه شدد على «إدانة» تصرفات الرئيس السوري بشار الأسد و«اضطهاد المدنيين».
إلى ذلك، قدّم مجلس الشعب السوري، أمس، التماساً إلى الرئيس بشار الأسد لتأجيل الانتخابات التشريعية المقررة في 7 أيار المقبل إلى موعد لاحق، لـ«يتسنى ترسيخ الإصلاحات الشاملة وانتظار مقررات الحوار الوطني الشامل وتمكين الأحزاب المرخصّة في ضوء قانون الأحزاب الجديد من القيام بدورها الوطني، من أجل انتخابات ديمقراطية وفقاً للدستور الجديد».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)