كيف يمكن أن تدور المواجهة العسكرية المستقبلية بين مصر وإسرائيل، في حال تدهور العلاقات بين الجانبين، وتردي الوضع الأمني دراماتيكياً على الحدود المصرية ـــ الإسرائيلية؟ سؤال بات يطرح جدياً لدى الجيش الإسرائيلي والخبراء الأمنيين والاستراتيجيين في إسرائيل، في انعكاس طبيعي للتغيّرات الحاصلة في مصر، وخسارة «الذخر الاستراتيجي» لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. فمصر، بالنسبة إلى تل أبيب، برئاسة الإخوان المسلمين، مختلفة جداً عن مصر «كامب ديفيد» حيث الشراكة الكاملة في المصالح والتطلعات الإقليمية.
حاول الباحث والخبير في الأمن القومي والمحاضر في كلية القيادة والأركان التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إيهود عيلام، الإجابة عن سؤال الحرب الإسرائيلية ـــ المصرية، في ضوء المتغيرات في مصر، مشيراً في مقالة نشرتها دورية «إسرائيل ديفنس» العبرية في عددها الأخير، إلى أن أسباب المواجهة قائمة بالفعل؛ إذ إن «الثورة وتنامي القوة للإخوان المسلمين في مصر، يمكن أن يؤديا إلى احتكاكات بين الجانبين»، كذلك هناك أسباب إضافية واقعية، من بينها «نزع السلاح من سيناء، ونزع السلاح من حركة حماس (في قطاع غزة)، التي تتماهى مع الإخوان في مصر، وهي أسباب، ضمن ظروف خاصة، قد تؤدي إلى اندلاع مواجهة بين الجانبين».
ويلفت الباحث إلى «وجود تغيير كبير في القدرات العسكرية المصرية والإسرائيلية على حد سواء؛ إذ إن سلاح الجو المصري بات أقوى مما كان في السابق، ولديه أكثر من مئتي طائرة حربية من نوع اف 1». مع ذلك، يؤكد الباحث أن دور القوة الجوية الإسرائيلية سيكون بارزاً، وتحديداً في توفير المساعدة للقوات البرية والبحرية لإسرائيل». إلا أنه أضاف أنّ «من المحتمل أيضاً، أن يكون الجيش الإسرائيلي مشغولاً في جبهات أخرى، كإيران وحزب الله، وكذلك مع حماس وسوريا، ما يعني إرباكاً وعدم تركيز القوة الجوية قبالة مصر».
في ضوء ذلك، يضيف الباحث أنه يحتمل في المرحلة الأولى من الحرب المصرية الإسرائيلية، ألّا يتمتع أي طرف بسيطرة جوية كاملة، وأيضاً، يمكن الدفاع الجوي المصري، التشويش على هجمات القوات الجوية الإسرائيلية، ما يعني أنه لا يمكن الحسم في سيناء من طريق الهجمات الجوية فقط، وبالتالي يتحتم على إسرائيل إدخال قوات برية إلى شبه الجزيرة، وهي مواجهة ستتضمن عناصر لم يختبرها الجيش الإسرائيلي منذ عام 1982، أي معارك ضد المدرعات، والتعرض لهجمات جوية معادية. وأكد الباحث أن سلاح البحرية الإسرائيلية، للمرة الأولى منذ عام 1973، يمكن أن يخوض معارك ضد الأسطول المصري في البحر الأحمر، وخصوصاً في البحر الأبيض المتوسط، كذلك إن المناطق المفتوحة في سيناء، تتيح المجال لمناورة واسعة برياً. ومع ذلك إن تحريك فرقة أو فرقة معززة في الليل، قد يتخللها تصادم مع العدو، وهو تحدٍّ غير سهل لإسرائيل، من ناحية القيادة والسيطرة والاستخبارات.
ويشير الباحث إلى تشابه الأنظمة والوسائل القتالية بين مصر وإسرائيل، وهو تحدٍّ إضافي للجيش الإسرائيلي؛ إذ إن جيشي البلدين يستخدمان الآلاف من الأنظمة العسكرية الأميركية المتشابهة، مثل «الأف 16» و«الأم 113»، وهو عامل إضافي قياساً بالمواجهات العسكرية السابقة، ومن شأنه أن يؤدي إلى «نيران صديقة» وخسائر إسرائيلية غير مقصودة.
ويرى الباحث أنه بات من السهل، نسبياً، أن يخترق الجيش الإسرائيلي عمق سيناء، في ظل غياب المنشآت المحصنة للجيش المصري، التي كان بإمكانها أن تشكّل عقبات أمام التقدم البري، لكنه في المقابل شدد على أن «الجيش المصري، خلافاً لعام 1973، لن يضطر إلى التغلب على عائق اجتياز القناة، لكن إذا فاجأت مصر إسرائيل بحركة سريعة في بداية المواجهة، فإن على الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعداً لشن هجوم مضاد لتأخير الحركة المصرية المتقدمة، لإعطاء الوقت لتجنيد الاحتياط في إسرائيل».
ويخلص الباحث إلى أن لدى مصر وإسرائيل أسباباً كثيرة لعدم الإقدام على تحدي إحداهما للأخرى عسكرياً، إلا أن المواجهة قد تحصل خلافاً لرغبتهما، وبالتالي على الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعداً لمواجهة تقليدية محتملة مع مصر، وعدم الاكتفاء بالاستعداد القتالي لجبهات أخرى، وعلى رأسها جبهة حزب الله.