الجزائر | وصلت مشاكل انقطاع الكهرباء والماء الى العاصمة الجزائرية، بعدما نالت من عدد كبير من المدن والبلدات في مختلف ولايات البلاد، وخاصة الواقعة منها في الجهة الشرقية. فقد انطفأت الأنوار على نحو متكرّر في الأيام الثلاثة الأخيرة على 350 الف عائلة في مدينة الجزائر التي يقطنها نحو أربعة ملايين نسمة. كذلك غرقت قسنطينة (كبرى مدن الشرق 650 الف ساكن) في الظلام ثلاثة أيام متتالية بحسب التقارير الصحافية والأخبار التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي. وخرج عشرات الآلاف في قسنطينة وباتنة وبسكرة وغيرها الى الشوارع احتجاجاً على استمرار هذا الوضع، وأغلقوا الطرقات واشتبكوا مع قوى الأمن في عدة أحياء. وبرّرت شركة توزيع الماء في العاصمة اضطراب نشاطها، وخاصة الخميس والجمعة، بتوقف تام لمحطات الضخ نتيجة انقطاع التيار الكهربائي.
وخرج مدير شركة الكهرباء والغاز نور الدين بوطرفة، قبل أيام ليعلن أن الاضطراب سيستمر، وأنه لا يملك علاجاً لكون المشكل في ارتفاع مستويات الاستهلاك في أيام الحر الى ما لا تقدر على توفيره محطات التوليد العاملة بفعل تشغيل ملايين المكيفات. ورأى هذا التصريح استفزازاً وتحدياً للمشتركين في خدمات الشركة التي يفترض أن تقدم اعتذاراً علنياً على ما لحق بهم من أضرار، فيما لا يستبعد أن يكلف هذا التصريح مدير شركة الغاز منصبه.
أما وزير الطاقة والمناجم، يوسف يوسفي، فقد سارع الى تلطيف الأجواء لتفادي الانزلاق لانتشار العنف بطرح وعود بمعالجة الوضع بأقرب وقت، في خطوة قد تكون بداية لمحاسبة المتسببين في نشر القلق. وأكبر سؤال يطرح في الجزائر هذه الأيام: هل ما يجري مجرد سوء تسيير أدى الى تراكم المشاكل في قطاعي الكهرباء والماء وحدث ما حدث، أم أن ثمة يداً تنظّم هذه الأزمة؟ تحدث هذه المشاكل ويطرح هذا السؤال في وقت تعيش فيه مختلف قطاعات النشاط في الجزائر تسيباً شبه تام، جراء الغموض الذي يكتنف الوضع بفعل تأخر تأليف الحكومة الجديدة بعد ثلاثة شهور من الانتخابات البرلمانية، والغياب المستمر لرئيس الدولة عبد العزيز بوتفليقة عن الساحة، حيث يتردد في وسائل الإعلام انه يقضي عطلته في سويسرا.
أجواء الغموض هذه دفعت الكثيرين لترجيح «نظرية المؤامرة» بخصوص مشاكل الكهرباء والماء التي تعيشها البلاد حالياً. ففي المطلق لا يوجد مثل هذا المشكل، لأن البلاد تنتج ما يكفي من الكهرباء ومخزونها من المياه في السدود يمكّنها أن تشرب أكثر من ثلاث سنوات من دون الحاجة الى أمطار جديدة.



يُرجّح أصحاب «نظرية المؤامرة» أنّ بعض الأطراف في السلطة تفتعل هذه المشاكل لدفع الشارع الى الهيجان واستغلال غضبه لتصفية حسابات داخلية في صراع الأجنحة. وتحسباً لما يمكن أن يحدث اصدرت المديرية العامة للأمن الوطني، التي يقودها الجنرال عبد الغني هامل، تعليمات وزعتها على كل مديرياتها في الأقاليم والبلديات تدعو الى عدم استخدام العنف في مواجهة المحتجين.