غزّة | يوسف، جمال وأيمن، هم أشقّاء من عائلة الدلو. لم تتعدّ مجموع سنوات عمرهم 15 عاماً، خطّت دماؤهم التي امتزجت أمس بدماء والدهم وجدّهم واثنتين من عماتهم حروف كلمة «مجزرة صهيونية جديدة»، لتضاف إلى سجل إجرام دولة الاحتلال التي لا تفرق في مجازرها بين طفل وامرأة ومسنّ. وبينما كان قطاع غزة يعيش لليوم الخامس على التوالي تصعيداً إسرائيلياً، دخل أمس مرحلته الثانية، التي تستهدف منازل كوادر حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ليزداد عدد الضحايا في صفوف مدنيين، جل ذنبهم العيش في قطاع تصب عليه إسرائيل غضبها كلما حلا لها الأمر.
منزل عائلة الدلو، المكون من ثلاث طبقات، والكائن في شارع النصر بحي الشيخ رضوان غرب غزة، كان هدفاً عصر أمس لطائرات إسرائيل الحربية، حيث قصفته بأكثر من خمسة صواريخ متتالية، حولته إلى ركام فوق رؤوس قاطنيه، الذين يبلغ عددهم 30 شخصاً، جلهم من الأطفال والنساء.
هرع الجيران، الذين لحقت أضرار جسيمة بمنازلهم، فور سماع الانفجار إلى منزل أصبح أثراً بعد عين لانتشال جثث الضحايا وإنقاذ من بقي منهم على قيد الحياة ونقلهم إلى المستشفى بسياراتهم الشخصية.
مستشفى الشفاء استقبل 11 شهيداً، 8 منهم من عائلة الدلو، بينهم الأب محمد الدلو وأطفاله الثلاثة، وهم: يوسف يبلغ من العمر عامان، وجمال (5 أعوام)، وأيمن (7 أعوام)، إضافة إلى 3 سيدات من العائلة نفسها، ورجل وامرأة من عائلة المزنر.
هياثم الدلو، عمة الأطفال، ركضت إلى المستشفى حال سماعها خبر مجزرة عائلتها، علّها تطمئن على من بقي منهم. لكن الفاجعة صدمتها فور رؤيتها للجثث الممددة على الأسرّة.
بحركات هستيرية، قبّلت أبناء أخيها الممدّدين على سرير واحد مخضّبين بدمائهم، وبكت بحرقة قبل أن تصرخ بأعلى صوتها: «أين العرب، أين المسلمون، أين ضمائر العالم، أين أنتم يا من تنادون بحقوق الإنسان، ما ذنب هؤلاء الأطفال، ما ذنب أخي، ماذا فعلوا لكِ يا إسرائيل؟ حسبنا الله ونعم الوكيل». أما زوجة أخيها، فقد غابت عن المشهد، راقدةً في العناية المكثفة نظراً لإصابتها الخطيرة.
أحد شهود العيان حاتم المزنر (35 عاماً)، قال لـ«الأخبار» «لم نتوقع أن يقصف المنزل، فأهله لا علاقة لهم بالمقاومة ولا بالتنظيمات الفلسطينية». وأضاف «هذه الجريمة لا يقترفها إلا قاتل سفاح، هتلري، نازي، لا يستحق إلا محاكمات دولية، وعزل عن العالم». وندد بالصمت العربي، وخاصة بعد الثورات التي لم تبدل من ردود الفعل الشعبية على ما يحدث من قتل جماعي بحق الغزيين، مبدياً خشيته من استمرار التصعيد وارتكاب مزيد من عمليات القتل الجماعية.
أما رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية، فوصف مجزرة عائلة «الدلو» بأنها «مجزرة بشعة فاقت كل التصورات». ورأى أنها «تشكل معولاً جديداً في هدم الاحتلال ورحيله عن الأرض الفلسطينية»، ودعا العالم إلى تحمل مسؤوليته أمام هذه الدماء البريئة. كما أعلنت كتائب عز الدين القسام أنها قصفت عدة مواقع وتجمعات عسكرية للجيش الإسرائيلي رداً على هذه المجزرة وكل دماء الشهداء، فيما أكدت كتائب المجاهدين أن مجزرة عائلة الدلو لن تمر مرور الكرام.
وتغير الطائرات الإسرائيلية على منازل المدنيين في كل محافظات القطاع، حيث ارتفع عدد الضحايا منذ بدء التصعيد إلى أكثر من 70 شهيداً، إضافة إلى أكثر من 560 جريحاً، وفق إحصاءات أصدرتها وزارة الصحة المقالة.