صنعاء | بعد «جمعة البداية»، خرج اليمنيون أمس في«جمعة التلاحم» في مسيرات مليونية عمت مختلف المحافظات للمطالبة بتنحي الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، في صورة وحدة وطنية أسهم الرئيس في تحقيقها دونما قصد منه.وفي تعز، تجمع قرابة مليون محتج توحدوا خلف هتاف واحد يطالب برحيل صالح، فيما شيع المحتجون أول ضحايا الانتفاضة في المدنية، يدعى مازن سعيد البذيجي.
أما في صنعاء، فخرج نصف مليون محتج رفعوا شعارات منددة بحكم صالح، فيما تظاهر عشرات الآلاف من أنصار صالح، حاملين لافتات كتب عليها «نعم للأمن والاستقرار، لا للفوضى والتخريب»، «لا للفتنة والتمزق».
وفي صعدة، تظاهر عشرات الآلاف من أتباع جماعة الحوثي للمطالبة بإسقاط النظام، فيما أصيبت امرأة وطفلة بجراح بالغة، قال الحوثيون إن سببها إطلاق القوات الحكومية قذائف باتجاه منطقة آهلة بالسكان عقب التظاهرات.
أما في عدن، حيث خرج عشرات الآلاف في مديريات خور مكسر والتواهي المعلا، فاتسم الوضع بالغموض، بعدما فرضت قوات الجيش عزلاً منهجياً بين مناطق عدن الأربعة، ما حد من حرية الحركة في داخل المدينة، إضافة إلى اعتقال عدد كبير من الصحافيين، ما أسهم في فرض حالة من التعتيم على حجم الخسائر في الأرواح.
إلا أنه تأكدت إصابة نحو عشرة شبان، حالات بعضهم حرجة، فيما تحدثت أنباء عن وفاة نحو ثلاثة آخرين جراء استخدام عناصر من قوات الجيش التي تمترست في مخارج مناطق المدينة الرئيسية للرصاص الحي في تفريق المتظاهرين.
وفي خضم حمى الاحتجاجات التي تعم البلاد، يبدو أن النظام اليمني لا يعقل أبداً. موهوب في وضع نفسه في خانة الأزمات المتواصلة، وماهر في أذية الآخرين. فعلى الرغم من كل المصائب التي تحاصره من كل جانب، إلا أنه لا يزال مصراً على استخدام مواهبه المستهلكة في الخروج من أزماته المتمثلة بورقة القاعدة.
وبعد إعلانه قبل أيام حدوث اشتباكات مع أفراد من التنظيم في منطقة مأرب أوقعت ستة قتلى، وزع المركز الإعلامي التابع لوزارة الداخلية بياناً تحدث فيه عن مخاوف الوزارة من احتمال استغلال «القاعدة» للتظاهرات القائمة في صنعاء للقيام بأعمال «تستهدف منشآت حيوية، مستفيدة من التظاهرات والاعتصامات الجارية في العاصمة صنعاء وانهماك الأجهزة الأمنية بحمايتها».
بيان، سرعان ما انتقدته اللجنة الإعلامية للشباب المعتصمين في ساحة التغيير بجامعة صنعاء، وحذرت في بيان أصدرته من أن تكون تلك التصريحات تأتي في منهجية جديدة اعتمدتها «وحدة الأزمات» التابعة لجهاز الأمن القومي لمواجهة المحتجين، وتهدف من ورائها استباق تنفيذ أمر ما ضد المحتجين، ومن ثم نسبه إلى تنظيم القاعدة. وعبر المعتصمون عن مخاوفهم من أن «اندساس بعض الخارجين عن القانون بين المتظاهرين ليُعلَن القبض عليهم بعد ذلك ونسبهم إلى المحتجين السلميين».
تأتي هذه التطورات فيما اعترف الرئيس اليمني رسمياً بوجود أزمة كبيرة في نظام حكمه أدت إلى انتقال الاحتجاجات إلى الشارع. اعتراف جاء عبر تأليف لجنة برئاسة رئيس الوزراء، علي محمد مجور وعضوية عدد من الوزراء، «لإجراء حوار بناء ومفتوح مع الإخوة الشباب، ومنهم المعتصمون في عدد من الساحات، وفي مقدمتها ساحتا الجامعة والتحرير بصنعاء، وعصيفرة بتعز، ومحافظة عدن».
إلا أن إعلان اللجنة قوبل بالرفض من الشباب المعتصمين في ساحة التغيير بجامعة صنعاء. وأكد أحد الشباب المشاركين في اللجنة الإعلامية، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أنهم يرفضون بالمطلق معالجات التهدئة هذه، التي لا تمس صلب المشكلة، مؤكداً أن طلبهم هو «رحيل النظام ولا شيء غيره».