رام الله | فور انتهاء خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس سلسلة اتصالات هاتفية مع كل من وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن، للتشاور في ما جاء في الخطاب، ودعا القيادة الفلسطينية إلى اجتماع طارئ، على أن يتم يصدر موقف رسمي فلسطيني ردّاً على ما جاء في الخطاب. وعلمت «الأخبار» أن الرئيس الفلسطيني وزع تعميماً يطالب كافة أفراد القيادة الفلسطينية بعدم الإدلاء بأي تصريحات ايجابية كانت أو سلبية، رداً على خطاب الرئيس الأميركي إلى حين انتهاء الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه وإقرار موقف رسمي. الجديد جاء على لسان وزير الأوقاف والشؤون الدينية محمود الهباش، خلال خطبة الجمعة التي حضرها الرئيس عباس في مسجد التشريفات برام الله، حيث قال «كفى ظلماً واعتداءً على حقوقنا التي كفلتها كل شرائع الدنيا وقبلها شريعة السماء التي أنزلها الله على أنبيائه». وأضاف «عشرون عاماً من المفاوضات ولا يريد خصمنا أن يعطينا هذا الحق، فقلنا نريد أن نلجأ إلى الأمم المتحدة لإقامة دولتنا، فهل في هذا ظلم لأحد؟»، وهو ما عُدّ تلميحاً إلى خطاب أوباما. الهباش أكد «أن إسرائيل لا تريد السلام، فأعلنت على لسان رئيس وزرائها رفضها الانسحاب إلى حدود عام 1967، وصادقت على بناء وحدات استيطانية جديدة في القدس المحتلة». وأنهى الهباش خطبته بالقول «لا نريد أكثر من حريتنا، ولا نقبل من أحد أن يعتدي علينا، حقنا واضح، نريد دولة مستقلة وحرة على ترابنا الوطني، لا نريد أكثر من ذلك، ولا نقبل بأقل من ذلك مهما طال الزمن ومهما وقع علينا من ظلم».
بدورها، وصفت حركة «حماس» خطاب أوباما بأنه فارغ المضمون. وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، إن «شعوب المنطقة ليست بحاجة إلى دروس أوباما حول الديموقراطية وهو الأولى بهذه الدروس في ظل دعمه المطلق للجرائم الإسرائيلية، وإعلانه في الخطاب رفضه مجرد التنديد بالاحتلال الإسرائيلي».
ورأى أن خطاب أوباما عن الدولة الفلسطينية خطاب «فارغ المضمون وهو مجرد تكرار لشعارات لا معنى لها».
الشارع الفلسطيني لم يكن بعيداً عن مجريات الأمور، فبعد انتهاء الخطاب ظهرت الكثير من تصريحات النشطاء الشباب على الشبكات الاجتماعية مثل تويتر وفايس بوك، تنتقد ما جاء في خطاب أوباما، منهم من وصفه بأنه لا يحمل أي جديد، ومنهم من قال إنه فارغ المضمون. وكانت هناك آراء ساخطة في الشارع على الطريقة التي تحدث فيها أوباما عن نية الفلسطينيين التوجه إلى الأمم المتحدة، وأن ذلك لن يجلب لهم دولة. هذه الآراء طالبت القيادة الفلسطينية بالثبات على التوجه للأمم المتحدة في أيلول القادم، وتثبيت عزل إسرائيل دولياً.
البعض تحدث بسخرية عن فكرة مبادلة الأراضي التي طرحها أوباما، وخرجت بعض النكات السياسية الساخرة التي تتساءل عن فكرة مبادلة «أرضنا بأرضنا» فلماذا نفعل ذلك؟ الانتقادات في الشارع الفلسطيني طالت حتى تسمية خطاب أوباما «الربيع العربي»، معتقدة أن ذلك بمثابة ركوب لنجاحات الشباب العربي التي يحاول أوباما استغلالها للإبقاء على تحالفات قديمة مع القيادات الجديدة.
وبرزت أسئلة كثيرة من المحللين تتمحور عن التسريبات التي خرجت بعد الخطاب بخصوص حديث أوباما لمستشاريه عن عدم ثقته بنتنياهو وتقدمه بعملية السلام، فلماذا إذاً لم يكن أوباما حاسماً أكثر باتجاه مراوغة إسرائيل وتحدث بالعموميات فقط؟ المحللون استغربوا الترحيب العربي والدولي بما جاء في الخطاب، بينما في إسرائيل رفضه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي رفض كذلك فكرة انسحاب إسرائيل إلى حدود 1967.