■ بداية لا بد من سؤالكم عن علاقتكم بالمجلس الأعلى، في أعقاب الخلافات التي ظهرت إلى العلن خلال فترة التفاوض على تأليف الحكومة. هل انفصلتم كلياً عنه وبات لكم كيانكم المستقل عنه؟
- بدر والمجلس لم يكونا يوماً كياناً واحداً، ولا صُنّفت بدر يوماً جناحاً عسكرياً للمجلس ولا ساعة ولا دقيقة. المجلس مجلس وبدر بدر. في فترة من الفترات، وفي ظروف معينة، أصبح شهيد المحراب كذلك السيد أبو عمّار (السيد عبد العزيز الحكيم) في قيادة المجلس الأعلى وفي قيادة بدر. وحتى في هذه الفترة بقي «المجلس مجلس وبدر بدر» بقيادة شخص واحد هو السيد الحكيم.

■ كيف تصف العلاقة بين المجلس وبدر؟

- المجلس الأعلى كان إطاراً يجمع كل المعارضة الإسلامية لصدام حسين، أحزاب ومنظمات وشخصيات مستقلة. لم يكن حزباً بل إطاراً تنظيمياً للمعارضة الإسلامية، وبينها بدر وأحزاب أخرى وشخصيات مستقلة. في إطار هذه الأجواء كانت بدر من ضمن المجلس الأعلى. في الأخير، تحوّل المجلس الأعلى حزباً يخصّ جماعة معينة فقط. انسحب حزب الدعوة منه، وكذلك فعلت القوى الأخرى، وبقي المجلس عنواناً.

■ قيل خلال السنوات الماضية إن منظمة بدر كانت تحوي خلايا سرّية تعمل على مقاومة الاحتلال الأميركي للعراق من دون إعلان ذلك، لعدم إحراج قيادة بدر والمجلس الأعلى. ماذا تقولون في ذلك؟

- بصراحة لا توجد خلايا كهذه، لأننا اخترنا منذ البداية سبل المقاومة السلمية والمشاركة في العملية السياسية. لم نذهب باتجاه المقاومة المسلحة. أنا لا أعرف اللف والدوران. لو كنت قررت المقاومة المسلحة لكنت أعلنت ذلك على الملأ. أصلاً قلت ذلك للأميركيين أنفسهم. أبلغتهم أنني عندما أقرر ترك العملية السلمية والاتجاه نحو المقاومة المسلحة ستكونون أول من أبلغه ذلك. أما أن أعلن أنني اخترت العمل السياسي والمقاومة السلمية وفي السر أمارس العمل المسلح، فأنا أرى أنّ هذا ليس من الأخلاق. كذلك قلت للإخوة في لبنان، إن المقاومة السلمية هذه مصلحة، وجهة نظركم غير ذلك، هذا رأيكم. لكن نحن في العراق من يقدّر المصلحة، وقد وجدنا أن الخيار الأفضل هو المقاومة السياسية. وقلت للإخوة البدريين أنا مع المقاومة السياسية، ومن يرد المقاومة المسلحة فليفعل، وليتخذ هذا الطريق الآخر، لكن لا يقول أنا بدر.

■ يبدو واضحاً أن المسألة الأهم المطروحة على بساط البحث حالياً في العراق والمنطقة، هي قضية انسحاب قوات الاحتلال الأميركية من بلاد الرافدين. أين وصلت المفاوضات؟ وهل سيغادر الجنود الأميركيون كلهم أم سيبقى البعض منهم، وتحت أي عنوان؟

- بالنسبة إلينا، أنا أؤكد لك أن الانسحاب الأميركي قطعي من العراق ولا رجعة فيه. وأكدنا مرات عديدة أن بقاء القوات الأميركية في العراق سيصدّع الوحدة الوطنية. ولا شيء أغلى من الوحدة الوطنية أو أهم منها. ولذلك أقول لك وسترى، إن الانسحاب قطعي. أما هل يبقى جنود للتدريب؟ اليوم إذا ذهبنا وأردنا شراء مجموعة من الأسلحة الأميركية، أليست بحاجة إلى مدربين وخبراء؟ انصفونا بعض الشيء. نحن نعتقد أنه بالنسبة إلى بقاء جنود أميركيين للتدريب، لا مانع من ذلك. وهذا تقرّره الأجهزة الفنية في العراق. عددهم بالتأكيد ليس خمسة آلاف ولا ألفين ولا ألفاً. أعداد لا أريد أن أستبق الأجهزة الفنية، لكنها أعداد محدودة للقيام بالمهمات الفنية والتدريبية المطلوبة في العراق.

■ وبالنسبة إلى قضية حماية البعثات الدبلوماسية، الأميركيون طرحوا فكرة إبقاء قوات لحماية السفارة والقنصليات في العراق؟

- هناك سفارة وقنصلية في البصرة وأخرى في أربيل. الأميركيون لا يعتمدون على الجنود في حماية بعثاتهم. يعتمدون على الشركات الأمنية. وحماية كهذه تكون وفقاً لما ينص عليه القانون العراقي. وهؤلاء ليسوا كلهم أميركيين، معظمهم من العالم الثالث، وقد يكون قادتهم أميركيين. من هنا، سيكون هناك حفظ لأمن السفارة والقنصليات من قبل شركات أمنية ومتخصصة بالأمن، وفق ما يجيزه القانون.

■ لعل الملف الثاني الأكثر سخونة يتعلق بقانون النفط الذي قدمته الحكومة إلى البرلمان ويرفضه الأكراد و«العراقية» والبعض من التيار الصدري (بهاء الأعرجي). أين أنتم من مشروع القانون هذا؟ إلى أي مدى سيسبّب تصدع المشهد السياسي العراقي؟

- لن يتصدع ولن يحصل شيء. هذا القانون عرض في مجلس الوزراء مثله مثل كل القوانين التي تخرج من رحم مجلس الوزراء ثم تُرفع إلى البرلمان، وصاحب القرار النهائي في الموافقة عليها أو لا، في تصويبها أو لا، هو مجلس النواب. إذا رأى المجلس أن هناك حاجة لإعادته إلى الحكومة، فنحن مستعدون لإعادته وأخذ ملاحظات المجلس في الاعتبار، ونعدّله ونعيده إلى مجلس النواب. يعني أن شيئاً لن يحصل. مجرد زوبعة، وقد رأينا الكثير منها، وقد مرّت مرور الكرام، ولم تؤثر على المشهد السياسي العراقي. أعتقد أن أهمية قانون النفط هو أن هذا المشروع وضع في الحكومة، حيث جرى التصويت عليه بالإجماع قبل تحويله إلى البرلمان. فإذا كان الإخوة في المجلس عندهم ملاحظات، فليعيدوا المشروع إلينا، وإن أرادوا تعديله فليفعلوا ويقرّوه.

■ مشكلة قانون النفط ليست قانونية في العراق ولا إجرائية كما بات واضحاً، بل هي مشكلة توزيع الثروة النفطية بين الحكومة المركزية والأقاليم، هذا من ناحية. وهناك مشكلة نفط كركوك والمادة 140. وهذان ملفان متفجران.

- المادة 140 موضوع مختلف لا علاقة لها بقانون النفط. أما بالنسبة إلى توزيع الثروة، فنحن نعتقد أن الثروة قضية اتحادية والمال قضية اتحادية. هناك ثلاث قضايا مركزية من اختصاص الحكومة الاتحادية، المال والخارجية والدفاع، وليس للإقليم أو المحافظات حق التدخل فيها. هذا الدستور. نحن ندّعي ضرورة أن يطبّق الدستور. من يرد أن يقفز على الدستور ويطبّق آراءه فهذا شيء آخر.
■ المادة 140 أليست تلك التي تحدّد مستقبل كركوك في استفتاء؟ وبالتالي إذا تقرّر أنها تابعة لإقليم كردستان، فإن نفط كركوك سيذهب إلى الأكراد.

- حتى لو تقرّر في الاستفتاء أن كركوك كردية، لماذا على نفطها أن يذهب إلى الأكراد؟ الآن الأكراد يعيشون من نفط البصرة. من أين يأخذون حصة الـ17 في المئة من حصة العراق. من نفط البصرة. هل نفط كركوك يساوي 17 في المئة. نحن لا مانع لدينا إن كانت الكتلة العراقية والأكراد يريدون خياراً مختلفاً. نحن أتينا من أجل المحافظة على وحدة العراق. هؤلاء الخبثاء الذين يتهمون الشيعة بأنه لا روح وطنية لديهم. الشيعة هم أصل الروح الوطنية في العراق. واليوم أقول لك بكل صراحة، نحن الشيعة لو فكرنا لوجدنا أن النفط كله في مناطقنا، كل الثروات في مناطقنا، ولكُنّا أخذنا النفط الخاص بنا وأعطينا كل من في منطقته نفط نفطه والله ومحمد وعلي معه. نحن تنازلنا عن حقنا. العراق كله يعيش اليوم من البصرة. البصرة تعيش الأمرّين، واللقمة عندما تأتي نوزّعها على كل العراق، إيماناً منّا بوحدة العراق. يجب أن يكون مال العراق موحداً. ولذلك تنازلنا عن أموال من أجل وحدة العراق. ومن يفكر في تقسيم المال يفكّر في تقسيم العراق.

■ يبدو أن السيد مقتدى الصدر وجد مخرجاً لإحراج كان يمكن أن يسبّب أزمة للحكومة، ألا وهو التظاهرات المليونية التي توعّد بها ثم قرر تأجيلها. إلى متى سيبقى هذا التهديد سيفاً مصلتاً على رقبة الحكومة؟ وهل يمكن أن يؤدي إلى إسقاطها؟

- وإذا سقطت حكومة المالكي، ماذا سيكسب التيار الصدري؟ عندهم خمس ست وزارات في هذه الحكومة. البلديات والتخطيط والإعمار والإسكان والشؤون الاجتماعية والموارد المائية. فإذا لم تكن هناك خدمات، ومعروف أن الوزارات مسؤولة عنها، إذاً هناك تقصير في هذه الحكومة، فهو تقصير من قبل الوزراء الصدريين. وسؤالي للإخوة الصدريين هو أنهم إذا أسقطوا حكومة المالكي، ماذا سيكون الحل؟ إدخال البلد في أزمة. نقل البلد من السيّئ إلى الأسوأ، والذهاب إلى المجهول.

■ مضى نحو 8 سنوات على قيام العراق الحر ولا يزال الشعب من دون حدّ أدنى من مقومات العيش الكريم. لا ماء ولا كهرباء ولا استشفاء. قطاع تربوي في الحضيض وفساد مستشر من رأس الهرم إلى قاعدته. حديث عن فشل الأحزاب الإسلامية الشيعية في تولّي السلطة. أين أنتم من كل ما يجري وما هي توقعاتكم للمستقبل؟

- لأن ملاعين الوالدين منعونا من أن نقوم بشيء. عمليات إرهابية إلى عمليات قتل وذبح للشعب العراقي.

■ وما علاقة ذلك بالفساد الإداري والرشى وما إلى ذلك؟

- من هم الفاسدون. الفساد الإداري والمالي موجود لدى بقايا صدام حسين. لا يزالون منتشرين في كل مؤسسات الدولة، ومجرد أن تتحرّش بواحد منهم تقوم الدنيا عليك، الله أكبر: هذا استئثار بالسلطة، ونبذ الآخرين، وقتل حق الآخرين. هذا هو الوضع. مجرمون قتلوا نحو 70 عراقياً، بينهم نساء وأطفال، في عرس الدجيل، يخرج نائب رئيس وزراء ليدافع عنهم. أتعتقد أن القرارات بيدنا، بيد الشيعة؟ الحكومة هل هي حكر على الشيعة؟ أليست العراقية مشاركة فيها ممثّلة السنّة؟ وكذلك الأكراد؟ أليست المناصب الرئيسية موزّعة على الجميع؟ قال ألقيه في اليم وأقول له إياك إياك أن تبتل. ضعوا السلطة في أيدينا ونحن مستعدون لأن نحكم ونتحمّل المسؤولية.

■ كيف تصفون علاقتكم بحزب الله؟
- هدفنا واحد.



يؤكد العامري تأييده التحرك الشعبي الموجود في كل المنطقة العربية، على ألا تلتف عليه السعودية التي لا تعرف معنى للديموقراطية، وأميركا صاحبة الموقف المنافق، وتركيا حيث حقوق الأكراد منتهكة. وإذا كانت إرادة الشعب السوري التغيير، فنحن مع إرادة هذا الشعب من دون أموال السعودية وسلاحها وضغط وتدخلات من أميركا.