تتسارع التطورات التونسية المتعلقة بتركيبة السلطة المقبلة المنبثقة من انتخابات المجلس التأسيسي، مع تبلور صورة أولية أوحت بأن الحكومة الجديدة ستكون ثلاثية الأطرافأعلن حزب «النهضة» الإسلامي، الفائز الأول في انتخابات المجلس التأسيسي في تونس، بداية تبلور «نواة تحالف ثلاثي» يجمع حزبه بحزبي «المؤتمر من أجل الجمهورية»، و«التكتل الديموقراطي»، لتأليف الحكومة الجديدة، وهو ما أوحى به زعيم «التكتل الديموقراطي» مصطفى بن جعفر بنحو غير مباشر، بعدما سبقه إلى ذلك رئيس «المؤتمر» منصف المرزوقي. وقال زعيم «النهضة»، راشد الغنوشي، لوكالة «فرانس برس»، أثناء زيارته للدوحة، إن «نواة تشكلت لتحالف حكومي مقبل يتمثل في حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، بالإضافة إلى حزب التكتل الديموقراطي، وهو قابل للتوسُّع»، بما أن «المفاوضات لا تزال في بداياتها». وبشأن ما راج عن اعتراض حليفيه المرزوقي وبن جعفر على إدخال أي وجه من الحكومة الحالية في التركيبة الوزارية المقبلة، أجاب الغنوشي بأن «من الطبيعي أن يدخل كل طرف إلى المفاوضات بأجندة ليس بالضرورة أن ينتهي إليها». وشدد على أن «المجال الذي يستوجب البدء بالإصلاح الفوري في تونس هو القضاء الذي ينبغي أن يخضع لحوار وطني واسع يحدد مكامن إصلاحه». وأشار إلى أن حركته ترى أن المحسوبين على النظام السابق «ينبغي أن يُعاملوا كأفراد، بعيداً عن الانتقام الجماعي». وأضاف في هذا الصدد: «سنعمل على قاعدة المسؤولية الفردية، ومن ثبت أنه ارتكب جريمة، فأمره موكل إلى القضاء. أما البقية فهم مواطنون عاديون». وعن السياسة الخارجية التي تعتزم «النهضة» اتباعها، وما إذا كانت ستعطي الأولوية للتيارات الإسلامية الصاعدة في الدول المجاورة، طمأن الغنوشي إلى أن حكومته «سنتحدث مع دول لا مع تيارات سياسية؛ لأن للأحزاب علاقاتها وللدول علاقاتها والانتخابات نقلتنا إلى التفكير بمنطق الدولة ولم نعد نفكر بمنطق الحزب». وجدد التأكيد أنه سيعمل على أن تكون تونس «قريبة من النموذج التركي مع خصوصيات تونسية، على قاعدة نظام ديموقراطي إسلامي». وفي سياق متصل مع مواقف الغنوشي، جزم مصطفى بن جعفر الذي يتزعم «التكتل الديموقراطي»، ثالث قوة سياسية في المجلس التأسيسي مع 21 مقعداً، بأنه سيكون طرفاً في الحكومة المقبلة، داعياً إلى الحوار مع كل الأطراف في المجلس، وطارحاً نفسه «قاطرة» لقوى الوسط واليسار في الحكومة العتيدة. ورغم ذلك، نفى بن جعفر وجود أي تحالف ثلاثي مع «النهضة» ومع «المؤتمر». وبرّر الرجل قراره المشاركة في السلطة بأن ذلك «يعطينا إمكانات أفضل للتغيير ولنساهم في إعداد المرحلة المقبلة». غير أنه بدا متمسِّكاً لجهة طرح حزبه لحكومة مصلحة وطنية، لا ائتلاف وطني كما يطرح حزب «النهضة»، أو حكومة تكنوقراط وفقاً لطرح بعض الأحزاب اليسارية.
من جهة أخرى، رفض زعيم «التكتل» حكومة وحدة وطنية؛ «لأنها تعني جمع كل الأطراف، وهو ما سبق أن جرّبه الشعب التونسي بُعيد إطاحة (الرئيس المخلوع زين العابدين) بن علي وفشلت». وشدد على أن مؤهلات حزبه تجعل منه «قادراً على أن يكون قاطرة لجميع القوى التقدمية من الوسط واليسار».
(أ ف ب)