بقلق وترقُّب، تتابع إسرائيل الانتخابات المصرية. قلق دفعها إلى إطلاق حملة دبلوماسية هدفها عدم تكرار الخطأ الذي ارتكبته واشنطن حين تخلّت عن الرئيس المخلوع حسني مبارك، قبل عشرة أشهر، من خلال إحاطة حكم المجلس العسكري بدعمٍ غربي يحفظ صلاحياته ويحول دون ممارسة الضغوط عليه من أجل نقل السلطة إلى المدنيين. وذكرت صحيفة «معاريف» أمس أن وزارة الخارجية الإسرائيلية نقلت في الآونة الأخيرة رسائل إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية رئيسية مفادها أنه «يجب الحفاظ على الجنرال (حسين طنطاوي) والامتناع عن أعمال تضعف صلاحياته وصلاحيات الجيش السلطوية». وقالت الصحيفة إن تحرك الدبلوماسية الإسرائيلية يأتي على خلفية المعارضة الشديدة التي يلقاها رئيس المجلس العسكري الحاكم، المشير طنطاوي، وانطلاقاً من التخوف على مكانته، مشيرة إلى انتقادات حادة وجّهتها محافل سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى ضد البيت الأبيض الذي دعا يوم الجمعة الجيش المصري إلى نقل صلاحياته إلى حكومة مدنية في أقرب وقت ممكن. ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن «الولايات المتحدة تكرّر خطأها الذي ارتكبته في بداية الثورة في مصر حين دعت مبارك إلى التنحي عن الحكم، فالانتقال المتسرع (في السلطة) وإجراء انتخابات حرة مبكرة جداً من شأنه أن يؤدي إلى صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم». ووفقاً للمصدر نفسه، فإن «هذا خطأ جسيم يزيد أكثر فأكثر عدم ثقة الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط بها». وبحسب «معاريف»، فإنّ وزارة الخارجية الإسرائيلية تعمل من خلال سفاراتها في فرنسا وألمانيا وبريطانيا على نقل رسالة عنوانها الامتناع عن اتخاذ إجراءات يمكنها أن تهزّ المبنى السلطوي في مصر، ومن شأنها أن تؤدي إلى حرب أهلية قد تصل آثارها إلى الدول الأوروبية. كما أشارت إلى أن وزارة الخارجية تعتبر أنه في إطار هذه السياسة الإسرائيلية، يجب الامتناع عن القيام بأية خطوة عملية قد تستفز الشارع العربي، ويمكن أن تشعل النار في الشرق الأوسط. وربطت الصحيفة بين هذا التوجه الإسرائيلي وبين قرار رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تأجيل هدم جسر المغاربة في الحرم القدسي الذي كان مقرراً مساء السبت الماضي، لافتةً إلى تقارير إعلامية إسرائيلية بهذا الخصوص تحدثت عن رسائل تحذير مصرية وأردنية من أنّ تنفيذ الهدم من شأنه أن يحرف وجهة التظاهرات في ميدان التحرير باتجاه إسرائيل، كما أن من شأن ذلك إطلاق موجة اضطرابات في أرجاء الأردن.
وفي السياق، نقلت «معاريف» تصريحات للسفير الأميركي السابق في تل أبيب، مارتن إنديك، أعرب فيها عن تخوفه من أن يكون الرئيس باراك أوباما يخاطر بتعريض علاقات واشنطن بالجيش المصري للخطر، مشيراً إلى أن هذا الجيش بقي على مدى 30 عاماً «الواقي الأساسي لمصلحة أميركية هامة في الشرق الأوسط»، هي اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. وفي مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، قال إنديك، الذي يشغل حالياً منصب مدير السياسة الخارجية في معهد «بروكينغز»، إن «ما نفعله هو أننا نقول للجيش المصري إذا كنت تعتقد أن بوسعك أن تواصل الحفاظ على قوتك، فإننا لا نعتزم دعمك في ذلك. نحن نريد أن تلعب مصر دور ولّادة الديموقراطية، لا دور الطغمة العسكرية». ورأى إنديك أن هذه استراتيجية خطيرة «وذلك لأن الرابح الأكبر من هذا هم الناس الذين لا يتقاسمون معنا بالضرورة المصالح ذاتها، أي الإسلاميين الذين من شأنهم ألا يكونوا ملتزمين باتفاق السلام كالجيش».