وصلت أولى طلائع مراقبي الجامعة العربية إلى دمشق، أمس، للتحضير لعمل زملائهم الذين سيرأسهم الجنرال السوداني محمد أحمد مصطفى الدابي ابتداءً من نهاية العام الجاري، في ما بدا أنه سباق بين عمل البعثة العربية من جهة، وجهود الدول الساعية إلى تشديد الخناق على دمشق في مجلس الأمن من جهة أخرى، وسط استمرار تأكيد المعارضة سقوط القتلى، لكن بوتيرة أقل مما سجل في اليومين الماضيين في قرى إدلب خصوصاً. وقال مساعد الأمين العام للجامعة العربية، وجيه حنفي، إن فريقه وصل إلى سوريا أمس بسلام. والبعثة التي وصلت إلى دمشق، هي مجموعة أولى تضم 11 خبيراً ومسؤولاً عربياً من أصل نحو 150 برفقة موظفين اداريين وأمنيين لتحديد هيكلية عمل الفريق الذي سيزيد عدد أعضائه لاحقاً، يقودهم الأمينان العامان المساعدان لنبيل العربي، سمير سيف اليزل ووجيه حنفي، وسيعملون على «تيسير عمل بعثة المراقبين العرب مع الجانب السوري في موضوع التجهيزات لاستقبال البعثة» بحسب اليزل. وتابع أن الوفد سيقوم بعمل «بعض الترتيبات لاستقبال البعثة على الأرض من ناحية الإقامة والمواصلات والاتصالات والتأمين خلال انتقالات أعضاء البعثة وتحديد الأماكن التي ستقوم بزيارتها في كل المدن والمناطق السورية». بدوره، أشار العربي إلى أن رئيس بعثة المراقبين، الفريق أول الدابي، سيصل غداً السبت إلى دمشق. وأوضح أن وفد بعثة المراقبين «سيجري مباحثات مع كافة المسؤولين السوريين لترتيب جميع التفاصيل الخاصة بالبعثة التي تضم مراقبين مدنيين وعسكريين عرباً فقط». وتابع أن «مهمة البعثة هي التحقق من تنفيذ الحكومة السورية لتعهداتها بموجب خطة العمل العربية وتوفير الحماية للمدنيين العزل، والتأكد من وقف كافة اعمال العنف من اي مصدر كان، والافراج عن المعتقلين بسبب الاحداث الراهنة». وأضاف أن المهمة تنص على «التأكد من سحب وإخلاء جميع المظاهر المسلحة من المدن والأحياء السكنية التي تشهد حركات احتجاجية، والتحقق من منح الحكومة السورية رخص الاعتماد لوسائل الاعلام العربية والدولية، والتحقق من فتح المجال امامها للتنقل بحرية في جميع انحاء سوريا وعدم التعرض لها». ولفت إلى أن «حماية البعثة هي مسؤولية الدولة المضيفة، وهذا أسلوب متّبع في جميع مناطق العالم». وعلى صعيد آخر، كشف أن الجامعة العربية ستتلقى في 26 كانون الاول الجاري «مقترحات من المعارضة السورية حول رؤيتها للمرحلة المقبلة»، ثم «تستضيف الجامعة العربية في الاسبوع الاول من كانون الثاني مؤتمراً موسعاً للمعارضة السورية».
وكانت وزارة الخارجية المغربية قد أفصحت أن الرباط قررت إرسال وفد «رفيع المستوى» إلى سوريا الأسبوع المقبل «لمدة غير محددة وفي اطار مهمة محددة جيداً»، للمشاركة في بعثة المراقبين. وقد أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمله أن يكون عمل بعثة مراقبي الجامعة العربية «موضوعياً ومنسقاً مع الحكومة السورية للمساعدة على وقف العنف في البلاد بسرعة وحل الأزمة من قبل السوريين من دون تدخل خارجي».
غير أنّ بدء عمل المراقبين سيقابله المتظاهرون المعارضون للنظام، اليوم، بشعار «بروتوكول الموت رخصة مفتوحة للقتل»، فيما بدا أنه ترجمة لموقف «المجلس الوطني السوري» المعارِض من توقيع سوريا على بروتوكول المراقبين، على اعتبار أنه «مناورة لكسب الوقت»، بموازاة دعوته مجلس الأمن والجامعة العربية إلى الانعقاد في جلسة طارئة على خلفية تطورات اليومين الماضيين في إدلب التي يقول المعارضون إنها أودت بحياة ما لا يقل عن 250 شخصاً.
وفي نيويورك، كانت قاعات مجلس الأمن الدولي تحتضن اجتماعاً على مستوى الخبراء في إطار المفاوضات الجارية حول مشروع القرار الروسي بشأن الأزمة السورية. وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن باريس تتوقع «تقدماً حاسماً» من الاجتماع. وأكد المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو أن «اجتماعاً أول للخبراء عقد أول من امس، وسيعقد اجتماع جديد اليوم (امس) في نيويورك نرى أنه سيشكل مناسبة لإحراز تقدم حاسم»، لافتاً إلى أن باريس «تنتظر من روسيا أن تستخدم كل نفوذها لتحقيق تقدم سريع في المفاوضات»، وهو ما أعربت عنه كل من ألمانيا والولايات المتحدة أيضاً.
وكانت القيادة السورية قد بعثت برسالة إلى الأمم المتحدة، أمس، أوضحت فيها أن نحو 2000 رجل أمن سوري قتلوا منذ بدء الأزمة السورية منتصف آذار الماضي. ورأت الرسالة السورية أن «مفوضة حقوق الإنسان وما يسمى بلجنة التحقيق الدولية قدمت تقارير مضللة تناولت أوضاع حقوق الإنسان في سوريا بشكل مسيس وغير مهني وانتقائي وغير موضوعي وبشكل يتماشى مع أجندات دول تريد تدمير سوريا والتدخل العسكري فيها بدعوى حماية المدنيين».
في هذا الوقت، استأنف حكام أنقرة حملتهم الكلامية على نظام الرئيس بشار الأسد، إذ نقلت وكالة أنباء الأناضول عن بيان لوزارة الخارجية التركية أن «الإدارة السورية تواصل اللجوء إلى العنف رغم توقيعها على بروتوكول (المراقبين)، وهو ما يثير قلقاً جدياً حيال النية الحقيقية لهذه الإدارة».
ميدانياً، أكد «المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارض مقتل 19 شخصاً أمس، بينهم 12 مدنياً في حمص وإدلب ودرعا، في مقابل 6 جنود نظاميين في حمص وإدلب أيضاً. وعن هذا الموضوع، أفادت صحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية بأن «الجيش السوري الحر»، المكوّن من جنود منشقّين عن الجيش النظامي ومدنيين انضموا إلى صفوفه، «نقل المعركة إلى مشارف دمشق، وأخذت قوته تزداد في ضواحيها»، بحيث بات لديه «ما يصل إلى 2000 رجل يديرون عمليات في العاصمة وحولها، ومهمتنا هي حماية المتظاهرين والمدنيين». وقالت الصحيفة إن هؤلاء هم ضباط منشقون تحدثت معهم من دوما في ريف دمشق.
(أ ف ب، سانا، يو بي آي، رويترز)