سمير يوسفليس في الفم ما خلّفته محاولة الحبّ الأخيرة. كلّ شيء يترهّل في المحيط. قبل أن يرحلوا، يوضّب بعضُ البشر الأوكسيجين ويحملونه معهم، كمن يوضّب الفاكهة في أكياس إيكولوجيّة، بترتيب ودراية وصمت. حتى الآن، لا يزال كلّ شيء على السطح. وحولي، بشر يتكاثرون مثل طفيليّات أو مثل برغش مزعج، يريد العلاقة ولا يريد. وما دام كلّ شيء لا يزال على السطح، وفي الفقاعات الفارغة حتى من الهواء، قد يكون كلّ شيء مباح، في أيّ لقاء. أقول «قد» لأنّ السّر لا يلتجئ إلى غير أداة شرطية. هكذا، نجتاز الجدران مجدّداً كموجات صوتيّة، ونتحصّن، فلا نعود نسمع كلمة الخيانة، أو غيرها من الكلمات والمعاني التي يحويها قاموس جهنّم. ولكن، فرضاً وقعنا في هذا اللُّحم المكسور الذي يثقلنا، فرضاً زلّت قدمانا بين أيادينا، بين خصرك وكتفي، فرضاً نمنا واستفقنا في السرير الخامد بتعرّق أجسادنا المنهكة، هل سيقال عن هذه المأساة إنهّا مأساة؟ أنا ما أردتُ أن أوكّل جاسوساً شعوري وسفينتي، ظنّاً منّي أنني صائم 24 ساعة في اليوم، ولو زلقت، أكون فقط قد غصتُ في إفطار آخر من «جزمة» الحبّ نفسها. أحضر تأبين الفقاعة وأنام أنا والأسف على طرف السجادة ـــــ تماماً عند «الشراشيب»ـــــ نبكي ونعول ولا أحد يصيح أنّ الفراش تبلّل. فهم ليسوا هنا. كلّهم في تأبين علاقتي الأخيرة، هناك تحت شجرة عظيمة في عاصمة أوروبيّة. على أيّة حال، وحده الميْت يستطيع أن يشهق، وحده الميْت لا يشعر بالحرّ.