كامل جابرغدت حكاية نفايات مدينة النبطية ومنطقتها مثل حكاية إبريق الزيت. لا تكاد تنتهي، حتى تبدأ من جديد. وآخر أزماتها، امتناع الشركة المكلّفة جمعها، شركة الجنوب للخدمات والمقاولات، عن القيام بعملها منذ 3 أيام، حتى تراكمت في شوارع المدينة والبلدات المنضوية في «اتحاد بلديات الشقيف».
أهالي كفررمان استفاقوا أمس على أصوات مكبّرات الصوت تعلن «أنّ معضلة النفايات من مسؤولية الشركة المتعاقدة مع اتحاد بلديات الشقيف، وبالتالي فهي من مسؤولية الاتحاد. إننا نعمل بشتى الوسائل المتاحة لحل هذه المعضلة في أسرع وقت ممكن». أمّا بلدية النبطية، فقد لجأت إلى حل الأزمة، بأزمة ثانية، قضت بتجميع النفايات في قطعة أرض شرقي المدينة، وتقوم إحدى الجرافات بطمرها، كحل مؤقت سرعان ما سيتفاعل مع تزايد كمية النفايات. وقد تداعى أمس جميع رؤساء بلديات الاتحاد إلى اجتماع استمرّ زهاء ثلاث ساعات، لم يحضره رئيس بلدية كفرتبنيت، أدهم طباجة. الاجتماع لم يخلُ من مشادّات، إذ إن هناك عدداً من رؤساء البلديات وافق على أن يدفع الاتحاد جزءاً من المبلغ الذي تطالب به بلدية كفرتبنيت للشركة المعنية.
رئيس بلدية كفررمان كمال غبريس علا صراخه في الجلسة وخرج ليقول لـ«الأخبار»: «أنا منسحب من الجلسة، وعمليّة جمع النفايات كذب ونفاق». ووصف رئيس إحدى البلديات ما يجري داخل الجلسة بـ«الشوربة». أما رئيس بلدية النبطية الفوقا راشد غندور، فردّد أكثر من مرة: «الاتحاد السابق أورثنا هذه المشكلة، وهي ورثة وسخة». واتهم رئيس بلدية أرنون فواز قاطباي الشركة «بممارسة عملية ابتزاز واضحة». وقد قال هذا الكلام في حضور مدير الشركة علي عياش، وأردف: «من واجب الشركة تأمين المكب، وهذا من ضمن دفتر الشروط، وما جرى من عملية تصويت منذ قليل في جلسة الاتحاد، لمصلحة أن يتحمل الاتحاد جزءاً من المبلغ الذي تطالب به بلدية كفرتبنيت، صار بالإكراه، لأن الصرخة علت في بلداتهم، واستغلت الشركة الأمر لممارسة عملية ابتزاز».
رئيس الاتحاد محمد جابر، خرج قبل انتهاء الاجتماع. وعلمت «الأخبار» أنّ سبب خروجه هو «عدم التصويت على قرار لست مقتنعاً به، أنا لست موافقاً على تحميل الاتحاد أية مبالغ مالية إلا في الوجهة الصحيحة». ويشرح المشكلة بالقول: «هناك إصلاحات استباقية تطرحها بلدية كفرتبنيت، التي يقع المكب الحالي في أراضيها، هناك من يريد أن يحمّل الاتحاد تكاليف هذا الأمر. وفي آخر المطاف أنا ملزم بالحل الذي توافق عليه الأكثرية في الاتحاد». ويلفت إلى أن الشركة المعنية «لا تقوم بواجبها على ما يرام، هناك اتفاق قانوني مع الاتحاد يجب أن يأخذ مجراه، وقد جرت سابقة قام بها رئيس الاتحاد الأسبق، أدهم جابر، عندما قاضى الشركة، ونحن قد نلجأ إلى هذه الخطوة إن بقيت المشكلة عالقة».
من جهته، يشير مدير الشركة علي عياش إلى أن «رئيس بلدية كفرتبنيت هو الحلقة الأقوى في المشكلة. هو يطالبنا بدفع مبلغ مئتي مليون ليرة، كخطوة استباقية لحماية المكب. هناك مباحثات كانت جارية شارك فيها أكثر من 6 رؤساء بلديات لتوزيع النفقات بين الجميع، أن يتحمل الاتحاد نحو 50 مليون ليرة، والشركة 25 مليون ليرة، وبلدية كفرتبنيت 25 مليون ليرة، لكن رُفض الأمر». وأكّد أن الشركة ستجتمع مجدّداً مع رئيس بلدية كفرتبنيت «لأنه لا يجوز أن يتحمّل أهلنا أعباء هذه المشكلة».