وفيق الهواريفي طريقك إلى جزين من صيدا، وبعد أن تمرّ بـ«عبرا الجديدة»، تجد لوحة تشير إلى منعطف عند يسار الطريق يؤدي إلى عبرا الضيعة التي ما إن تدخلها حتى تلاحظ فوارق كثيرة. من الطريق المعبّدة جيداً التي تزيّنها أحواض الزهور والورود من الجانبين، إلى البيوت الجديدة أو المجدّدة بعد عودة أهاليها إليها، إلى الشوارع النظيفة جداً... على الرغم من ذلك، تبدو القرية شبه خالية من السكان، إذ تكاد الحركة تنعدم فيها.
قد يكون السبب أن المقيمين في البلدة من أهلها لا يتجاوز عددهم الـ700 من أصل نحو ألفين، وهم يمثّلون نسبة 10% من مجموع المقيمين في نطاق عبرا. إذ يقول رئيس البلدية إيلي مشنتف إن نحو 20 ألف مواطن يسكنون في نطاق عبرا «90% منهم صيداويون».
هذا الأمر يُعدّ أبرز الاستحقاقين اللذين يواجهان عمل بلدية صيدا: التعامل مع المقيمين من جهة، وحلّ مشكلة البناء على أراض تابعة للبطريركية من جهة ثانية. ويختار مشنتف أن يعرض للمشكلة الثانية بصفتها أولوية، وخصوصاً مع اتساع حركة البناء. يقول: «الهمّ الأساسي الذي يواجهنا حالياً هو معالجة نتائج إعادة الإعمار والبناء وتسوية أوضاع البيوت، وخصوصاً أن المالك الأساس في القرية هو البطريركية». لذلك يعمل على «إنجاز مشروع إفراز العقار الرقم 180 التابع لبطريركية الروم الكاثوليك ومصلحة التعمير لتمليك الأهالي الذين شيّدوا منازلهم على هذا العقار بعد عودتهم من التهجير».
وفي الإطار نفسه تندرج مشاريع أخرى منها «العمل على إصدار قانون يخفض الرسوم أو يمنح إعفاءات ضريبية للمهجرين لتشجيعهم على تسوية أوضاع الأبنية المخالفة لقانون البناء التي جرت بعد العودة إلى القرية. والمساهمة في إعادة جر مياه الليطاني إلى القرية بعد الأضرار التي لحقت بالشبكة في خلال فترة الحرب».
أمور يوليها أهالي البلدة أهمية، كما يقول صاحب أحد المحال إيلي مشنتف «بيقولوا بدهم يحفروا بئر ارتوازي، ويقفلوا مكب النفايات أرجو أن يوفقوا بأعمالهم وخصوصاً حلّ مشكلة بيوت التعمير وإنجاز إنشاءات وفرز للبيوت مع أخذ الجانب الإنساني بعين الاعتبار».
وعن العلاقة مع المقيمين في النطاق العقاري لبلدية عبرا، يحاول رئيس البلدية التهرب من السؤال مرتين لكنه يعود ويقول: «نلبي احتياجاتهم إذا طلبوا ذلك، ونرسل إليهم يومياً خمسة عمال لتنظيف الشوارع».
هذا ما يقوله أيضاً خير الدين الحريري، المقيم في عبرا الجديدة: «تقتصر خدمات البلدية على إرسال فريق عمال تنظيفات لكنس الشوارع 3 أيام أسبوعياً. وإذا احترقت لمبة نتصل فترسل من يستبدلها. هذه هي خدمات البلدية للمنطقة وماذا نريد أكثر من ذلك؟». وعند سؤاله عن حالة الطرق الداخلية في عبرا الجديدة، يقول: «آخر مرة زُفّتت الشوارع عام 1992 عن طريق وزير الأشغال نديم سالم وليس عن طريق البلدية والآن الشوارع بحاجة إلى إعادة تزفيت».
لكنّ للدكتور عبد القادر الدقور رأياً آخر، إذ يشير إلى قانون البلديات بوصفه مكمن الخلل في العلاقة بين البلدية والأهالي: «لأن القانون الحالي لم يلحظ العلاقة مع المقيمين في البلدات والقرى الذين هم أكثر عدداً من أهالي البلدة أو القرية»، مضيفاً «المشكلة تكمن في أن اهتمام المجلس البلدي لعبرا منصبّ على الضيعة ويقدّم لها كل الاحتياجات، فيما سكان عبرا الجديدة الذين يقدّمون كلّ واجباتهم لا يحصلون على 50% من المردود الخدماتي الذي يفترض أن يحصلوا عليه بالمقارنة مع عبرا الضيعة». ويلفت: «إذا راجعت البرنامج الانتخابي للائحة التي نجحت، لا تجد فيه أي إشارة لوضع المقيمين، وكذلك برنامج اللائحة المنافسة، إنها برامج موجهة إلى زبائن محدودين يحق لهم الانتخاب وإيصال أعضاء جدد إلى المجلس البلدي».
ويقترح الدقور حلاً يقوم على إيجاد «قنوات تواصل بين ممثلين من المقيمين والمجلس البلدي. وهذا يتم عبر مؤسسات أهلية أو عبر القوى السياسية والاجتماعية الموجودة في المنطقة... وهذا في انتظار تعديل قانون الانتخابات البلدية بما يتيح الانتخاب حسب السكن».