تابع طلاب كلية السياحة في الجامعة اللبنانيّة تحرّكهم الاعتراضي، أمس، على تخريج وزارة السياحة أدلّاء سياحيّين، فالتقوا الوزير، ووصفوا النتائج بالمرضية
أحمد محسن
الأعصاب مشدودة جداً، فالطلاب في مكتب وزير السياحة فادي عبود. الوزير، إيجابي، رجل علم وعقل، ويُتوقع منه التجاوب. بالتأكيد، هو ليس على علمٍ بما آلت إليه شؤون الكلية، وإلا لكان تحرك فوراً. الأعصاب مشدودة وطلاب كلية السياحة في الجامعة اللبنانية قلقون على مستقبلهم المهني، لكنهم رددوا العبارات المادحة للوزير عبود، أملاً أن يسحب حل قضيتهم النائم في أحد أدراج الوزارة. التحرك الطالبي هو الثاني من نوعه خلال ثلاثة أيام. فثمة من «يشارك» طلاب السياحة شهاداتهم بطريقة لا يرونها «شرعية». ولهذه الأسباب، وجدوا أنفسهم، أمس، في مكتب الوزير.
الأزمة قديمة. والاعتصام الأول في بئر حسن، كان ضد جهة واحدة: الوزارة. كانت الأخيرة متهمة بإعداد دورات تدريبية لتخريج أدلّاء سياحيين. هنا، للوهلة الأولى يبرز لغط واضح. ثمة تضارب مع الوظيفة الأساسية لكلية السياحة، وخصوصاً أن متخرّجي دورات الوزارة لا علاقة لهم بالكلية. أكثر من ذلك، فإن الطلاب أكدوا أن انطلاقتهم إلى عملهم، لا تكون إلا بعد توقيع الوزير شخصياً على طلباتهم بعد تخرجهم. طلبات لا تزال، منذ العام الفائت، عالقة في الوزارة بلا تواقيع. تالياً، أصحابها بلا عمل، على الأقل في مهنتهم الرئيسية التي أجازت لهم الجامعة اللبنانية امتهانها. أما المرشدون الجدد، فأفضل حالاً.
ورغم أن المعلومات لا تشير إلى تورط مسؤولين محددين في إعادة فتح معهد الإدارة السياحية، وعودته إلى تخريج المرشدين، إلا أن رائحة «المحسوبيات» تفوح، كما يعتقد بعض الطلاب. واجهوا الأمر نفسه في 2003، فانتفضوا، لأن إعادة العمل بهذا المعهد تعني إغلاق قسم الإرشاد السياحي في الجامعة اللبنانية نهائياً، إذ سيفضّل أي طالب «مدعوم» دراسة شهرين فقط، والحصول على إفادة عمل جديدة. وهذه المعطيات كلها، تناقض الهدف الأساسي من إنشاء القسم في الجامعة، نظراً لأهميته الأكاديمية لناحية تخريج طلاب على معرفة واسعة بالأصول السياحية، لكون السياحة في لبنان مزدهرة إلى ما شاء الله، والمرشد، يجب أن يكون مدرباً بما يكفي لتحسين صورة البلاد، وإذا قلنا إنها جميلة وخضراء أصلاً، كما يزهو البعض، فالمرشد السياحي يجب أن يدرس جيداً على وظيفته، كي لا يفسد مهمته، ولهذه الأسباب، كان تأسيس كلية السياحة في 1997. لكن الأمور الآن، مع هذه الدورات، تجري على الطريقة اللبنانية التقليدية: «التشبيح».

الوزير تفهّم مطالبهم ووعدهم بحلول سريعة
يتذرع أصحاب الدورات بإتقانهم اللغات الجديدة، كالفارسية والروسية مثلاً، للتعجيل بتخريج ناطقين بهذه اللغات. يستغرب الطلاب هذه المعطيات، فليس على علمهم أن الإيرانيين والروس يحجّون سيّاحاً إلى لبنان. أكثر من ذلك، يستغربون الطريقة «الملتوية» بتدريس المواد، فإذا كان هناك من حاجة إلى هذه اللغات، فالطلاب جاهزون لدراسة أي شيء في مناهجهم. الأمور تحصل بطريقة عكسية، هم يدرسون مواد مختلفة ومتنوعة، يتحدثون ثلاث لغات أساسية، ويقومون بثماني رحلات سنوياً، لكنهم ليسوا مرشدين سياحيين في نظر الدولة! هذا إذا استثنينا أن طلباتهم للعمل، رغم تخرجهم من الجامعة، غير موقّعة من الوزير حتى الآن، علماً بأنها بحاجة إلى تجديد كل عام.
السياحة على الأبواب، ولا بد من قرابين كرمى لعيون الزوار الكرام. بدأ طلاب الجامعة الوطنية حملة الصراخ منذ أسبوع، كي لا يكونوا أولها. وبالفعل، لم يخيّب الوزير عبود أملهم. نقلوا عنه استياءه من الطريقة التي كانت تجري فيها الأمور، ووعدهم بإعداد مشروع إلغاء مرسوم تنظيم الإرشاد السياحي A 5598 الصادر عام 1970، وتقديمه إلى مجلس الوزراء، إضافة إلى طلبه منهم إعداد لائحة بالمتخرّجين الجاهزين للعمل، بالتنسيق مع الجامعة اللبنانية، ليوقّع على طلبات عملهم بأسرع وقت ممكن.