تنتشر أجنحة 54 نشاطاً تعبيرياً للأطفال في مجمّع سيد الشهداء بالضاحية الجنوبية، في «المحترف الفني للأنشطة التعبيرية» الذي تنظمه كشافة المهدي للمرة الثانية. حضرت فكرة المقاومة في الأنشطة، ويتوقع المنظمون أن يبلغ عدد الزوار 100 ألف
محمد محسن
سيتحول مجمّع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، خلال الأيام الـ11 المقبلة، إلى عالم مخصص لاكتشاف مواهب الأطفال. ففي «المحترف الفني للأنشطة التعبيرية» الذي تنظمه كشافة المهدي للمرة الثانية، يحتاج الزوّار إلى ساعات ليعبروا جميع الأجنحة وعددها 54، ليكتشفوا مواهبهم الكامنة، على مستوى النشاطات التعبيرية. ليس من اختصاصيين لتوجيه الطفل «فهو متروك لحريته لنرى أين تكمن مواهبه. اشترطنا على المدارس أن لا توجّه تلاميذها، بل تتركهم ليظهروا مواهبهم، وهذه هي الغاية التربوية للمحترف»، كما يقول مفوض بيروت في كشافة المهدي عمار جواد.
يلفتك ازدحام الأطفال في جناح الرسم على الوجوه، فكل منهم يحب تقمّص شخصية ما، قبل انطلاقه نحو الأجنحة الأخرى. هكذا، ينتظر مهدي أخته «زوزو» حتى تنتهي من رسم الورود على وجهها، ليتسنّى للرسامة جعل وجهه كوجه النمر. وعلى مقربة من جناح الرسم على الوجوه، مكتبة ممتلئة بقصص الأطفال. لكن للقراءة شروطها: فعلى كل طفل أن يقرأ القصة، ومن ثم تكون مهمته تلخيصها أمام المسؤولة عن المكتبة. أغرى زيّ الحكواتي الطفل محمد هزيمة، فاعتمر طربوشه الأحمر في غرفة تشبه الديوانية العربية، وبدأ بقراءة «مغامرات السيدة سوسو» على مسامع رفاقه. في جناح الذكاءات المتعددة، تراقب المرشدة الكشفية طفلةً تعجز عن تركيب الأشكال الهندسية في مكانها. تتركها حتى تقفز الحيرة من عينيها، قبل أن تتدخل وتسألها عن ألوان الأشكال، في محاولة لإعادة ثقة الطفلة بنفسها. تضرب المرشدة مثلاً عن تناقض الصحو والمطر، يكون كفيلاً بإرشاد الطفل عباس كركي لوضع الصور المتناقضة وجهاً لوجه. علمياً، خصّص المنظمون جناحاً كبيراً لمختبر العلوم على أنواعها. يقف أطفال ليجيبوا عن أسئلة ترتبط باختلاط الزيت بالماء، أو بتفاعل المواد الكيميائية مع بعضها، قبل أن يتلقوا شرحاً عن جسم الإنسان عبر مجسّم يوضح تفاصيله.
تنوّع الأجنحة يوصلك إلى غرفة التدبير المنزلي المجاورة لجناح الموسيقى الكشفية. هناك، يرفع محمد كنعان لحاف التخت تمهيداً لإعادة ترتيبه أمام عيني والدته. أما ابنتها التي تكوي الثياب، فهي بحسب الأم «شاطرة كتير بس أكتر وحدة بتخرّب بالبيت». انتقالاً إلى الموسيقى، لا يؤدي المرشدون أي دور تعليمي، هم فقط يضبطون إيقاع العزف المبتدئ لهواة الموسيقى من الأطفال. وفيما يحسن هيثم عزف اللحن الكشفي على «الدرامز»، لم يحسن كريم تنفيذ هذا اللحن عبر البوق، احمرّت وجنتاه وابتسم، وفر هارباً نحو جناحين ضخمين خُصصا للتسلق وللقفز بالحبال «الرابيل». ضحك كريم من طفل يرتفع صوته بالصراخ خوفاً من النزول من أعلى «الجبل»، طالباً فرصةً لعرض مهاراته. وبالفعل، تسلّق 11 متراً في 4 دقائق وهي مدّة قياسية لطفل عمره 10 سنوات. وبعيداً عن «الرابيل» وقسوته، اختارت طفلة شقراء اسمها سنا الزهراء فستان العروس، وخرجت من كوخ الملابس إلى المسرح. على الخشبة كان أخوها بانتظارها مرتدياً ثياب «نحول». لم تكن سنا طمّاعة في المسرحية، فطلبت منه إحضار العسل، وبعدما ذهب لجلبه بيديه الصغيرتين، ذاقته ووجدته لذيذاً وقالت: «بدي بعد عسل يا نحول». بدا واضحاً لجميع من رأى سنا أنها موهوبة في التمثيل، وخصوصاً أن الحوار والدور اللذين أدّتهما كان ارتجاليين ولم يلقّنها أحد إياهما. للترفيه حصتّه. ألعاب جديدة وكثيرة لا تخلو من العنف «لتوجيه الأطفال نحو عدوهم»، كما تشرح إحدى المندوبات. ألعاب إلكترونية ويدوية، أقبل عليها الأطفال بشغف. هكذا، يحمل حسين بندقية الطابات الملونة ويلطّخ وجه الجندي الإسرائيلي بطلقاتها، فيما تستجمع ملاك قواها لتصيب وجه إيهود أولمرت في جناح «رمي الجمرات»، الذي يحاكي أحد مناسك الحج. وقبل أن ينهي الأطفال زيارتهم، يمرّون على جناح مليء بالطيور، قبل أن يتعرفوا إلى ترشيد الاستهلاك، وما يفيدهم من الغذاء وما يضرّهم، فضلاً عن جناح الزراعة، حيث لكل طفل أرزة يتعلم زراعتها والاعتناء بها حتى تنمو في العام المقبل.


جال حسن كامل شعيثاني (الصورة) على غالبيّة أجنحة «المحترف الفني للأنشطة التعبيرية». برع في أداء دور الحكواتي، واستهواه الحديث مع المندوبة في جناح المختبر العلمي، وشارك في جناح التربية، حيث جلس مع أطفال آخرين، مستمعاً إلى طفل تقمّص دور
أستاذه وقلّده




ليس علي بصل (الصورة) جديداً على العزف الموسيقي. فحين طلبنا منه العزف على «الدرامز»، قَبِل التحدي وعزف باحتراف. وشارك علي في جناح التلفزيون وقرأ خبراً عن أسر المقاومة لجنود إسرائيليين، ونال هديّة بعدما سجّل ثلاث كرات في كرة السلة




وثيقة

يوم الموهوبين


تحت شعار «ممنوع الخروج بلا هدية» خصص «المحترف الفني للأنشطة التعبيرية» قلعةً للهدايا، يأخذ كل طفل منها حصّته بعد قيامه بأكثر من 20 نشاطاً. وسيخصّص اليوم الختامي للموهوبين الذين ينالون بطاقة «موهبة»، حيث سيتاح لهم المكوث طوال النهار في الأجنحة وتنمية مواهبهم التي برزت خلال مشاركتهم في المحترف.