لن ينتخب طلاب الجامعة اللبنانية مجالس طالبية قبل العام المقبل، ما أدى إلى تمديد ولاية المجالس الحالية. هكذا، يقرأ الطلاب حركة مجالسهم بحذر شديد، متطرقين إلى دور السياسة في الجامعة
زينب صالح
مثّل خبر تأجيل الانتخابات الطلابية إلى العام المقبل خيبة أمل عند بعض الطلاب، وعند بعض ممثليهم في مجالس الفروع. فالتأجيل فرض تمديد صلاحية المجالس المنتخبة منذ عامين، وهو الأمر الذي يرى فيه بعض الطلاب تنافياً مع حقّهم في اختيار ممثليهم. وسط هذه الأجواء، يسأل الطلاب عن إنجازات تلك المجالس في مجمع الحدث. المسؤول الإعلامي في كلية العلوم، عباس نور الدين، يستبق الحديث عن إنجازات للمجلس. «يقوطب» على الطلاب الذين يطالبون بإنجازات أصلاً، إذ يرى أن «المجلس هو صلة الوصل بين الطلاب والإدارة ومهمته المطالبة بحقوق الطلاب، والاعتراض على البنود التي لا تتناسب مع مصالحهم».
في المقابل، يتوقع الطلاب أعمالاً أخرى من المجالس، تبدأ من مساعدتهم أثناء التسجيل، مروراً بإقامة الدورات قبل امتحانات الدخول، والتواصل مع الطالب الناجح، إضافة إلى تنظيم الرحلات والدورات الرياضية أثناء العام الدراسي. أما «الإنجازات» خلال العامين الماضيين فتفاوتت. وبما أن كلية العلوم تحوي العدد الأكبر من الطلاب في المجمع، يُتوقَع أن يكون مجلسها هو الأكثر فعالية. عن تلك الفعالية، يتباهى نور الدين بأن «المجلس استطاع تأجيل تثبيت الامتحان الجزئي هذا العام بعد جلسات عدة مع الإدارة، فضلاً عن إقامة معرض الوظائف job fair لطلاب المجمع، العام الماضي، بالتعاون مع مجلسي الإدارة والهندسة». في رأي نور الدين، يحاول المجلس تنمية «مواهب» طلاب المجمع عبر إقامة مسابقات تكتشف قدراتهم، كمسابقتي الأدب والشطرنج، اللتين أقامهما اللقاء الثقافي فيه، فضلاً عن تمويل نشاطات النادي العلمي. علي عيسى، رئيس مجلس طلاب الفرع في الكلية عينها، يقول إن المجلس «أمّن قاعة الإنترنت الكبيرة في الكلية، وزوّد غرفة التصوير فيها بالآلات اللازمة لاستيعاب أكبر عدد من الطلاب». ثم يقفز عيسى إلى الشق الأكاديمي متحمساً، فيشير إلى تمكن المجلس منذ عامين من إلغاء قانون 30/100 حداً أدنى للعلامة التي تؤهل خوض الدورة الثانية.
عيسى كان يرغب بحدوث انتخابات هذا العام «كي يتمكن الطالب من التعبير عن حقه الديموقراطي القانوني في اختيار ممثليه». وفي رأيه، بقاء الطلاب الفائزين في الانتخابات الأخيرة على مقاعدهم، ليس صائباً تماماً، فبعضهم تخرّج وبقي متابعاً لشؤون الطلاب وبعضهم أوكل مهماته إلى أحد زملائه في المجلس.
يتوقع الطلاب من مجالسهم خدمات أبعد من الدفاع عن مصالحهم
في كلية الحقوق والعلوم السياسية، يجري الأمر بطريقة مشابهة، فالمجلس يعيّن طالباً بديلاً من الطالب المتخرج «بالتزكية». وبحسب محمد علوية، عضو مجلس طلاب الفرع، المجلس الحالي، يحدد الطالب الكفوء لتولي المهمات. ويتحدث علوية عن إقامة مجلس «الحقوق» دورات تقوية للطلاب في اللغات الأجنبية، علاوة عن الرحلات الترفيهية. في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال الأمور في مقلب آخر. المجلس هناك «حقق إنجازات مهمة على الصعيد المطلبي»، بحسب محمد أبو شز، رئيس المجلس الحالي. انشغل طلاب الاقتصاد وإدارة الأعمال بالمطالبة بتطبيق نظام الـLMD بالتعاون مع باقي الفروع، الذي طبق العام الماضي. وطالب المجلس بتوصيف المواد، الأمر الذي يجري العمل عليه هذا العام. يضيف محمد: «لا تزال هناك مطالب عالقة كالممرات الشتوية التي طالبنا فيها بالتنسيق مع مجالس الحدث إلا أننا لم نحصل على نتيجة إلى الآن».
كلية الهندسة في وادٍ آخر. أطلق طلابها أخيراً مجلة Eureka الأولى من نوعها في المجمع الجامعي بالحدث، علماً بأنهم لا يتطرقون إلى تفاصيل إضافية في هذا الموضوع. طلاب الهندسة هادئون إجمالاً. أما في كليات الطب العام وطب الأسنان والصيدلة فكثيرون من الطلاب لا يعرفون معنى «مجلس طلاب الفرع»، بسبب غياب المجالس وتأليف هيئات طلابية عوضاً عنها، بسبب انشغال الطلاب بالدرس وتعليقهم النشاطات السياسية داخل هذه الكليات. أما مجلس فرع الطلاب داخل كلية الصحة العامة، البعيدة تقريباً عن «أجواء» المجمع، فيقيم المجلس هناك، كل عام، «يوماً صحياً» لطلاب المجمع، يجري فيه الفحوصات والتبرع بالدم فضلاً عن معاينة المرضى من الطلاب مجاناً.
يخيّم التنافس بين الأحزاب السياسية داخل الكليات. الأمر له إيجابياته على الطلاب، في رأي علوية (الحقوق)، الذي يقول: «تنافس الأحزاب على كسب رضى الطلاب، يجعلها تقدم العديد من الخدمات في فترة التسجيل وأثناء العام الدراسي». من جهة أخرى، فإن ارتباط الانتخابات الطالبية بالأسس السياسية يحول دون عمل بعض الطلاب في المجلس «لأن الطالب الذي يشعر بأنه أقلية داخل المجلس لن يعمل بالشكل المطلوب»، يضيف علوية، وهذا ما يحوّل بعض حقائب العمل إلى حبر على ورق، بحسب قوله. هكذا، يتضح دور السياسة المتداخل مع الحياة الأكاديمية. وفي الأساس، تأجيل الانتخابات، أو حدوثها، لا يحصلان إلا بتوافق سياسي، كما بات معلوماً لدى الجميع، إذ إنها أجّلت بسبب التوتر السياسي الحاد في البلاد، الذي انعكس سلباً على الحياة الطالبية، وكذلك الأمر، عادت بعد عودة التوافق، على أمل أن يكون عوداً أحمدَ.


في العلوم: «عملنا قربى إلى الله»