رشا نجدي أَستعيد ما حدث، وأفكر: ما الذي يدفع الناس إلى كل هذا الغضب بعد الخسارة في مباراة كرة قدم؟ شاءت الصدفة أن أكون في القاهرة يوم المباراة الفاصلة في السودان، وشاءت أن تكون إحدى الجارات، جزائرية، تعيش في مصر منذ فترة. كانت خائفة في هذه اللحظة من المصريين الغاضبين، فقد «شوّه» الإعلام كل شيء. وعقّدت المبالغات الموقف، فحاولت صديقتي الجزائرية مع أصدقاء لها من مصر والجزائر تفادي «الفتنة».وفي أحد شوارع القاهرة، لمست التوتر. كنا نلف كوفياتنا الملونة حول رقابنا: حمراء لحيدر العراقي، بيضاء وسوداء لكريم الفلسطيني، أما أنا، فوضعت كوفيتي السوداء. في شارع عدلي، كان الشبان المصريون، أشقاؤنا، يشتمون الجزائريين، الذين هم أشقاؤنا أيضاً. شعرت بالحيرة أمام صديقين، بلداهما محتلان. ثلاثتنا قادمون من شوارع مفخخة، فلم يستوقفنا الغضب الذي رأيناه، بل آلمنا وحسب.
مصر كلها تتحدث عن الجزائر. في التاكسي، السائق غاضب لما حصل بعد المباراة، وما حصل من «إيذاء للمصالح المصرية في الجزائر». في محل الصرافة عبّر رجل عن انزعاجه «لأن العرب لم يحركوا ساكناً». رأى في الأمر أزمة. رحاب، التي تحضّر «الحلاوة»، قالت: «شوفتي اللي حصل؟»، هي أيضاً مستاءة. وفي العرس، كان طالب المسرح يتحدث مع مهندس الصوت عن الموضوع نفسه. وفي سهرة أخرى، علم أحد الحاضرين أني لست جزائرية، فاستفاض في عرض «الأحداث المأساوية» التي حدثت للمصريين. انشغلت مصر بالهزيمة، وكانت حالة «الطوارئ» حقيقية، في تلك الساعات القليلة التي تلت المباراة.