القاهرة ــ عمر سعيد خلال أكثر من خمسة وسبعين يوماً، عاش الشارع المصري أحد أكثر انفعالاته مرارةً. ترجمت هزيمة المنتخب المصري لكرة القدم أمام نظيره الجزائري باعتبارها إهداراً للكرامة الوطنية، لم تستردها البلاد سوى بعدما أخذ المنتخب بالثأر مع انتزاعه كأس الأمم الأفريقية.
خلال هذه الفترة، مرّت أحداث جسيمة: في الصعيد، قُتل سبعة أقباط ليلة الميلاد، وحتى الآن لم تقدّم أجهزة الدولة أي جديد لأسر الضحايا. كذلك، انتزعت السيول عشرات المنازل، قتلت وشردت المئات.
وأثناء انشغال الرأي العام ووسائل الإعلام بتعدّي الجمهور الجزائري على بعض المصريين في الخرطوم، أحكمت أجهزة الدولة الحصار على قطاع غزة. لم تكتفِ بعزل القطاع وراء الجدار الفولاذي، بل نصبت الشباك حول المياه الإقليمية المقابلة له لتقطعها عن سكانه، بينما كلّلت جهودها الفلسطينية بالتلميح في اتهام حركة حماس بالتوّرط في تنظيم «إرهابي» مصري، كما اعتقلت أجهزتها الأمنية أحد القيادات الأمنية في الحركة دون أي توضيح، أثناء وجوده مع والده للعلاج في أحد مستشفيات مصر.
يوم ردّ «الساجدون» على «البربر» بأربعة أهداف، قطع شباب الدويقة الطريق السريع في منطقتهم لساعات طوال احتفالاً بالثأر «المقدّس». كان مشهداً مستعاراً من آخر لم يحدث. ففي تلك المنطقة، انهالت عام 2008 صخور جبل المقطم على أكثر من خمسمئة مواطن في بيوتهم. بالأمس، عندما حمل عمالقة المنتخب كأس الأمم الأفريقية، وفي أحد شوارع القاهرة الرئيسية، وقف الشباب المبتهج مخدراً بالنصر. اعترضوا طريق سيارة إسعاف تطلق نداءها بفتح الطريق. مريض يتألم، وسائق يصرخ لإغاثته وشاب لا يتزحزح واقفاً وتحت قدميه علم الجزائر، بينما يرفع بيده العلم المصري. كان انتصاراًَ مريراً!