زغرتا ــ فريد بو فرنسيسيروي الزغرتاويون قصة عن أحد الولاة العثمانيين، الذي كان آتياً مع جيشه من الشام باتجاه طرابلس وحاصرته الثلوج في بلدة إهدن فحلّ ضيفاً على أهلها. وفوجئ الوالي عندما علم أن الأهالي يقطنون إهدن، التي ترتفع نحو 1400 متر عن سطح البحر، صيفاً وشتاءً، في ظلّ ظروف حياتية قاسية وصعبة، فقرّر إعطاءهم أرضاً ساحلية، لكي يقطنوها شتاءً، تُعرف اليوم بزغرتا، التي ترتفع نحو 330 متراً عن سطح البحر. تكشف هذه القصة الثنائية السكنية التي يعيشها أهالي زغرتا منذ مطلع القرن السادس عشر، أي «عندما تملّك أهالي إهدن أراضي في مدينة زغرتا وأصبح لهم موطئ قدم في المناطق الساحلية»، وفق ما يوضح المسؤول الإعلامي في بلدية زغرتا، محسن أ. يمين. يضيف أن بلدية زغرتا، منذ إنشائها عام 1889، كانت مهمتها مزدوجة بين إهدن الجبلية وزغرتا الساحلية، حيث تنقسم حياة المواطنين بين هاتين البلدتين على مدار العام، ومعظمهم يملك منزلين، واحد جبلي لقضاء عطلة الصيف، وآخر ساحلي لتمضية فصل الشتاء. ميزة تمثّل عبئاً على بلدية زغرتا ــــ إهدن، التي يتوجب عليها توفير الخدمات الحياتية والإنمائية للبلدتين كاملة، ما يجعلها تبدو مقصرة في بعض الأحيان. يشير المواطن يوسف الكوسا إلى مشكلة البنى التحتية «التي تحتاج إلى المزيد من الاهتمام لأن زغرتا توسعت عمرانياً من دون أن تتوسع شبكتا المياه والمجارير فيها». وفيما يشيد الكوسا بزينة الأعياد، ومثله يفعل ميلاد دويهي، إلا أن هذا الأخير يرى أنه «كان في إمكان البلدية أن تعمل بطريقة أفضل لجهة جمع النفايات». أما حنا بوصالح فيرى أن البلدية كان عليها أن تولي الاهتمام الأكبر لتنظيم السير في زغرتا وإهدن، «الازدحام لا يحتمل، وخصوصاً في مواسم الأعياد، صحيح أن تخطيط الطريق لجهة إيقاف السيارات كان خطوة جيدة، إلا أنه لا يكفي للتخفيف من الازدحام الذي يجعل المواطن يمضي أكثر من ساعة بين العقبة والعبي».
يستمع رئيس البلدية العميد جوزيف المعراوي إلى الانتقادات، إلا أنه يؤكد قيام البلدية بجهد كبير لتأمين الخدمات في «المدينتين الصغيرتين»، كما يسميهما. يقول: «العمل البلدي متواصل في زغرتا وإهدن بالوتيرة نفسها، وإن كانت الأخيرة تتطلّب عملاً إضافياً، وخصوصاً في موسم الشتاء حيث تحصل أعطال كثيرة على صعيدَي الإنارة وشبكات المياه»، مشيراً إلى توسع الخدمات مع تمدّد الوحدات السكنية، «ما زاد من الخدمات المطلوبة من البلدية».
لذلك، يلفت المعراوي النظر إلى المشكلة الرئيسية التي تواجه عمل البلدية، والمتعلقة بمستحقاتها من الصندوق البلدي المستقل، التي انخفضت «على نحو جائر من دون أي مبرر». ويقول: «إذا كان هناك انتقام سياسي من البلدة فليس من الضروري أن يكون الانتقام من الشعب. لكننا على الرغم من ذلك تمكنّا من الاستمرار في عملنا ولو لُبّيت حاجات البلدية كما هو مفترض لكنا قمنا بالعديد من المشاريع التي نحن بحاجة إليها».
ويكشف المعراوي أنه لفت نظر وزير الداخلية والبلديات إلى أن بلدية زغرتا «تقوم بمهمات مدينتين، ورغم ما يترتب عليها من أعباء حيال ذلك، فهي تتقاضى مستحقاتها من الصندوق البلدي المستقل على أساس مدينة واحدة، مطالبين بإنصافنا، ووُعدنا خيراً».
وُعد المعراوي أيضاً بالموافقة على اقتراح تقدّم به لإعفاء الأهالي من الغرامات المتوجبة عليهم: «تقدّمنا باقتراح إلى وزير الداخلية والبلديات بإعفاء الناس من الغرامات التي ترهقهم، وأبدى تجاوباً معنا وأرسل كتاباً إلى وزارة المالية، ونحن نأمل أن يتحقق هذا الطلب رأفة بالناس وبالبلديات». ويشير إلى تحسّن في الجباية «ونحن نراعي الأوضاع المادية للمكلفين ولا نشهر السيف بوجههم لأنهم أبناء هذه المدينة ونحن نحس معهم ونشعر بوجعهم».
ورداً على الانتقادات التي توجه إلى المجلس البلدي عن تمييز في المعاملة بين مناصري الفريق السياسي الذي ينتمي إليه ومناوئيه، أكد المعراوي: «نحن منذ انتخابنا أطلقنا شعار أننا لكل زغرتا وسنعمل لكلّ أبنائها بالتساوي والحق، وقد وفينا بهذا الوعد وبشهادة الجميع».